لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كارل ساجان: ليس بالاكتشافات وحدها يُعرف العلماء

09:22 ص الأحد 09 نوفمبر 2014

كارل ساجان الفلكي الأمريكي

كتب- محمد منصور:

تُعرف دائرة المعارف البريطانية العَالِم بكونه الشخص الذى انخرط في النشاط المنهجي لاكتساب معرفة ما، وتقول إن ذلك الشخص قد يكون خبيرًا في منطقة واحدة من العلوم أو أكثر ، وتشير الدائرة إلى أن اللفظ يُطلق على الشخص الذى قام بإجراء أبحاث تُمكن الإنسان من فهم أكثر للطبيعة بشقيها المادي والرياضي، غير أن ''كارل ساجان''، الفلكي الأمريكي، والعَالِم الفذ، أضفى على اللفظ تغييرًا كبيرًا، فمساهمته في العلم تتعلق بنشره، لا تطبيقه.

''ساجان'' المولود فى مثل هذا اليوم، 9 نوفمبر، من عام 1934 أضاف للعلم الكثير والكثير، ليس باكتشافاته، وإنما بقدرته على تعميم المعارف الخاصة وتبسيطها وإيصالها فى قالب جذاب ومثير للجمهور العام، فقبل ''ساجان'' اقتصر التعامل مع العلم على الخاصة، العلماء في معاملهم والباحثين في أروقة الجامعات، غير أن الرجل، وعلى رغم من منصبه الأكاديمي المرموق، تمكن من جعل العلم فى متناول الجميع.

ولد ''كارل ساجان'' في حي ''بروكلين'' بولاية نيويورك الأمريكية لأبوين روسيين، كان والده يعمل في مصنع للملابس، وتعلم ''كارل'' في مدارس الولاية ثم التحق بجامعة ''شيكاجو'' ليحصل على الدكتوراة فى علوم الفلك والفيزياء الفلكية عام 1960، ليتجه للعمل بمرصد ''سيميثونيان'' بولاية ماساتشوستس، وأثناء عمله، كان يُلقى محاضرات بجامعة ''هارفرد'' فى مجال الفيزياء الفلكية، ثم انتقل إلى جامعة ''كورنيل'' ليصبح رئيسًا لقسم الكواكب ونائبًا لمدير فيزياء الراديو وأبحاث الفضاء.

وبحسب ما جاء في مقدمة كتاب ''ساجان''، المُترجم للعربية، تحت عنوان ''رومانسية العلم'' والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، فإن ''كارل ساجان'' واحدًا ممن قادوا برنامج الفضاء الأمريكية، فقد عمل مستشارًا لوكالة ''ناسا'' وكان من ضمن مهامه العديدة اعطاء التعليمات النهائية لرواد الفضاء قبل رحلتهم الأولى إلى القمر على متن مركبة الفضاء ''أبوللو''.

تُعد اسهامات ''ساجان'' العلمية قليلة، مقارنة بما فعله في مجال نشر العلوم، إلا إنها تبقى علامات بارزة فى مجال الفيزياء الفلكية، فقد كانت أبحاثه حجر الزاوية فى اكتشاف ارتفاع درجة حرارة كوكب الزهرة، وكان هو أول من تنبأ باحتمالية وجود محيطات من مركبات سائلة على سطح قمر كوكب زحل المعروف بأسم ''تيتان''، كما ساهم فى حل لغز الضباب الأحمر الموجود على سطح نفس القمر، وأثبت أن الغلاف الجوي لكوكب الزهرة بالغ السخونة والكثافة، كما كان أحد أكثر المؤمنين بوجود حياة خارج كوكب الأرض.

بجانب أبحاثة العلمية، عمل ''ساجان'' كمحرر تكنولوجيا رئيسيًا لدى مجلة ''إيكاروس'' المتخصصة في علوم الكواكب، كما شارك في تأسيس الجمعية الكواكبية وهى أكبر تجمع من المهتمين بالفضاء على مستوى العالم، وساهم، مع زميله ''فرانك ديرك''، فى كتابة أول رسالة رداوية فضائية تبث لسكان العوالم الأخرى لتخبرهم بوجود مخلوقات عاقلة على كوكب الأرض، اهتم ''ساجان'' بالأجسام الطائرة المجهولة، ودعا للكشف عن كل المعلومات المتوافرة حول هذا الموضوع، غير أنه برغم إيمانه العميق بوجود مخلوقات ذكية فى مكان ما من الكون، إلا أنه شكك كثيرًا في احتمالية وجود زيارات من كائنات عاقلة أخرى لكوكب الأرض، وقال إن احتماليتها ضئيلة للغاية، فلا توجد أدلة قوية على زيارات قام بها غرباء سواء في الماضي أو الحاضر.

لم يكن ''ساجان'' بمنأى عن السياسة، ففي غمار الحرب الباردة، انشغل بتوعية الجمهور بأخطار الحرب النووية، عندما أوضح من خلال نموذج رياضي ابتكره أن المناخ سيتأثر بشده حال نشوب حرب نووية بين القوتين العظميتين، وهو الأمر الذى سيجعل على الحياة على كوكب الأرض مستحيلة.

برغم اسهاماته الأكاديمية، إلا أن شهرته الأساسية جاءت من قدرته على ترويج العلم والدعاية له، فقد تمكن ''كارل ساجان'' من إقناع صاحب محطة تليفزيونية بإنتاج برنامج ''الكون'' سنة 1980، وهو البرنامج الذى شاهده نحو 600 مليون شخص حول العالم في أكثر من 80 دولة، الأمر الذى جعله أنجح برنامج في التاريخ، كما قام بنشر نحو 600 بحث علمي، مبسط ومعقد، ليُلقى بالضوء على علوم الفلك وارتباطها بحياة الإنسان على الكوكب الأزرق.

في عام 1996، وبعد صراع طويل مع مرض تليف نخاع العظام، توفى ساجان عن عمر ناهز 62 عامًا، وبعدها بشهور، حطت مركبة الفضاء، التي شارك في وضع برنامجها، ''باتفايندر'' على المريخ، لتقوم الولايات المتحدة بتغيير اسمها إلى ''محطة ساجان التذكارية'' تكريمًا لذكراه واعترافًا بمجهوداته التي ساهمت في إيصال وتبسيط العلم إلى عامة البشر.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان