إعلان

سجين "التي شيرت".. رحلة الخروج إلى النهار - (بروفايل)

11:02 م الثلاثاء 22 مارس 2016

كتب- محمد مهدي:
مُحملًا بالأمل، يخطو الشاب "محمود محمد"، المعروف إعلاميا باسم "معتقل التيشيرت" داخل محكمة جنوب القاهرة، ومن خلفه دعوات الأهل والمحبين والمهتمين بأمره، ومطالب المؤسسات الحقوقية المختلفة بالإفراج عنه، يدلف إلى إحدى الغرف، يقف في زاويتها، منتظرًا قرار المحكمة، قلبه يرتجف كأنها المرة الأولى، لم يهزمه ملل التكرار، القضبان لا تمنعه من النظر نحو القضاة بثقة المطمئن، "الكلبشات" تُعيق حركته لكن أصابعه متأهبة بعلامة النصر، متمنيًا الفرار من الدائرة المفرغة، قبل أن يأتيه الفرجّ بإخلاء سبيله بكفالة قدرها ألف جنيه بعد أكثر من عامين قضاهم في الحبس الاحتياطي.. حانت لحظة الخروج إلى النهار أخيرًا.

undefined
ساعات قليلة تفصل "محمود" عن "الأسفلت"، يعود من جديد إلى منزله بالقليوبية الذي تركه في نهار يوم 24 يناير 2014 مرتديًا "تي شيرت" مكتوب عليه "وطن بلا تعذيب" ملتحفًا كوفية ممهورة بـ "25 يناير"، برفقة صديقه "إسلام طلعت عبدالمقصود"، مر اليوم بعادية شديدة، غير أن طريق الرجوع حملّ له قدر لم يكن يتوقعه، لفت انتباه قوات الشرطة في كمين المرج ملابس الفتى الذي لم يتعدّ عمره الـ 18 عاما، واختاروا معاقبته بالحبس.

في قسم المرج؛ حُرر محضرا ضد "محمود" بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين فضلا عن التظاهر وقطع الطريق العام وتكدير الأمن، دهشة علت ملامح الشاب الصغير، بينما يدون رجال الأمن أحرازه وهي "التيشيرت" و"الكوفية"، ظن عندما اقتيد إلى الحجز أن هذا الكابوس سرعان ما سينتهي، غير أنه عرض على النيابة في اليوم التالي ولم يُفرج عنه، صرخ مستنجدًا بأمه بأن لا تُفلته من يديها لكنه عاد إلى القسم ليقضي 15 يوما، نُقل بعدها إلى سجن أبوزعبل بالقليوبية.

undefined
بعد نحو شهرين كانت الجلسة الأولى لـ "محمود" أمام محكمة جنح مستأنف، ثم توالت الجلسات، واحدة تلو الأخرى، تجددت مدة حبسه لفترات تتراوح مابين 15 أو 45 يوما، وأسرته "كعب داير" ورائه، تحاول إنقاذه من الأيام المرة التي يعيشها في السجون المختلفة التي يتنقل فيها، من أبوزعبل (6 أشهر) إلى الاستئناف (9 أشهر) ثم طرة، بينما ينفثّ هو عن أزمته في رسومات لأشهر الشخصيات الكرتونية، يؤكد أن الطفل بداخله لم يمت، رغم الأجواء القاسية التي يمر بها.


الأيام تمر، الأمل أوشك على النفاذ، الانتظار مُر، ومرض يعاود الهجوم على ساقه اليمنى، جمعيات حقوقية مختلفة داخل وخارج مصر تدعو الحكومة المصرية للإفراج عنه، نقابات عديدة مثل "الأطباء" تطالب بالإسراع لمحاكمة ناجزة لـ "محمود"، شخصيات عامة وأدباء يكتبون إلى الرئاسة للتدخل من بينهم الروائي إبراهيم عبدالمجيد، أسرته تجد منفذًا عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، لكن دون جدوى، يُجدد حبسه في كل مرة لأكثر من 30 جلسة دون العرض على المحكمة والكابوس يستمر.

undefined
يناير الماضي، أتم "محمود" عامه الـ 20 داخل السجن، عامين مرا عليه خلف القضبان، تحول الطفل إلى شباب يافع، تغيرت ملامحه، صار أنضج وأكثر رغبةفي الفرار من حياة السجن، وفي الخارج تسعى أسرته لذلك برفقة محاميه مختار منير، يواجهون قرار المحكمة بإحالة ورق القضية إلى نيابة أمن الدولة العليا في فبراير الماضي بغضب، ويناضلون من أجله في الجلسات المتبقة، حتى أتت لحظة النور المنشودة في الطريق المعتم، بقرار المحكمة بالإفراج عنه في القضية التي حملت رقم 715 لسنة 2014 إداري المرج.

فيديو قد يعجبك: