إعلان

"فسحة أمل".. قصص مفقودي الحرب اللبنانية

05:00 م الإثنين 28 مارس 2016

كتبت-دعاء الفولي:

الحرب تحصد كل شيء؛ تُخلف دمارا، وتورث الفقد لكل من رحل له قريب سواء بالموت أو الاختفاء. 17 ألفا هو عدد الذين اختفوا خلال الحرب الأهلية اللبنانية، المستمرة من 1975 وحتى 1990. وحين وضعت أوزارها كان الجميع بالكاد ينفضون عنهم جراحهم، إلا آل المفقودين، فقد اتسعت معاناتهم. لكنهم حافظوا على عهد المطالبة بمعرفة مصير ذويهم، بسببهم ظلت سيرة الفقد حيّة بالأذهان، ومعهم حاول آخرون تسليط الضوء على القضية، فتأسست جمعية "لنعمل من أجل المفقودين" التي يعمل أعضاؤها على جمع قصص المفقودين، وتكريم ضحايا الإخفاء القسري، من خلال عدة أنشطة ومنابر، منها موقع "فسحة أمل".

1

تبلورت فكرة الجمعية بعد أن قامت لجنة أهالي المفقودين بلبنان بالذهاب إلى البوسنة وزيارة النَصب التذكاري لضحايا الخطف والإخفاء هناك، حيث عبّر اللبنانيون عن إرادَتهم بوجود مساحة أو فُسحة يتذكروا ويُكَّرموا أحبائهم من خلالها، على حد قول جاستن دي مايو، مديرة الجمعية، والتي أضافت أن "الأهالي خافوا من إقامة نَصب تذكاري وطني تحت رعاية الحكومة اللبنانية، لأن ذلك سيُعطي السلطات عذرا لوقف البحث والتقصي عن مصير المفقودين كوسيلة لشراء سكوتهم".

جمعية "لنعمل من أجل المفقودين" استوحت فكرتها من عِدة مشاريع أقيمت في بلدان مُختلفة، مثل “Omid”والذي هو عبارة عن نصب تذكاري للدفاع عن حقوق الإنسان في إيران، و “Muro de la Memoria” في الأرجنتين. لذا كان موقع "فسحة أمل" المنبثق عن الجمعية، مساحة تفاعلية لرفع الوعي لدى الجيل الجديد من اللبنانيين وحثّهم على دعم القضية.

بدأ أعضاء الجمعية بجمع قصص المفقودين منذ عام 2014. إذ تواصلوا مع الأهالي لمعرفة ما إذ كانوا يرغبون أن يتحدثوا عن ذويهم وكان "الهدف هو التكلم عن القصص الشخصية للأشخاص المفقودين". ومع انطلاق موقع "فسحة أمل" في يناير 2016، سنحت الفرصة للعشرات من عائلات المفقودين بإضافة قُصص أحبائهم على الموقع بشكل مباشر.
2
لإطلاق الموقع تعاونت جمعية "لنعمل من أجل المفقودين" مع لجنة أهالي المفقودين في لبنان وجمعية SOLIDE التي تهتم بالمواطنين اللبنانيين المفقودين في سوريا.كما دعت الجمعية منظمات المجتمع المدني للانضمام إلى تلك المنصة وحتى الآن 16 منظمة أخرى قبلت الدعوة.

الاسم، السن، تاريخ الاختفاء، وصف الشخص، صورة إن وُجدت، وسياق الاختفاء؛ تفاصيل يسردها موقع "فسحة أمل"، يحررها الأهل دون تدخل من فريق العمل، وصل عدد الذين نُشرت قصصهم بالموقع إلى 115 شخصا، ورغم أن هذا العدد ليس كبيرا، لكن أصحاب الموقع أخذوا قرارا ألا يكون "فسحة أمل" مجرد منصة ترصد أرقاما، بقدر ما هو مساحة للتعبير، من خلال حكايات الأهل على الإنترنت أو عبر المقابلة من قِبل أحد المتطوعين.

50 شاب وشابة تم تدريبهم بالجمعية لاقتناص القصص من المصادر ونشرها على الموقع. وإذا كان الهدف الأساسي من وجود الجمعية هو الحديث عن المختفين، فذلك لا ينفي اهتمامها بالتحقيق في اختفاء المفقودين، ولذلك أطلقت مشروع بحثي بالتوازي لجمع المعلومات عن حالات الاختفاء، يسعى إلى إكمال "بيانات ما قبل الاختفاء-أو ما قبل الوفاة- التي تم جمعها من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC ) وجمع وتحديد المواقع المحتملة للمقابر الجماعية في لبنان. وحتى الآن تم اكتشاف العديد من البقايا البشرية عن طريق الصدفة في مواقع البناء أو المواقع الأثرية، كما أن باحثي الجمعية يجمعون المعلومات من المصادر المفتوحة ومن خلال مقابلات تُقام مع الضحايا ومع رجال الميليشيات السابقين ومع الشهود.

3

لم يدّخر الأهالي جُهدا للبحث عن ذويهم، غير أن معظمهم أصابه الضجر وضعف الثقة في أن حديثهم سيغير شيئا عقب تلك الأعوام، ولعل الإحباط الذي أصاب الأهالي هو أصعب ما يواجهه آل الجمعية، بالإضافة لصعوبة الوصول أحيانا  لأهل المفقود والتواصل معهم، على حد قول مديرة الجمعية.

تعليقات الأهالي وملاحظاتهم إيجابيّة سواء على فكرة الموقع أو الجمعية، بعضهم لم يتحدث عن اختفاء ابنه بشكل علني من قبل، وهو ما يحاول آل الجمعية التركيز عليه من خلال الدعم النفسي "نحاول تخفيف العزلة العاطفية التي يعيشها الأهالي ونشجعهم بشكل وجهد جماعي بتذكر احبائهم" حسب تعبير "دي مايو"، حيث يقوم أحد المعالجين النفسيين من خلال جلسات عدة بابتكار أنشطة مرحة ومبتكرة تهدف إلى تغذية النفس ورعايتها لتكون أقوى "كما تم تدشين لوحة تذكيرية في الحديقة العامة في صور ولوحة فسيفساء تذكيرية في الحديقة العامة في جبيل. وستتم مبادرة من هذا النوع أيضا في مدينتي طرابلس وبيروت".

4

فيديو قد يعجبك: