2014.. محنة الإخوان الجديدة
كتب- محمد قاسم:
''البقرة لما بتوقع سكاكينها بتكثر'' هذا المثل استخدمه المؤرخ محمد سيد عشماوي استاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة في وصف حال جماعة الإخوان بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي في 3 يوليو 2013.
سقطت الجماعة دويا بعد عاما من حكمها الأول الذي كانت تنتظره منذ نشأتها في 1928 وعملها طوال قرابة قرن من الزمان بشكل سري إلى العمل القيادي، وسقط معها كل شيء وكثرت سكاكينها وظهر ذلك جليا خلال عام 2014.
مصراوي رصد أبرز الضربات التي تلقتها جماعة الإخوان خلال عام 2014 بشكل موجز، وهو ما عدته الجماعة بمحنة جديدة مشابهة لمحنة الجماعة في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات.
فشل العودة
بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي في يوليو 2013، وجماعة الإخوان المسلمين من ورائه، تم طرح العديد من المبادرات للتصالح مع جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، وخرجت هذه الدعوات من سياسيون ذات سمعة جيدة أمثال الدكتور كمال أبو المجد والدكتور حسن نافعة، ومن شخصيات محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين مثل مبادرة النائب محمد العمدة، والدكتور جمال نصار، كان آخرها مبادرة الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح القيادي الإخوان المنشق، وبائت جميعها بالفشل.
وفور طرح المبادرات تجد جميع القوى والاحزاب المحسوبة على جبهة 30 يونيو تهاجمها وتستنكرها رافضة أي تصالح مع فصيل إرهابي - جماعة الإخوان المسلمين- كما ان الحكومة والسلطة لا تنظر إلى المبادرات المطروحة ولا تعطي فيها رأيا من الأساس فتفقد المبادرات المطروحة بريقها وتنسى.
ويقول الدكتور وحيد عبد المجيد إن مبادرات التصالح مع الإخوان تطرح في غير وقتها وفي غياب الظروف الملائمة لها ولذلك تنتهى بسرعة كما بدأت، مؤكدا أنه لا توجد مبادرة بالمعنى الدقيق لعدم وجود مقومات موضوعية للمبادرة في هذه المرحلة ولا يطرح سوى مجرد آراء أو اجتهادات شخصية .
واضاف عبد المجيد انه لا يمكن الحديث عن مبادرات جدية يمكن أن تحقق نتيجة إلا بعد ان تتخذ قيادة الإخوان خطوة أساسية من جانبها بإجراء مراجعات جذرية لأفعالها الإرهابية مشيرا الى ان الجماعة مازالت أسيرة لها رغم فشلها على مدى عقود طويلة وهى صياغة الجماعة.
وأوضح عبد المجيد أن الجماعة تقوم بكل شيء من عمل سياسي وديني ودعوي واجتماعي وتخلط الدين بالسياسة وتجعل الدين تجارة وتعمل من خلال تنظيم سرى مغلق مرتبط بتنظيم دولي عابر للحدود لا قيمة للوطن عنده، مشددا على أن هذا وضع غير طبيعي ويحول دون أي مبادرات يمكن أن تحقق نتائج قبل إنهاء هذا الوضع وإعلان قيادة الاخوان تخليها التام منه وانهاء التنظيم السرى المرتبط بالخارج.
تفكك تحالف الشرعية
أعلن عدد من الأحزاب التي انضوت تحت لواء جماعة الإخوان المسلمين لرفض اجراءات ما بعد 3 يوليو 2013 تحت مسمى ''تحالف دعم شرعية الرئيس مرسي''، عن انسحابها من التحالف الذين اعتبروا ''الاستمرار به خسارة كبيرة''.
وكان حزب الوسط أول المنسحبين من التحالف في أغسطس الماضي، وخرج ورائه حزب الوطن السلفي، ثم جاءت بعد ذلك انسحاب الجبهة السلفية التي خذلها الإخوان في دعوات التظاهر التي خرجت في 28 نوفمبر الماضي، وتلاها حزب الاستقلال الذي هاجم جماعة الإخوان بشدة قائلا أنهم لا يرتكزون إلا في نقطة واحدة هي عودة مرسي، وهم غير مشغولين بأي قضية أخرى إلا استعادة أوضاعهم في الحكم وفق نفس السياسات، ووفق نفس التفاهمات مع أميركا والاعتراف بإسرائيل.
ولم يبق مع الإخوان سوى الجماعة الإسلامية وسط تكهنات أيضا عن عزمها الانسحاب أيضا من التحالف وكذلك بعض الحركات الإسلامية والاحزاب الصغيرة.
وأكد أحمد بان، الباحث في شئون الجماعات والحركات الإسلامية، إن هناك العديد من القوى السياسية متحالفة مع مشروع جماعة الإخوان الذي يعمل ضد الدولة وعلى رأسهم تحالف دعم الشرعية، مؤكدا أن بعض المتحالفين مع جماعة الإخوان أدركوا ان التحالف قرار خطأ لانهم يدفعون مشروع إخواني لا علاقة بهم، موضحا أن جماعة الإخوان سفينة غارقة وبالأخص بعد تفكك تحالف دعم الشرعية.
هاربون خارج البلاد
سقوط الإخوان وأنصارها المدوي بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013، وفضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس، وإدراج الجماعة بعد ذلك كجماعة إرهابية في ديسمبر من العام ذاته، وحملة اعتقالات طالت قيادات الجماعة في ضربات متتالية إلا أن بعضهم تمكن من الهرب خارج البلاد.
استضافت دول تركيا وقطر - النظامين الحليفين لجماعة الإخوان المسلمين - أكبر عدد من قيادات جماعة الإخوان وأنصارها وقيادات بالجماعة الإسلامية ومن هناك اتخذوا منابر إعلامية لمهاجمة النظام والدعوات للتظاهر.
خلال عام 2014 زاد موضع قيادات الإخوان الهاربون في قطر سوءا خاصة بعد انتخاب المشير عبدالفتاح السيسي رئيسا بعدما زادت حدة الخلافات مع دولة قطر، ومن خلال علاقاته الوطيدة بأعضاء مجلس التعاون الخليجي تم دفع قطر لمحاولة إرضاء مصر بعدما قررت إبعاد 7 بارزين من أعضاء الإخوان عن أراضيها.
وفي تصريحات له الاسبوع الماضي، أفصح اللواء سيد شفيق مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة الامن العام، عن وضع 42 من قيادات جماعة الإخوان (المصنفة إرهابيا) على قوائم الإنتربول الدولي وإرسال أسمائهم في النشرات الحمراء، التي يتم إرسالها بصفة دورية، وأن هناك شخصيات بارزة ضمن الـ 42 شخصًا الذين تم وضعهم على قوائم الإنتربول بينهم الدكتور يوسف القرضاوي، والداعية وجدي غنيم.
وأكد على أن أجهزة الأمن مستمرة فى ملاحقة الخارجين عن القانون والمطلوبين لدى جهات التحقيق فى مصر وذلك بعد هروبهم خارج البلاد، وأنه تم مخاطبة الانتربول الدولي والتنسيق بشأن الهاربين والصادر بحقم احكام قضائية او اوامر ضبط واحضار على ذمة قضايا ارهابية والتحريض على العنف مشيرا الى أن الإنتربول سيعلن عن وضع أسماء أخرى بالنشرات الحمراء التي يرسلها بصفة دورية لملاحقة الهاربين بالخارج.
وبالتالي مصير القيادات الإخوانية إذا فكرت في العودة إلى مصر هو الملاحقة الأمنية.
ضربات الجماعة في الخارج
انقلب الربيع العربي الذي كان غلب عليه الطابع الإخواني وتلقى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين لضربات قوية بدأت بسقوط جماعة الإخوان المسلمين المدوي في مصر، وتصنيفها كجماعة إرهابية وكذلك في دول الامارات والسعودية.
وتهديدات الاقصاء التي طالتها في تونس والتي سحبت منها الهيمنة على السلطة هناك وجعلتها تخضع لتنازلات قاسية. وكذلك التهديدات التي تواجهها إخوان ليبيا على يد قوات قائد الجيش المتقاعد خليفة حفتر، وفي الأردن آخرها القبض على زكي بني أرشيد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن بعد تصريحات هاجم فيها دولة الإمارات.
الأحكام المغلظة
خلال عام 2014، تلقى قيادات جماعة الإخوان المسلمين وعدد كبير من الجماعة وأنصارها أحكاما وصلت إلى حد الإعدام الجماعي، والسجن مدى الحياة في ارتكاب أعمال عنف في أعقاب فض ّ اعتصامي رابعة العدوية وكذلك التظاهر وإعمال العنف والشغب.
وحصل مرشد الإخوان في مصر الدكتور محمد بديع على سلسلة من الإعدامات في قضايا عنف مختلفة من بينها أحداث المينا وأحداث قطع طريق قليوب وأحداث البحر الاعظم ولازال يحاكم في قضايا أخرى مثل اقتحام السجون والتخابر وسط توقعات وصول الاحكام إلى مدى الحياة والإعدام إلى جانب عدد من القضايا الأخرى.
ويقبع بحسب منظمات حقوقية مستقلة، آلاف من أعضاء وأنصار جماعة الإخوان داخل السجون في قضايا تتعلق بأعمال عنف والتظاهر دون ترخيص.
فيديو قد يعجبك: