السعودية في 2015: حرب ودماء في الحرم والحج وحلف عسكري غامض
تقرير – محمد مكاوي:
عام عصيب عاشه السعوديون، فأحداثه المتسارعة وتفاصيله الكثيرة لم يتعود عليها أبناء شبه الجزيرة العربية من قبل، الملك يتوفى في بداية العام، والإعلان عن حلف عسكري إسلامي مع نهاية العام وما بينهما من أحداث سياسية وعسكرية واقتصادية جعلت 2015 عاما فريدًا على المملكة العربية السعودية.
حروب خارجية وأحداث إرهابية بالداخل، حوادث كبرى في موسم الحج وقبله في الحرم المكي، تغيرات في هرم السلطة الحاكمة، عثرات اقتصادية بفعل هبوط أسعار خام النفط وارتفاع الفاتورة العسكرية.
وفاة عميد الدبلوماسية العالمية ووزير الخارجية الأمير سعودي الفيصل، كان الأبرز على الصعيد الدبلوماسي في عام شهد صراع وجدال مع الجار اللدود إيران، مع تفاقم الأزمة السورية واجتماعات فيينا والرياض.
وفاة الملك
مع الساعات الأولى من يوم 23 يناير، تلقى السعوديون والعالم أجمع، خبرًا عاجلًا أذاعه التلفزيون السعودي، مفاده إعلان الديوان الملكي السعودي وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، في الساعات الأولى من صباح الجمعة، وأن الأمير سلمان بن عبد العزيز تلقى البيعة ملكا جديدا للملكة العربية السعودية.
ودعا العاهل الجديد الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مبايعة ولي ولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز، وليا جديدا للعهد، وقد تلقى البيعة على ذلك.
عاصفة الحزم
بينما كان وزراء الخارجية العرب في طريقهم للاجتماع التحضيري للقمة العربية في شرم الشيخ؛ لمناقشة تطورات الأوضاع في فلسطين وليبيا وسوريا واليمن، فوجئ المواطنون والمسؤولون العرب، بإعلان الملك سلمان ببدء عملية عسكرية أطلق عليها "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن عند الساعة 12 ليلاً بتوقيت الرياض يوم 26 مارس الفائت.
وأعلنت عملية "عاصفة الحزم" أن أجواء اليمن منطقة محظورة، ويشارك في العملية 10 دول، من بينها دول الخليج.
ومازالت العملية العسكرية مستمرة إلى الآن، ولم تنجح سوى في تحرير مدينة عدن الجنوبية بينما تلقت هزائم وخسائر في المناطق الشمالية لليمن والتي يسيطر عليها الحوثيون وتحديدا تعز وصعدة ومأرب وصنعاء.
واتهم التحالف العربي العسكري لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية أكثر من مرة بقصف وقتل مدنيين يمنيين.
وتسببت العملية العسكرية في مقتل وجرح مئات الالاف من اليمنين فضلا عن نزوح الملايين من مناطق القصف والصراع، كما يواجه اليمنون نقص الغذاء والمياه والدواء في كثير من المناطق بسبب الحرب.
الأحفاد يحكمون
لم ينتهِ السعوديون متابعة عاصفة الحزم العسكرية في اليمن، حتى استيقظوا يوم الأربعاء 29 إبريل على حزمة من الأوامر الملكية والتي كان أبرزها تصعيد الجيل الثالث من الأرة الحاكمة (أحفاد الملك المؤسس)، إلى هرم السلكة، وذلك باختيار الأمير محمد بن نايف - البالغ من العمر 55 عاما - وليا جديدا للعهد خلفا للأمير مقرن بن عبد العزيز، وتنصيب نجل الملك، الأمير محمد بن سلمان، (البالغ من العمر 30 عاما) وليا لولي العهد، في خطوة وصفت بالمفاجأة الكبرى التي أخذت المتابعين للشأن السعودي على حين غرة.
كما تضمنت حزمة الأوامر الملكية إعفاء الأمير سعود الفيصل – البالغ من العمر 75 عاما - من حقيبة الخارجية التي يتولاها منذ 40 عاما – بناء على طلبه - ليحل محله عادل الجبير المقرب من العائلة الملكية السعودية والذي ظل يشغل منصب سفير بلاده في واشنطن.
رافعة الحرم المكي
قبل أيام من بدء موسم الحج، سقطت إحدى الرافعات الحديدة المستخدمة في مشروع توسعة الحرم المكي، على المصلين يوم الجمعة 11 سبتمبر، في الساعة الخامسة وثلاث وعشرين دقيقة مساءً، وخلفت نحو أكثر مئة قتيل وجرح ما يزيد هن 230 شصًا.
المتحدث باسم رئاسة شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الحديدة قال إن الرافعة سقطت بفعل الأمطار الغزيرة والعواصف الشديدة والرياح القوية، وأمر الملك سلمان بتشكيل لجنة تحقيق لمعرفة أسباب الحادث.
بعدأيام صدرت أوامر ملكية تضمنت صرف مبلغ مليون ريال لأهالي ضحايا الحادث، ومبلغ مماثل لكل مصاب بإصابة بالغة نتج عنها إعاقة دائمة، بالإضافة إلى مبلغ خمسمائة ألف ريال لكل من المصابين الآخرين.
ووجه العاهل السعودي بألا يحول ذلك دون مطالبة أي من هؤلاء بالحق الخاص أمام الجهات القضائية المختصة، كما قرر استضافة اثنين من ذوي كل متوفى من حجاج الخارج ضمن موسم الحج العام القادم، مع تمكين من لم تمكنه ظروفه الصحية من المصابين من استكمال مناسك حج هذا العام من معاودة أداء الحج العام القادم أيضا، ومنح ذوي المصابين الذين يتطلب الأمر بقاءهم في المستشفيات تأشيرات زيارة خاصة لزيارتهم والاعتناء بهم خلال الفترة المتبقية من موسم حج هذا العام والعودة إلى بلادهم.
وخلص تقرير لجنة التحقيق إلى انتفاء الشبهة الجنائية، وأن السبب الرئيس للحادث هو تعرض الرافعة لرياح قوية بينما كانت في وضعية خاطئة، وأن وضعية الرافعة تعتبر مخالفة لتعليمات التشغيل المعدة من قبل المصنع والتي تنص على إنزال الذراع الرئيسية عند عدم الاستخدام أو عند هبوب الرياح، وأنه من الخطأ إبقاؤها مرفوعة، إضافة إلى عدم تفعيل واتباع أنظمة السلامة في الأعمال التشغيلية، وعدم تطبيق مسؤولي السلامة عن تلك الرافعة التعليمات الموجودة بكتيب تشغيلها، بالإضافة إلى ضعف التواصل والمتابعة من قبل مسؤولي السلامة بالمشروع لأحوال الطقس وتنبيهات رئاسة الأرصاد وحماية البيئة وعدم وجود قياس لسرعة الرياح عند إطفاء الرافعة، بالإضافة إلى عدم التجاوب مع العديد من خطابات الجهات المعنية بمراجعة أوضاع الرافعات وخاصة الرافعة التي سببت الحادثة.
وأوصت اللجنة بتحميل المقاول (مجموعة بن لادن السعودية) جزءاً من المسؤولية عما حدث لما أشير إليه من أسباب وإعادة النظر في عقد الاستشاري "شركة كانزاس" ومراجعة أوضاع جميع الروافع الموجودة بالمشروع والتأكيد على توفير جميع متطلبات واحتياطات الأمان والسلامة فيها.
تدافع مشعر مِنى
لم تسلم المملكة من كارثة سقوط الرافعة الحديدة على المصلين في الحرم المكي قبل موسم الحج بأيام قليلة، حتى صدمت بفاجعة جديدة في موسم الحج نفسه، وذلك بسقوط الاف القتلى والمصابين من الحجاج جراء التدافع في أحد الشوراع بمشعر منى.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي، إن التدافع الذي حدث في مشعر منى يوم الخميس نتج عن تعارض حركة الحجاج، مؤكداً أن ولي العهد أمر تشكيل لجنة للتحقيق.
وقال التركي إن "الأسباب الظاهرة لوقوع حادث مشعر منى هي التعارض في الحركة عند تقاطع الشارعين 204 و223، وأن الشارع الذي وقع الحادث فيه ليس له امتداد إلى مزدلف".
وأوضح أن "ارتفاع درجات الحرارة ساهم في سقوط ضحايا".
ومن جهته، قال وزير الصحة خالد الفالح لقناة الإخبارية السعودية، إن "حادث التدافع حدث بسبب الازدحام، وأيضاً بسبب تحرك بعض الحجاج من دون اتباع خطط التفويج من قبل الجهات الأمنية والتعليمات الصادرة من وزارة الحج".
ونشبت أزمة دبلوماسية بين الرياض وطهران بسبب الحادث.
وكان الحجاج الإيرانيون هم الأكثر بين حصيلة القتلى والمصابين والمفقودين وتجازو عددهم أكثر من 400 حاج.
أعلنت المملكة العربية السعودية، الحصيلة النهائية للضحايا والتي بلغت وفاة نحو 769 حاجا بالإضافة إلى 934 جريحا نتيجة التدافع في أحد الشوارع بمشعر منى كان في اتجاههم إلى منطقة رمي الجمرات.
بينما قالت وكالة اسوشيتد برس الأمريكية، إن عدد ضحايا تدافع الحجاج في منى خلال الحج ارتفع إلى 2121 حاجًا، حسب تعداد جديد أجرته الوكالة.
التحالف العسكري الإسلامي
كما بدأت المملكة عامها بتحالف عسكري عربي، اختممت العام أيضًا بتحالف عسكري ولكن إسلام، وكعادتها منذ أن وصل الملك سلمان إلى سدة الحكم، خرجت المملكة العربية السعودية في وقت متأخر من الليل، لتعلن وبشكل منفرد، إنشاء تحالف عسكري إسلامي يضم 34 دولة لمحاربة على الإرهاب.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، أنه "صدر بيان مشترك بعد محادثات جرت خلال الأيام الثلاث الماضية يتضمن تشكيل تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب مقره الرياض. والدول المشاركة بالتحالف هي بالإضافة الى السعودية، كل من الأردن، الإمارات، باكستان، البحرين، بنجلاديش، بنين، تركيا، تشاد، توجو، تونس، جيبوتي، السنغال، السودان، سيراليون، الصومال، الجابون، غينيا، فلسطين، جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية، قطر، كوت دي فوار، الكويت، لبنان، ليبيا، المالديف، مالي، ماليزيا، مصر، المغرب، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، اليمن"، مضيفة أن "هناك أكثر من عشر دول إسلامية أخرى أبدت تأييدها لهذا التحالف وستتخذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن، ومنها جمهورية اندونيسيا".
ولكن مسؤولون من باكستان وماليزيا وإندونيسيا قالوا إنهم لم يوافقوا رسميا على الانضمام إلى التحالف.
ونقلت صحيفة "الفجر" الباكستانية عن وزير الخارجية عزيز تشودري قوله إن فوجئ بإعلان تشكيل التحالف، وإنه طلب من السفير الباكستاني في الرياض استيضاحا بشأن ذلك.
وقال الخارجية الباكستانية - في بيان - إنها "تنتظر تفاصيل إضافية لاتخاذ قرار بشأن مدى مشاركتها في أنشطة التحالف المختلفة".
وذكرت وزارة الخارجية الإندونيسية أنها لم تتخذ قرارا أيضا.
"ولا تزال الحكومة تنتظر لترى آلية عمل التحالف العسكري الذي شكلته السعودية"، بحسب ما قاله المتحدث باسم وزارة الخارجية آرماناثا ناصر لصحيفة "جاكرتا بوست".
وأعرب وزير الدفاع الماليزي هشام الدين حسين عن دعمه للتحالف لكنه استبعد أي مشاركة عسكرية من جانب بلاده.
وقال: "المبادرة السعودية لا تشمل أي التزام عسكري."
وقبل أيام وتحديدًا مع نهاية نوفمبر، خرج السناتوران الأمريكيان جون ماكين وليندسي جراهام من بغداد، ويؤكدان ضرورة توفير قوة من 100 ألف جندي معظمهم من "الدول السنية" لقتال تنظيم داعش.
ورحبت الولايات المتحدة الأمريكية بتشكيل التحالف العسكري الإسلامي، وقال وزير الدفاع الأمريكي، أشتون كارتر، إن التحالف الذي تقوده السعودية يتمشى مع دعوات الولايات المتحدة لدور سني أكبر في قتال مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وسبق أن طلبت المملكة العربية السعودية، تأجيل اجتماعا لوزراء الدفاع والخارجية العرب لإقرار برتوكول القوة العربية المشتركة الذي أعده رؤساء الأركان العرب بعد 3 اجتماعات عقدوها بالقاهرة، وذلك قبل يوم واحد من عقده دون إبداء الأسباب.
وكان مشروع برتوكول القوة العربية المشتركة ينص على أن تكون القاهرة مقرًا للقوة المقترح إنشاؤها.
فيديو قد يعجبك: