«رمضان رزقه واسع».. المكسب للبائع والمشتري
كتبت - نانيس البيلي:
ما إن يهل شهر رمضان حتى يَشد "سمير" الرحال برفقة شقيقيه من قريتهم بسوهاج إلى أرض المحروسة، يقفون بعربة صغيرة لبيع المشروبات التي تروج خلال الشهر الكريم "تمر، سوبيا، عرقسوس"، وبعد انقضاء 30 يومًا يلملمون حاجياتهم ويودعون شهر البركة والخير ـ على حد قوله ـ قبل أن يعودوا إلى بلدتهم.
طوال 10 سنوات، اعتاد الأشقاء "سمير، أنور، حسن" على قصد شارع العشرين بمنطقة فيصل خلال الشهر المبارك، لقناعة تولدت لديهم بأن "رمضان رزقه واسع". ورغم أن الشارع الشهير يعُج بعدد من عربات المشروبات الرمضانية إلا أن "سمير" الأب لطفلين لا يؤرقه ذلك الأمر "فيه ناس بتفرش جنبي بس كل واحد بياخد رزقه".
مع دقات الثانية عشرة ظهرا، ينصب الأشقاء عدتهم على العربة، كخلية نحل يبدأون في تجهيز المشروبات ويضعون داخلها قطع الثلج، لا يكون إقبال الزبائن كبيراً حتى أذان العصر "الحركة بتبقى خفيفة شوية"، بينما تدب الحركة بعد ذلك إلى موعد الإفطار.
3 إلى 5 جنيهات هي الأسعار الموحدة لأكياس العصائر لدى "سمير"، ويشير إلى أن بعض الزبائن قد يحضرون إليه ولا يملكون ثمنه وأنه لا يردهم فارغي الأيدي "مبدقش مع الناس، اللي معاه جنيه واحد باخده منه، ممعهوش خالص بديله برضو".
أصبح لدى الأشقاء الثلاثة زبائن دائمون تقصد عصائرهم خصيصًا "ناس خدوا عليا وعرفوني وبيجولي مخصوص"، بزهو كبير يقول إن السبب هو تميز عصائره "لأني بخدم شغلي كويس، بكتر السكر للحاجة، وفي الآخر عمايل العصير نفس".
للمرة الأولى يجرٌب "عمرو" حظه في بيع أشهر الأصناف الرمضانية "مخلل، كنافة، قطائف، جلاش، سمبوسك، رقاق"، بعدما قضى أكثر من 10 سنوات يساعد شقيقه في عربة الكبدة والسجق التي يمتلكها في منطقة الطالبية بفيصل، ومع حلول الشهر الكريم قررا تغيير عملهما مؤقتًا "لأن الكبدة مبتشتغلش معانا في رمضان، هنفتحها تاني في العيد".
مكسب مُرضٍ حَققه "عمرو" خلال الأربعة أيام الأولى في الشهر الكريم، بمتوسط 60 جنيهًا يوميًا "كله شغال حلو أوي، أي أصناف في رمضان بتشتغل زيادة عن اللزوم". ويشير إلى أنه لا يرد أيدي أي مشترٍ حتى من لا يمتلك ثمن مبتغاه "مقدرش أقول لواحد لأ إحنا في رمضان، يعني لو ناقص جنيه عادي لأن الجنيه مبيعملش حاجة دلوقتي".
منذ العاشرة صباحًا يفرش "عمرو" بضاعته على الطاولتين، ويستمر في البيع حتى قبل موعد الإفطار بساعة "ولو مخلصوش قبل الفطار، بضطر أقعد شوية بعد الفطار عشان الحاجة دي مينفعش تبات"، ويشير إلى أنه يعيد رص بضاعته مرة أخرى ويجلس ساعتين أخريين "لحد ما الحاجة تخلص، ولو اتبقى نص كيلو مثلا ماما بتاخده تعمله".
لا يقتصر الرزق الذي يجلبه الشهر الكريم على الأصناف الرمضانية الشهيرة فقط، بل يدر مكسبه الوفير على الخضراوات المعتادة.
بهمة ونشاط، انهمكت "أسماء" في تقشير عدد كبير من الخضراوات اللازمة لطبخ أشهر الأكلات، ورغم أنها تعمل طوال العام منذ بدأت في فرش بضاعتها بأحد أسواق شارع العريش بفيصل، غير أنها تَكن مَحبة خاصة للعمل بالشهر الكريم "رزق رمضان حلو، وشهر رمضان حلو".
"اللي مش لاحقين يعملوا أكل بيجولي".. تقول "أسماء" إن ربات المنزل والسيدات العاملات هن الزبائن الدائمات لديها، ويزداد إقبالهن في رمضان "الناس بتبقى صايمة وبتيجي تاخد عشان يفطروا طبخة حلوة، لكن وانتي فاطرة ممكن تاكلي أي حاجة".
تقوم "أسماء" بتقوير لوازم المحشي من "باذنجان، فلفل، كوسة"، كما تعمل في تقشير أنواع أخرى من خضراوات الطبخ "بسلة، فاصوليا خضراء، قلقاس، ثوم"، وتحصل على جنيهين مكسبًا مقابل الكيلو الواحد.
منذ التاسعة صباحًا تبدأ الأم لـ3 أبناء عملها بالسوق الذي يبعد عن منزلها بأمتار قليلة وتغادر إلى منزلها قبل ساعة من الإفطار، بينما تتولى ابنتها الكبرى إعداد الطعام، تقول إنها تعبئ كيلو واحدًا داخل كل كيس "واللي بيعدي بيشتري مني، بيشكلوا من أكياس الخضار".
على بعد أمتار قليلة، جلست "أم محمد" أمام "فرشة" من الخضراوات الورقية "جرجير، خس، ورق عنب، خضرة محشي". تقول إنها تنتظر قدوم شهر رمضان بفارغ الصبر، حيث تبيع كمية أكبر عن باقي شهور العام، خاصة الجرجير والخضرة لعمل المحشي "بييع حلو أوي، رمضان بيحب الرزق".
فيديو قد يعجبك: