سألنا صحفيي التحقيقات عن "الأداء الصحفي" لـ"الزعيم" في "عوالم خفية".. فماذا قالوا؟
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
كتبت- سما جابر:
10 أيام مرت من شهر رمضان، ولازال الوسط الصحفي منشغلًا بالأخطاء التي وقعت في بعض الأعمال الدرامية، من أخطاء إخراجية أو خاصة بأداء بعض الممثلين، لكن الخطأ الأبرز الذي شغل قطاع تلك الفئة كان متعلقًا بمسلسل "عوالم خفية" بطولة الفنان عادل إمام، حيث كانت الإخفاقات فيه متعلقة بأساسيات مهنة الصحافة، وخصوصًا صحافة التحقيقات، لدرجة جعلت مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والذين ليس لهم علاقة بهذه المهنة ينتقدون بعض الأحداث بالمسلسل واعتبروها غير منطقية.
تدور الأحداث حول هلال كامل الصحفي بإحدى جرائد المعارضة وكاتب مقالات رأي تتسم بالنقد اللاذع للحكومة، والذي يتوصل بالصدفة البحتة إلى مذكرات لفنانة قيل عنها إنها انتحرت قبل أعوام تُدعى مريم رياض، لكنه يكتشف من خلال تلك المذكرات أنها قُتلت، كما أشارت في مذكراتها عن علاقتها بأحد رجال الدولة الذي كان طرفًا في قضية فساد كبرى لكنه لم يُحاسب، ومن هنا يبدأ "هلال" في البحث وكتابة تحقيق صحفي يحاول الكشف من خلاله عن المتهمين الحقيقيين في قضية الفساد وقاتل الفنانة.
كلها أحداث درامية طبيعية تفاعل معها الجمهور، لكن تنفيذها واجه بعض الأخطاء التي كانت مثار جدل في الفترة الماضية، بالرغم من الإشادة بالعمل ككل وأداء "الزعيم" فيه، لكننا بدلًا من اللجوء لعدد من نقاد الدراما لتقييم أداء صناع المسلسل، قررنا هذه المرة أن يكون التقييم لثلاثة من أبرز صحفيي التحقيقات بمصر، والذين لم يكن تقييمهم للعمل مبنيًا على الأداء، بل على رصد مدى قرب "صحافة التحقيقات" في المسلسل من الواقع.
عن عُمر صحفي التحقيقات، وطريقة عمله وحصوله على المصادر وسهولة أو صعوبة الحصول عليها، وأخطاء أخرى، سألنا كل من صفاء صالح الصحفية بجريدة المصري اليوم، والحائزة على جائزة سمير قصير للصحافة الاستقصائية عام 2010، ومحمد أبو ضيف الصحفي بجريدة الوطن والفائز بجائزة الصحافة العربية وجائزة شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية "أريج" عام 2017، وأخيرًا مها صلاح الدين الصحفية بموقع مصراوي، والحائزة على جائزة هاني درويش للصحافة الشعبية، وكلهم تشابهت تصريحاتهم حول فكرة مدى صعوبة الوصول للمعلومات واستخدامهم الخاطئ لبعض المصطلحات، وإليكم أبرز تعليقاتهم عن بعض الأحداث في المسلسل.
صفاء صالح والتكتم على المعلومات
رغم أن عُمر الزعيم 78 عامًا، إلا أنه لا يوجد صحفي تحقيقات مصري، مازال يعمل في هذا المجال وهو في هذا العمر، فتقول صفاء صالح لـ"مصراوي" إن هناك نماذج لصحفيين كبار في السن لازالوا يعملون بصحافة التحقيقات فعلًا، لكنهم ليسوا مصريين مثل روبرت فيسك، ورفضوا تقلد المناصب الإدارية بعد تقدمهم في العمر، وعن أحد المشاهد التي يطلب فيها عادل إمام أن يقوم بعمل "تحقيق صحفي مع وزير الصحة" أضافت "صالح": "غالبًا كان يقصد يقول حوار صحفي، لكن المؤلف لم يفهم الفرق بين الحوار والتحقيق"، لافتة إلى أنه بالرغم من أن مؤلفي الدراما مقربون من الصحفيين إلا أن هناك مفاهيم كثيرة مغلوطة عن الصحافة ظهرت في العديد من مسلسلات الأعوام الماضية، وأساءت للمهنة وممتهنيها.
"صحفي التحقيقات بيطلع عينه عشان موجود في بلد ليس بها حرية تداول معلومات" هذا ما تراه صفاء أنه من ضمن العوائق التي تواجه صحفي التحقيقات في مصر، وهو عكس ما ظهر بالعمل، حيث استطاع الصحفي هلال كامل الوصول إلى العديد من المعلومات في أوقات قليلة وبكل سهولة، فطبيعة العمل على التحقيق القوي قد تأخذ شهور من أجل الوصول للمعلومات والحصول على ردود المصادر، مثلما أوضحت صفاء.
وتابعت: "لا يمكن أن أذهب لوزير أقول له اعطني معلومة ما، إحنا (بنحفر في الصخر) حتى نصل لمعلومة أو حتى لرد المسؤول، وأحيانًا التحقيق يأخذ أشهر ويقف على رد المسؤول، فلا يمكن أن يظهر التحقيق للنور إلا وهو مكتمل الأركان، كما أنه لا يمكن الإفصاح عن تفاصيل التحقيق لأي شخص، حيث يتكتم صحفي التحقيقات الشاطر على معلوماته كلما كانت مهمة".
واختتمت: "أي معلومة نصل إليها نحاول توثيقها بكل المستندات اللازمة، ولا يمكن الاعتماد على حديث مُرسل لأي شخص عن قضية معينة، فكلام أي حد في الدنيا ككلام لا يعتبر وثيقة على صحة فرضية وفكرة معينة، لازم تكون الفكرة موثقة بفيديو مثلًا أو بمستندات وأوراق رسمية".
محمد أبو ضيف وكتابة الزعيم على طريقة "الهواة"
اتفق الصحفي محمد أبو ضيف، مع صفاء صالح في عُمر الصحفي، فأوضح أنه لا يوجد صحفي تحقيقات في مصر تخطى السبعين من عمره، ويعمل على تحقيق مهم بهذا الشكل الذي ظهر في "عوالم خفية"، كما قال في تصريحاته لـ"مصراوي" إن هناك أزمة كبيرة مع التعامل مع المصطلحات في العمل، فهناك كلمات تم استخدامها بشكل خاطئ مثل طلب بطل المسلسل في عمل "تحقيق مع وزير الصحة"، أما النقطة التانية التي أخفق فيها صناع العمل هي السرية "صحفيين التحقيقات معروف عنهم طول الوقت إنهم بيفرضوا على تحقيقاتهم جزء كبير من السرية"، ويتابع "أبو ضيف": "أنا مش ببقى ماشي الناس كلها عارفة أنا شغال على إيه، وفي بعض الأحيان رئيس التحرير نفسه مابيبقاش عارف غير العنوان بس لكن مش بفضل أتناقش مع معظم الناس اللي أعرفهم".
وانتقد أيضًا فكرة عمل صحفي التحقيقات مع فريق في تحقيقه، مثلما ظهر عادل إمام وهو يشارك رئيس تحرير الجريدة التي يعمل بها، وإحدى المحررات، بالإضافة إلى مساعدة حفيده، كما أنه لا يوجد تحقيق بمثل هذه الخطورة يخرج بدون وثائق كثيرة، فلا يمكن الاعتماد على "مذكرات شخصية" لبناء فكرة تحقيق صحفي، بحسب قوله.
واستطرد: "لم نرَ في أحد المشاهد معدل المقابلات اللي بيعملها الصحفي هلال ويسجل فيها للمصادر، أو يقوم بعملية توثيق للمعلومات التي يحصل عليها، فهو وصل لمجموعة معلومات كتير غير موثقة، ففي عملنا لا يمكن أن أجزم بمعلومة إلا وهي موثقة من 3 مصادر على الأقل".
ضمن الأخطاء التي رصدها أبو ضيف في العمل بصحافة التحقيقات بـ"عوالم خفية" هو أسلوب وطريقة الكتابة المليئة بالأخطاء الإملائية مثلما ظهر في مقاله الذي كشف فيه فساد وزير الصحة وكتبه بعنوان "حاسبوا سيادته" وتضمن وجود جُملًا باللغة العامية، والتي وصفها بأنها طريقة "هواة" وليس محترفين مثل هلال كامل، حسبما يظهر في المسلسل "دي طريقة واحد بيكتب بوست على الفيسبوك.. ماحدش بيكتب تحقيق إلا بلغة رصينة ولا يوجه تهمة لأحد بدون دليل، وصحفيين التحقيقات من أكثر الناس الذين يمتلكوا لغة جيدة في الكتابة، وكتابتهم تكون رصينة أكثر لا تحتوي على العامية إلا في إطار محدود".
وفي النهاية اعتبر محمد أبو ضيف أن المسلسل من ضمن الأعمال القليلة التي تناولت مهنة الصحافة بصورة إيجابية، بالرغم من الأخطاء الكبيرة الموجودة فيه.
مها صلاح الدين وصعوبة العمل على التحقيق
علقت أيضًا مها صلاح الدين على فكرة عمر الصحفي، لافتة إلى أنه لا يوجد في مصر صحفي تحقيقات تخطى الـ70 عامًا، لكن هناك نماذج كثيرة خارج مصر، كما ترى أن فريق المسلسل "خانهم التعبير" في مشهد طلب الزعيم عمل تحقيق مع الوزير، قائلة: "مفيش حاجة اسمها عايزة اعمل تحقيق مع وزير الصحة، في حاجة اسمها عايز أجيب رد من الوزير على تحقيق بعمله أو على فساد ما".
ولفتت إلى أن المسلسل صدّر للجمهور أشياء صحيحة وأخرى مغلوطة عن صحفيي التحقيقات "الموضوع مش سهل أوي كدة.. التحقيق مش إني أروح أجيب مصدر وأعمل معاه حوار وخلاص فيضرب فيبقى تحقيق"، موضحة أن التحقيق الصحفي الحقيقي قد يستمر لعدة أشهر من أجل الوصول لمعلومات دقيقة.
"إحنا بنقعد بالشهور بنبحث عشان نمسك فرضية صح ونقعد نعمل ملفات بحث أولي ثم ملفات بحث معمق وبعدين التنفيذ" هكذا تضيف "مها"، منتقدة سرعة تنفيذ تحقيق هلال كامل بأحداث المسلسل، ووصوله إلى المصادر بسهولة، وهو عكس الواقع، مُشيرة إلى أنه من الممكن أن يتوقف الصحفي على معلومات صغيرة لعدة أسابيع وشهور أيضًا، ثم تأتي مرحلة الكتابة والتي تعتبر مرحلة صعبة أيضًا، ثم مرحلة التصحيح والمراجعة وهي في غاية الصعوبة، بحسب وصفها.
وترى أن من ضمن الأشياء السليمة التي أشار إليها العمل، هو البحث في أرشيف كبير من أجل العمل على الملف البحثي للتحقيق، لكنه لم يظهر بشكل معمق أيضًا، كذلك أشادت بطريقة البحث واستخدام "السبورة" على الحائط لتجميع التفاصيل ومفاتيح القضية، لافتة إلى وجود صحفيين يستخدمون تلك الطريقة فعلًا لتسهيل عملهم.
فيديو قد يعجبك: