إعلان

"مش بالسيف" دعوات تونسية للمجاهرة بالإفطار تجدد معركة "بورقيبة وابن عاشور"

05:07 م الأربعاء 30 مايو 2018

"مش بالسيف" دعوات تونسية للمجاهرة بالإفطار تجدد مع

كتب- هاني ضوه :

كما كل عام حالة من الجدل يثيرها نشطاء تونسيون خلال شهر رمضان المعظم للمطالبة بحق المجاهرة بالإفطار في شهر رمضان، واحتجاجا على غلق المقاهي.

المحتجون المفطرون الذين لم يتجاوزوا العشرات بحسب الصحف التونسية نظموا الأحد الماضي وقفة احتجاجية أمام وزارة السياحة بالعاصمة التونسية، وسبق ودعوا إلى تنظيم وقفة احتجاجية تحت عنوان "مش بالسيف" أي "من دون إكراه"، رفعوا شعارات مفادها أن "تونس دولة لائكية"، و"العلمانية ضرورة حضارية"، وهو ما يعكس بطبيعة الحال المعادلة التالية وهي أن الإفطار في رمضان هو من متطلبات الدولة العلمانية من أجل النهوض بالبلاد وتنميتها- بحسب تعبيرهم-.

وعبر سنوات مضت يطالب هؤلاء النشطاء بالمجاهرة بالفطر في نهار رمضان وإلغاء ما يعرف في تونس "بمنشور مزالي" لسنة 1981، الذي وفقًا له تقوم الداخلية التونسية بحملة مراقبة على محلات الأكل والشرب للتثبت من غلقها ومعاقبة المفطرين.

وبالرغم من أن بعض المطاعم ومقاهي الفنادق تبقى مفتوحة خلال رمضان في تونس، إلا أن الغالبية الكبرى تغلق أبوابها ولا تستمر في العمل، وحتى إن فتح بعضها، القليل جدا، فيكون ذلك مع إنزال ستار يحجب رؤية الزبائن وهو ما يعتبره هؤلاء نشطاء تضييقًا عليهم وتقييدًا لحريتهم.

مطالبات النشطاء التونسيين تعيد إلى الأذهان واقعة الرئيس التونسي الراحل الحبيبُ بورقيبة الذي دعا العمالَ إلى الفطر في رمضان بدعوى زيادة الإنتاج، وطلب من الشيخ الطاهر بن عاشور أن يفتي في الإذاعة بما يوافق هذا، لكن الشيخ صرح في الإذاعة بما يريده الله تعالى، بعد أن قرأ آية الصيام، وقال بعدها: "صدق الله وكذب بورقيبة"، وكان ذلك عام 1961م.

فما قصة بورقيبة مع الصيام؟

في عام 1960م ألقى الحبيب بورقيبة خطابًا انتقد فيه فريضة الصيام معتبرًا أن الصوم في رمضان يعطل الإنتاج وتقدم الدول، وقال: "إن تونس البلاد الإسلامية تعاني درجة من الانحطاط تجلب لها العار في نظر العالم، ولذلك فإنه لا يمكن أن يعرقل جهادها أو يعطله أو يوقف انطلاقها أو يقعدها عنه فرض الصوم… فالصوم يحطّ من إمكانيات الفرد ويجعله لا يقوى على واجب هو ليس واجبا شخصيا بل واجب نحو أمّته ونحو دينه".

ليس ذلك فحسب بل طبق بورقيبة ذلك عمليًا أثناء إلقائه خطابًا بالبالماريوم بالعاصمة التونسية في 28 فبراير 1960، وكان في شهر رمضان حيث تناول كأسًا من العصير في نهار رمضان ليشجع التونسيين على الفطر.

ولإضفاء الشرعية الدينية على موقفه، سعى بورقيبة بكل قوة إلى استصدار فتوى من الشيخ الطاهر بن عاشور، أحد كبار علماء تونس، الذي كان يرأس حينها جامعة الزيتونة والتي تعد أزهر تونس، ولكن الشيخ بن عاشور رفض بكل حزم بل وصرح عبر الإذاعة التونسية الرسمية بأن الإفطار في نهار رمضان دون عذر شرعي أمر محرم شرعًا، وأن إنكار فرضية الصيام هو بمثابة إنكار معلوم من الدين بالضرورة.
وقرأ الشيخ قوله تعالى من سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ثم قال: "صدق الله وكذب بورقيبة .. صدق الله وكذب بورقيبة.. صدق الله وكذب بورقية" قالها ثلاث مرات.

وعن هذا الأمر يقول الصحفي لطفي حجّي في كتابه: "بورقيبة والإسلام: الزعامة والإمامة" يعدّ موقف بورقيبة من الصوم الحلقة الأضعف في تعامله مع الإسلام والّذي مكّن خصومه من استغلاله لما تضمّنه من استفزاز واضح لمشاعر المسلمين"، ولعلّ ما ساهم في تعميق هذا الشعور مرور الزعيم الراحل من القول إلى الفعل، إذ قام بتناول كأس من العصير خلال شهر رمضان وذلك في خطاب ألقاه في 28 فبراير 1960.

ولعل موقف الشيخ الطاهر ابن عاشور هو ما دعا بورقيبة إلى كما إغلاق جامع الزيتونة وجامعته التي كانت نظيرة جامع وجامعة الأزهر الشريف في مصر، هذا المسجد الذي بناه القائد حسان بن النعمان في العام 79 هـ والذي كان له دور بارز في نشر الإسلام طوال مدة وجوده إضافة إلى دوره البارز في مواجهة الإستعمار الفرنسي حيث صدر القرار من "بورقيبة" بإلغاء تعليم الشريعة الإسلامية في عام 1961..

مصادر:
"الحبيب بورقيبة: خطب، الوزارة الأولى نشريات كتابة الدولة للإعلام" تونس 1960-1961.
كتاب "بورقيبة والإسلام: الزعامة والإمامة" - لطفي حجّي.

جاوب واكسب مع فوازير مصراوي , للمشاركة أضغط هنا سارع بخروج زكاة الفطر _ زكاتك هتوصل للمستحقين مصراوي هيساعدك أضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان