قصص الأنبياء (20): ذو الكفل -عليه السلام- تعرف على سبب تسميته وحواره مع الشيطان
كتب - إيهاب زكريا:
في حلقات يومية، وخلال شهر رمضان المبارك، يقدم "مصراوي" للقارئ الكريم قصص الأنبياء، استنادا لمصادر معتبرة في السيرة والتاريخ الإسلامي، وفي الحلقة العشرين يقدم "مصراوي" قصة) :ذي عليه السلام) فبحسب تفسير: "السعدي" هو ذو الكفل عليه السلام ابن سيدنا أيوب نبي الله صلى الله عليه وسلم، واسمه في الأصل بِشر، وقد بعثه الله نبيًا بعد أبيه أيوب، وسماه ذو الكفل لأنه كان قد تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهم ويقضي بينهم بالعدل، ولم يذكر في القرآن شيء عن دعوته ورسالته والقوم الذين أرسلَ إليهم لا بالإجمال ولا بالتفصيل.
هل ذو الكفل نبي أم لا؟
اختلف العلماء في ذي الكفل فمنهم من قال: إنه كان رجلاً صالحًا وحكمًا مقسطًا عادلاً من بني إسرائيل وكان قد تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهم، ويقضي بينهم بالعدل ففعل فسُمّي ذا الكفل. ومن العلماء من قال إنه كان نبيًا وهذا الصحيح لأنه الظاهر من ذكره في القرءان الكريم بالثناء عليه مقرونًا مع هؤلاء السادة الأنبياء صلى الله عليهم أجمعين، يقول الله تبارك وتعالى بعد ذكر قصة أيوب في سورة الأنبياء:{وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ} سورة الأنبياء، ويقول الله جل جلاله أيضًا بعد ذكر أيوب عليه السلام أيضًا:{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ* إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّار* وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ* وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ} سورة ص.
يصوم النهار.. يقوم الليل.. ولا يغضب
السعدي في تفسير الآيات الكريمة، قال إن هؤلاء الأنبياء قد استخلصهم الله تعالى بأحسن الذكر، والثناء عليهم فقد استخلصهم من الخلق وانتقى لهم الأفضل من الأعمال والخصال الحميدة، والخُلُق، والطباع الحسنة.
وقد رُوي عن ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد، أن سيدنا ذا الكفل لما كبر في العمر، خرج على قومه وقال لهم إنه يرغب في أن يستخلفه رجلاً على بني قومه، فيعمل عليهم قبل موته حتى يدري ما سوف يفعله بهم.
سيدنا الكفل جمع بني قومه آنذاك سألهم عمن يستطيع أن يتقبل منه أن يستخلفه في ثلاثة أمور هي؛ أن يصوم النهار، ويقوم الليل، وألا يغضب، وهنا نهض رجل فقال له أنا أفعل، فسأله سيدنا ذا الكفل أأنت تصوم النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟، الرجل أجابه ببلى، ولكن رده سيدنا ذا الكفل، وفي اليوم التالي تكرر ما حدث ونهض نفس الرجل وقال أنا، وبسؤاله أكد ما نوى، ولكن رده سيدنا اليسع مرة ثانية، إلى أن نهض ثالثًا، فقال أنا، فاستخلفه على بني قومه.
حوار الشيطان مع ذي الكفل عليه السلام
إبليس ظل يتربص بسيدنا ذا الكفل ويقول لأعوانه من الشياطين عليكم بفلان، فظلوا يراودونه حتى أعياهم، فقال لهم إبليس دعوه لي، فذهب إليه في هيئة شيخ عجوز كبير في السن وفقير، وأتاه عندما أخذ مضجعه، وكان لا ينام ليلاً أو نهارًا، إلا تلك الغفوة في القيلولة.
غفوة القيلولة عندما بدأت إذا بالباب يطرقه أحدهم فصاح متسائلاً من؟
فقال الطارق أنا شيخ عجوز مظلوم.
فنهض وفتح له الباب واستضافه، فجعل يقص عليه أن قومه قد ظلموه، وأنه بينه وبينهم ظلومة، وقال أنهم فعلوا وفعلوا به، حتى بدأ يجن الغروب وترحل القائلة.
فقال له إذا رحلت فإنني أجلب لك حقك.
إبليس ذهب منطلقا، فذهب ذو الكفل إلى مجلسه وطفق يسأل ويقضي بين الناس، وينتظر العجوز أن يأتي حتى يرد له حقه فلم يره، ولما عاد إلى بيته وراح يخلد إلى النوم في القائلة، فإذا بالشيخ يطرق عليه الباب، فنهض ذا الكفل وسأله لمَ لم يأت بين الناس ليسترد حقه؟
إبليس قال لهم إنهم قوم خبث، فإذا كان قد جلس بينهم قالوا له سنهبك حقك، وإذا ما انطلق من خلفهم جحدوه.
فقال له ذو الكفل آتني بين الناس لأعطيك حقك، وظل ذو الكفل ينتظر العجوز ولكنه لم يأت، وشق عليه النعاس فأوصى أهله بألا يدعوا أحدًا يطرق الباب مجددًا، حتى يحصل على بعض النوم فقد شق عليه، وعندما خلد إلى مضجعه إذا بالعجوز يظهر ويطلب مقابلته.
قوم ذي الكفل خاطبوا إبليس قائلين: لقد انتظرك كثيرًا ولكنك لم تأت.
قال لقد أتيته بالأمس وذكرت له أمري فدعوني أجالسه.
فمنعوه وقالوا إنه قد أمرهم بألا يدعوا أحدًا يقترب من الباب.
فنظر العجوز حوله حتى وجد فتحة صغيرة في جانب المنزل، فتسلل منها إلى الداخل ثم طرق على الباب على من الداخل.
فنهض ذو الكفل ليرى من أتى، فإذا به معه داخل المنزل، فقال له ألم آمرك ألا تأتيني، فمن أين أتيت، قال ذلك وهو يدفع باب منزله ليجده مغلقًا كما هو، هنا عرف أنه إبليس قد أتاه بتلك الهيئة فقال له أعدو الله أنت؟
فقال له نعم لقد أعييتني حتى أنني فعلت كل شيء لأغضبك، فأسماه الله تعالى ذا الكفل؛ لأنه تكفّل بما وعد به وأوفى.
فيديو قد يعجبك: