آية ومعنى (24): الأزهر للفتوى يفسر (إنا أنزلناه في ليلة القدر)
كتب- محمد قادوس:
يقدم مركز الأزهر العالمي للرصد والإفتاء الالكتروني (خاص مصراوي) تفسيرا ميسرا لبعض آيات من القرآن الكريم على مدار الشهر الكريم، ومن قول الله تعالى.. {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)}..[القدر: 1*2*3*4*5].
فسر الدكتور هنيدي عبدالجواد عضو مركز الأزهر العالمى للرصد والافتاء الالكتروني السورة الكريمة، قائلاً إنها تحدثت عن مزايا وفضائل ليلة القدر، ويظهر ذلك من خلال تفسير آياتها وبيان ألفاظها، كما يلي:
ـ " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ": الضمير إمَّا أن يعود إلى القرآن الكريم كاملا، فيكون المعنى: أنزلنا القرآن كاملا من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وإمَّا أن يعود إلى أول ما نزل من القرآن الكريم، وهو أول سورة العلق، فيكون المعنى: إنا قد ابتدأنا نزول أول ما نزل من القرآن في تلك الليلة المباركة، لأن القرآن لم ينزل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جملة واحدة، وإنما نزل مفصَّلا على مدار ثلاث وعشرين سنة.
ـ "فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ": أي في ليلة عظيمة القدر والشرف، ولذلك سميت تلك الليلة بليلة القدر، لعظم قدرها وشرفها، فهى الليلة التى نزل فيها قرآن ذو قدر، بواسطة جبريل ـ عليه السلام ـ وهو ملك ذو قدر ـ، على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو رسول ذو قدر وشرف، لأجل إكرام الأمة المحمدية، هذه الأمة يزداد قدرها وثوابها عند الله – تعالى ـ إذا ما أحيوا تلك الليلة بالعبادات والطاعات.
ـ "وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ": أسلوب يفيد تفخيم وتعظيم تلك الليلة المباركة، حيث يُضاعف فيها الأجر والثواب على الطاعات والعبادات.
ـ "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ": أي العمل الصالح في تلك الليلة المباركة خير وأفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة قدر. وذلك لنزول القرآن، ومضاعفة الأجر والثواب على الطاعات في تلك الليلة. ومن رحمة الله بالأمة المحمدية أن خصَّ بعض الأزمنة والأمكنة بفضائل متميزة، لقِصر أعمارهم، فيُدركوا بالعمل في تلك الليلة الأعمار الطويلة للأمم السابقة، حيث إن العمل القليل قد يفضل العمل الكثير، باعتبار الزمان والمكان.
وتحديد الألف شهر: قد يكون مقصودا، وهو ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، وقد يكون ليس مقصودا، وإنما الغرض منه التكثير، فيكون المعنى: أن هذه الليلة خير من الدهر كله.
ـ "تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ": أي تتنزل جماعات كثيرة من الملائكة، وفي مقدمتهم أشرفهم جبريل ـ عليه السلام ـ، إلى الأرض في تلك الليلة المباركة، لنشر الخيرات والبركات والرحمات على عباده المؤمنين المطيعين، الحريصين على إقامة تلك الليلة بالعبادة والذكر وقراءة القرآن، "مِنْ كُلِّ أَمْرٍ": أي كذلك نزلوا بكل أمر قضاه الله في العام القابل، فأظهره لهم، ولا يمكن للملائكة أن يفعلوا ذلك إلا بأمر ربهم، فهم لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وهذه مزيَّة من مزايا ليلة القدر.
"وَالرُّوحُ": جبريل ـ عليه السلام ـ، خصوص بعد عموم، حيث دخل ضمن الملائكة، وذلك لشرفه وعظم مكانته، واختصاصه بأشياء دون غيره.
ـ "سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ": ومن مزايا تلك الليلة المباركة أنها يحيطها الأمن والسلام والأمان من كل أذى وشر ومكروه، بدءا من غروب الشمس إلى بداية طلوع الفجر، حيث يبتعد الشيطان عن إصابة عباده المؤمنين بأذى من وسوسة وإغواء وتزيين للمعاصي، ويشعر المؤمن بالسلام النفسي، والسعادة الحقيقية، والطمأنينة والسكينة، لامتلاء الأرض بالملائكة، الذين ينشرون الرحمة والسكينة.
"سَلَامٌ هِيَ"، قدَّم الخبر، لسرعة إخبار المؤمنين بمزيَّة من مزايا تلك الليلة، وإدخال السرور عليهم، وتبشيرهم بما يجدونه فيها من شعور حسن، وصفاء قلب، وراحة نفسية. تلك هي فضائل ومزايا ليلة القدر كما ذكرتها السورة الكريمة.
فيديو قد يعجبك: