عمرو خالد: توكل على الله.. واكتسب الهمة والأمل.. إليك الطريقة السهلة
كتب- محمد قادوس:
قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن التوكل على الله – أحد المنازل الروحية السبعة – يتطلب من الإنسان أن يتحلى بالهمة، التي تجعله يواصل العمل بجد واجتهاد إلى النهاية وأنت موقن في النتيجة.
وكشف خالد في الحلقة العاشرة من برنامج "منازل الروح" عن أهم شرطين للتوكل، وهما: الأمل، والهمة والشغف والحيوية، موضحًا معنى الهمة، وهو أن "تتحرك للعمل لا تنتظر أحدًا.. اعمل ليلاً ونهارًا.. اسع على رزقك.. تعلم لغة.. حرفة.. ابحث عن هوايتك.. احصل على دوره تدريبية.. سافر للخارج.. تعلم رياضة.. طور نفسك.. اعمل في الصيف.. اعمل عملاً تطوعيًا".
ولاحظ خالد أن في سورة الكهف تكثر الحركة بشكل ملفت، فهي كلها عبارة عن قصص لأناس يتحركون بهمة أهل الكهف وموسى والخضر وذو القرنين.. ثلاث حركات رائعة من أجل الدين (أهل الكهف) .. وحركة من أجل العلم (موسى والخضر).. وحركة من أجل الأرزاق والإصلاح في الأرض (ذو القرنين)..
وتابع ناصحًا: "لا تنتظر توكيلاً بدون عمل.. حتى معجزات الأنبياء كانت بالعمل.. "اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ" لموسى، " وَاصْنَعِ الْفُلْكَ" لنوح، " وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ" لمريم.. تحرك حتى تبقى حيًا.. النبات يجدد ورقة عندما يذبل والورقة التي تموت يقطعها وينبت مكانها ورقة حية جديدة".
وروى خالد: "قابلت في إنجلترا رجلاً عجوزًا عمره 70 عامًا.. يستيقظ كل يوم في برد الشتاء القاسي في تمام السابعة صباحًا، يخرج متلحفًا بمعطف سميك.. سألته: أين تذهب كل يوم؟، فقال أنه يأخذ دوره تدريبيه في تاريخ الفن في أوربا.. قلت له: لماذا تفعل ذلك في هذا السن؟ فقال لي: لأبقى حيًا.. وكان الرد كافيًا ومؤثرًا.. جدد ورقك قبل أن تصبح عجوزًا وأنت مازلت في العشرين من عمرك".
ومضى خالد قائلاً: "تحرك لتأكل من رزق الله.. "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ" المنكب هو الكتف تخيل المعنى القرآني.. يقول لك: امسك الدنيا من أكتافها.. انحت في الصخر.. وعندها ستأكل من رزق الله".
وأشار إلى أن بداخل كل منا كنزًا، وهناك طريقتان لمعرفته: خبير يدلك عليه.. كما فعل الرسول مع الصحابة، أو تتحرك وتحتك في الحياة لتظهر موهبتك تدريجيًا.
وبين خالد أنه "من كل ثماني محاولات للأسد تنجح واحدة منها، لا يتوقف بعد سبع محاولات. يعرف أن هذا قانون الطبيعة.. كذلك البشر.. رجال البيع كل عشر محاولات تنجح محاولة واحدة للبيع"
ولفت إلى أن "النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف القانون ولم ييأس، فعلى الرغم من كل محاولات عرضه على القبائل 26 قبيلة، وظل يحاول حتى قابل ستة شباب من المدينة لتبدأ رحلة الهجرة.. سنة نبيك.. كافح.. حاول.. اطرق الأبواب".
وضرب خالد مثلاً بقصة يوسف عليه السلام، والذي دخل بيت العزيز عبدًا.. قائلاً: "كان يمكن أن يبكي ويستسلم لسوء حاله، لكنه وجد العزيز وزير اقتصاد فتعلم منه وراقبه.. فلما جاءت الفرصة ومصر في مجاعة " قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم".
وعقب: "لو لم يكن تعلم زمان لما رأى الفرصة وهي بتمر أمامه.. وهو طفل تعلم على يد أبيه تأويل الرؤى ولم يقل اتركني ألعب مع أصحابي.. أخد خبرة أبيه فلما رأى الملك الرؤيا كان جاهزًا لتأويلها".
وتابع خالد: "هي معادلة ربانية: ( همتك وجهدك ) + ( فرص الحياة من الله )= حقيقة التوكل.. فتفتح أمامك أبواب الرزق"، موضحًا أن "هذه الفرص تمر عليك يوميًا مثل مواعيد القطارات.. فلماذا لانشعر بها ولماذا لانمسك بها ونغتنمها".
وأوضح أنه "كل يوم يرسل الله الرزاق الوكيل الوهاب، فرصًا لكن رادار إمكانيتك محدود، لأنك لا تتحرك بهمة، وكلما اتسع رادار إمكانيتك، رأيت فرص ربنا أكبر وأوسع".
واستشهد خالد بسيدنا نوح عليه السلام، الذي كان يتمتع بهمة جعلته يدعو قومه بلا ملل لمدة 950 سنة: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا(5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا". أما سيدنا موسى فقال: "وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا".
وذكر أن أعظم قصة للطموح في تاريخ المسلمين، كان بطلها زيد بن ثابت.. بدأت قصته في عمره 10 سنين، كان من الأنصار عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة للمدينة، أمسك بخطام ناقة النبي، وظلت عيناه تدمع عيناه، فنظر له النبي وأعجب به، فقد كانت عيناه فيها الذكاء، فيها الطموح.
في اليوم التالي، أرسلته أمه إلى النبي بطعام، فنظر له وسأله ما اسمك؟ قال: زيد قال ابن من؟ قال بن ثابت.. فابتسم له النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أتني يا زيد.
فكان النبي يأتي النبي صلى الله عليه، كلما مشي في شارع من شوارع المدينة وجد الطفل ينظر إليه بحب، هو المثل الأعلى يريد أن يكون مثله.
وعندما خرج المسلمون في غزوة بدر، أراد الخروج معهم للقتال، لكن النبي صلى الله عليه وسلم رفض، لأنه طفل، فبكى. وقد كان صلى الله عليه وسلم أول من منع مشاركة الأطفال في الحروب.
في غزوة الخندق، كان عمره ما بين 14 أو 15 عامًا، رآه النبي صلى الله عليه وسلم يحفر في الخندق، ويحفر بهمة غير عادية، يومها ناداه النبي، كأنه يريد أن يختبره، هل لازال ثابتًا على موقفه، لديه طموح، أم أنها حماسة مؤقتة سرعان ما انتهت.
فناده النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا زيد: أتحب أن تتعلم العلم؟ (فقد رأى ذكاءه ولذلك وجهه للعلم).. قال زيد نعم يارسول الله، قال النبي هل تعرف كيف تقرأ وتكتب؟.. قال زيد: لا يا رسول, فقال له النبي اذهب وتعلم.. يقول زيد: فجئت بعد أسبوع وقال تعلمت يا رسول الله.. فقال له النبي: اكتب عني الوحي.
كتب عن الوحي وهو عمره 15 عامًا، فالنبي مكن الشباب الصغير وبدأ يكتب الوحي، فقال له النبي: أتحفظ ما تكتب؟.. قال يارسول الله لم تأمرني بكتابة كلمة إلا وحفظتها من كتاب الله، فصار من حفظة القرآن وهو في عمر 16 عامًا، لم تكن هناك كلمة للنبي إلا وهو حافظها، فقال النبي: يا زيد اذهب فتعلم اللغات.. فتعلمت السريلانية.. فقال تعلم لغة اليهود ولا تأتني حتى تتقنها.. فجئت إليه بعد 19 يومًا.. قال النبي أتكتبهم بها؟.. فقال زيد أكاتبهم بها.. فكاتبتهم بها.. فابتسم النبي.. فقال له اذهب فتعلم المواريث.. فأصبح يقرأ ويكتب، ويتقن ولغتين، وحفظ القرآن وكتابة القرآن، وعلم المواريث.
حتى إذا ما وصل إلى سن 20 عامًا، وكان لازال بداخله حيوية، وهمة رهيبة، فصنع عملاً من أكبر الأعمال في تاريخ المسلمين، فقد كلفه أبوبكر بن الصديق وعمر بن الخطاب بجمع القرآن في مصحف واحد، بذل مجهودًا كبيرًا حتى يجمعه ممن يحفظونه في صدورهم.
فيديو قد يعجبك: