اعرف وصايا النبي لأمته في ليلة العيد.. المدير التنفيذي لمركز الأزهر للفتوى يوضحها
كتب-محمد قادوس:
قال الدكتور أسامة الحديدي، المدير التنفيذي لمركز الأزهر العالمي للرصد والافتاء الالكتروني، أنه على مدار شهرٍ كامل والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، على قلب رجل واحد، عبادتهم واحده من يوم ميلاد هلال الرحمة، (هلال) رمضان المعظّم، حيث امتثل المسلمون عامة، للأمر الإلهي الجليل بالإمساك طواعية مختارين عن الطعام والشراب .وأقبلوا على بيوت الله أفواجًا متضرعين في (الصلاة والقيام وتلاوة القرآن). ولم يدم طويلًا حتى انقضى رمضان وطويت أيّامه ولياليه وطويت صحائفه بعد أن امتثل كثيرٌ من النّاس لأمر ربهم بالتوسيع على الفقراء والمساكين والمحتاجين بزكاة الفطر والمال.
ثمّ جاء العيد، حاملًا علائم البِشر والخير والفرح والبركة، فقد جاء في بعض كتب السنن أنه « إذا كانَ يومُ عيدِ الفِطرِ وقفتِ الملائكةُ على أبوابِ الطُّرُقِ ، فنادَوا : اغدوا يا مَعشرَ المسلِمينَ إلى ربٍّ كريمٍ ، يَمُنُّ بالخيرِ ، ثمَّ يُثيبُ عليهِ الجزيلَ ، لقد أُمِرتُم بقيامِ اللَّيلِ فقُمتُم ، وأُمِرتُم بِصيامِ النَّهارِ فصُمتُم ، وأطَعتُم ربَّكم ، فاقبِضُوا جَوائزَكُم ، فإذا صلَّوا نادى منادٍ : ألا إنَّ ربَّكم قد غَفرَ لكم ، فارجِعوا راشدينَ إلى رحالِكم ، فهوَ يومُ الجائزةِ ، ويُسمَّى ذلكَ اليومُ في السَّماءِ يومَ الجائزةِ» المعجم الكبير للطبراني (1/ 226)
جاءت ليلة العيد، وجاءت معها بشريات الرحمة والمغفرة ورضوان الله، فقد جاء في بعض كتب السنن أن «لله تعالى عند كل فطر من شهر رمضان كل ليلة عتقاء من النار ستون ألفاً، فإذا كان يوم الفطر أعتق مثل ما أعتق في جميع الشهر ثلاثين مرة ستين ألف» شعب الإيمان (5/ 222)
جاءت ليلة العيد، التي أُمِر فيها المسلمون بإظهار الفرح والسعادة والرضا بالتكبير والتهليل والشكر، طاعة لله بعد أن أتمّوا عدّة رمضان (ولتكملوا العدّة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) فعن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«زينوا العيدين بالتهليل والتكبير والتحميد والتقديس» رواه أبو نعيم في الحلية.
وأضاف الجديدي لمصراوي، أن الله تعالى شرع الأعياد، و فيها ما فيها من الخير والبر ، ويظهر ذلك من أنواع من إضفاء الفرح والسُرور علي الناس، ومما يظهر أن الأعياد إنما وقتها الله تعالى بمواقيت تأتي بعد العبادات الكبيرة فعيد الفطر يأتى بعد رمضان، وعيد الأضحى يأتى بعد الحج ولذلك شرع الله العيد ليجمع المُسلمين مع بعضهم البعض فى وقت فيه فرح وسعادة ويستشعر الجميع بانتمائهم إلى دين واحد ورب واحد فيفرحون فيه بتوفيق الله -تعالى- لهم بأن بلَّغَهم شهر رمضان الكريم، ويفرحوا على ما بذلواه فيه من الجهود والطاعة والقرب من الله تعالى، ولِما وجدوا فيه من السعادة الغامرة التى تنتج بسبب القُرب من الله –تعالى، قال تعالى:" قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون" الآية ٥٨ من سورة يونس.
وقد وصى النبي- صلى الله عليه وسلم- أمته بعدد من الوصايا العظيمة لتقوم الأمة بتنفيذها فى هذه الأوقات الطيبة حتى تكتمل فرحة المسلم ويظهر بمظهر لائق أمام نفسه وأهله وأرحامه ويزداد ثوابه وأجرة فى هذا اليوم المبارك و من أهمها:
الاغتسال: فينبغي للمسلم أن يحرص يوم العيد على الاغتسال لما ثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم، وقد ورد عن ابن عمر: "أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الصَّلاَةِ" .
وكذا أيضا وصى النبي صلى الله عليه وسلم بالتطيب والتزين، وأن يرتدي المسلم أفضل ثيابه و أحسنها، وأن يضع من الطيب ألطفه ؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يلبس برد حبرة في كل عيد"
و ينبغي أن يحافظ المسلم على آداء صلاة العيد، والمشي إليها مالم يشق عليه ذلك. وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم النساء إلى الخروج إلى صلاة العيد وأمر كل نفساء وحائض بأن تشهد الصلاة لا لتصلي ولكن لتحضر وتسمع وتشهد دعوة الخير.
ويستحب أيضًا: أن يرجع المسلم من طريق آخر غير التي أتى منها؛ لحديث جابر رضي الله عنها: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم عيد خالف الطريق) صحيح البخاري برقم (986).، و لعل من بعض أسباب ذلك أن يلتقى المسلم بعدد أكبر من جيرانه وأقاربه، وذوى رحمه، فيسلم عليهم ويقضى حوائجهم، وينتفع كل واحد بالآخر وبذلك يعم البشر والفرح والسرور المجتمع كله، وتعد هذه من أفضل أهداف الأعياد فى الإسلام .
ومن السنن أيضا: أكل تمرات قبل الغدو يوم الفطر؛ روى البخاري في صحيحه من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم– : "لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأكُلَ تَمَرَاتٍ، ويأكلهن وِتْرًا" صحيح البخاري برقم (953).
ومن السنن أيضا: الإكثار من الذكر والتكبير، فيستحب التكبير من غروب شمس ليلة العيد، وأوجبه بعض أهل العلم لقوله تعالى: { وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]. ويكبر من حين خروجه من بيته حتى يأتي الإمام إلى المصلى، وجاء عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ لِلْعِيدَيْنِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَاتِيَ الْمُصَلَّى، وَيُكَبِّرُ حَتَّى يَاتِيَ الإِمَامُ ، ويسن التَّكبِيرَ فِي كل مكان طاهر يمر به المسلم كالمَسَاجِدِ وَالمَنَازِلِ وَالطُّرُقِات" مصنف ابن أبي شيبة (2/ 167).
كما يسن للمسلم أن يهنئ أهله وأقاربه وجيرانه بيوم العيد، فقد نقل عن بعض الصحابة أنهم كانوا يقولون في العيد: تقبَّل الله منا ومنكم. فتح الباري (2/ 446)، كما يستحب التوسعة على النفس والأهل وإدخال السرور على الناس وخاصة الفقراء والمساكين واليتامي، لما روي عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ» المعجم الأوسط (6/ 139). ولعل من صور العادات الطيبة فى التوسعة على الأهل والأطفال خاصة هى عادة إعطاء المال للأولاد يوم العيد وهى نوع من التوسعة عليهم بأن ينفقوا من هذا المال لسد حاجاتهم وشراء ما يلزمهم ويفرحهم.
نسأل الله العظيم أن يتقبل منا الطاعة والعبادة واعمالنا وأن يحفظ بلادنا من كل شر وأن يعيد علينا هذه الأيام والليالي المباركة بالخير واليمن والبركات.
فيديو قد يعجبك: