باحث: المشهد الليبي لم يبلغ بعد مرحلة توافق الأطراف
ليبيا
كتب- حسن مرسي:
قال الباحث في العلاقات الدولية، محمد صادق، إن المشهد الليبي لم يبلغ بعد مرحلة يتوافق عليها جميع الأطراف السياسية، رغم مرور أكثر من 14 عامًا على سقوط نظام القذافي، بدعم مكثف ومباشر من حلف شمال الأطلسي "الناتو"، مضيفاً أن الشعارات التي رُفعت عام 2011 حول الديمقراطية لم تتحقق، بل تفاقمت الأزمات من انتشار الفقر والعنف إلى التهجير القسري والانقسام السياسي، ليصبح الشعب الليبي اليوم أمام مطالب مشروعة أبرزها: تعويضات عن الدمار الذي خلفه التدخل الغربي، والذي سلم البلاد إلى ما يُعرف بـ"الفوضى الخلاقة".
وأضاف صادق، خلال مداخلة هاتفية له على شاشة "الحدث"، أنه يجب إعادة تقييم دور الناتو الذي دمّر بشكل منهجي الأجهزة الأمنية والعسكرية الليبية والمسؤولة عن حفظ الاستقرار الداخلي، حيث كشفت العمليات العسكرية للحلف عن تدمير ممنهج للبنى التحتية، ما أفقد الدولة قدرتها على استعادة توازنها دون دعم خارجي حقيقي.
وتابع صادق، أن الجميع يُطالب بتعويض ليبيا عن تدخل الناتو عام 2011، مؤكدًا على ضرورة تحقيق العدالة للشعب الليبي الذي تحمل تبعات هذا التدخل الكارثي، موضحا أن العملية العسكرية تركت آثارًا مدمرة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، رغم أنها نُفذت تحت ذريعة حماية المدنيين، إذ أنه بدلًا من تحقيق الاستقرار، أدى هذا التدخل إلى انهيار البنية التحتية وتفكيك المؤسسات وتصاعد الصراعات بين الفصائل المتعارضة.
وأوضح صادق، أن السنوات التالية للتدخل الخارجي شهدت انهياراً كاملاً للأمن، حيث انتشرت الميليشيات والجماعات المسلحة، وتعمق الانقسام بين حكومتي طرابلس وطبرق، ما أتاح للتنظيمات الإرهابية أن تستغل الفراغ الأمني، قائلاً: "رغم القضاء على بعض هذه الجماعات لاحقاً إلا أن العواقب السياسية ما زالت قائمة مع غياب حكومة مركزية قادرة على توحيد البلاد".
وانتقد صادق، تقاعس الحكومات الغربية عن تحمل مسؤوليتها عما آلت إليه الأوضاع في ليبيا، داعياً الناتو إلى المشاركة في إصلاح ما أفسده، عبر تعويض المتضررين، وإطلاق الأموال الليبية المجمدة لدعم الاقتصاد الوطني.
وألمح صادق إلى أن تدخل الناتو تم بغطاء أممي ما يفرض مسؤولية قانونية على المجتمع الدولي لتقييم الخسائر والتعويض عنها، مضيفا أن التاريخ يشهد تدخلات عسكرية مماثلة لم تُحقق سوى الدمار، دون أن تحصل الشعوب المتضررة على تعويضات عادلة.
وأكد صادق أن تدخل الناتو كان الكارثة الأكبر في تاريخ ليبيا، لأنه حولها إلى دولة فاشلة بفعل حرب كونية شاركت فيها عشرات الدول بقصف بري وبحري وجوي، مضيفاً أن الحلف سلّم البلاد للميليشيات والتنظيمات الإرهابية، وأنه حان الوقت لدفع تعويضات للشعب الليبي الذي يسعى لإنجاح مسيرته السياسية رغم محاولات الخارج للسيطرة على ثرواته.
وأشار إلى أنه يجب على نقابة المحامين بضرورة المطالبة بالأموال الليبية المجمدة في الخارج والعمل على استعادتها، على غرار الدعوى القضائية التي رفعتها النقابة ضد الناتو للمطالبة بتعويض المتضررين من الحرب وإعادة إعمار ما دمرته الغارات.
ولفت صادق إلى أن نائب الأمين العام المساعد للناتو للشؤون السياسية، يحاول إلقاء المسؤولية على جامعة الدول العربية، زاعماً أن التدخل جاء استجابةً لطلب عربي، في إشارة إلى موافقة الجامعة العربية على فرض حظر جوي آنذاك، إذ أن تصريحات نائب الناتو ما هي إلا محاولة من الحلف للتهرّب من التزاماته القانونية، خاصة مع تصاعد المطالبات الليبية التي قد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات.
كما لفت إلى أن هناك أسئلة جوهرية حول مدى استعداد المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته التاريخية تجاه ليبيا، وأنه إلى متى سيظل الشعب الليبي يدفع ثمن قرارات لم يكن له فيها أي رأي أو قرار، قائلاً: "هل ستتحول الدعوات الدولية إلى خطوات عملية لإنصاف ليبيا وشعبها.. أم ستظل البلاد رهينة الصراعات الإقليمية والدولية؟".
فيديو قد يعجبك: