إعلان

"نفحات رمضانية" يقدمها الشيخ محمود الهواري: آداب تلاوة القرآن الكريم (٤)

04:46 م الإثنين 27 أبريل 2020

الشيخ محمود الهواري

كتب - محمد قادوس:

في حلقات خاصة لـ"مصراوي"، وعلى مدار الشهر الفضيل، يقدم الدكتور محمود الهواري، عضو المكتب الفنى لوكيل الأزهر، وأحد خطباء الجامع الأزهر، إطلالة رمضانية روحانية تتجدد مع أيام هذا الشَّهر الطَّيِّب، متعرضا لنفحات إيمانية قيمة ونصائح نبوية غالية، ومنها، آداب تلاوة القرآن.

يقول الهواري، عبر فيديو خاص نشره مصراوى عبر صفحته الرسمية على فيسبوك:

ما زلنا نتقلب في رياض القرآن، ونعيش معه أفضل حال، وسبق أن تكلمنا عن تعلُّق رمضان بالقرآن، وعن النِّيَّات في قراءته، وهنا نتناول الآداب التي يجب أن يستحضرها القارئ عند قراءته، وهي آداب عظيمة من تلبس بها حاز الدرجات العلى، ومن هذه الآداب:

أوَّلًا: أن يصحح القارئ نيته، وسبق أن قررنا وكررنا أن النية مفتاح قبول الأعمال، وكم من عمل عظيم تصغره النية، وكم من عمل صغير تعظمه النية، فاقرأ القرآن لله، لا رياء، ولا مفاخرة، ولا لهوى نفسك، وإنما لرضا ربك سبحانه وتعالى.

الثانية: أن تستعد للقرآن بالطهارة بالوضوء، وكثير من العلماء كان يتجاوز الوضوء، ويستعد لحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطيب والمبخرة، ومنهم الإمام مالك رحمه الله، وكلام الله أولى بهذه العناية.

وحتى نكون صادقين وأمناء مع القراء نقول: إن اشتراط طهارة قارئ القرآن من الحدث الأصغر مسألة اختلف فيها العلماء كثيرًا، فمنهم من اشترط التطهر، ومنهم من أباح القراءة بغير وضوء، لكنَّ الأكمل والأفضل أن يتوضأ القارئ قبل القراءة؛ إجلالا لكلام الله عز وجل.

وإن قرأ إنسان شيئا من كتاب الله بغير وضوء، فلا إثم، ولا ذنب، غير أنه يخالف الهدي الأكمل والأتم.

وأرجو أن نفهم أننا في شهر نسعى فيه لاستكمال الآداب العالية.

الثالثة: أن يستقبل القارئ القبلة، ونكرر مرة أخرى: إن هذا من الأدب، وليس من الواجب، وهذا يعني أن القارئ يقرأ على كل وجهة يتوجه إليها، لكن مراعاة القبلة أدب يجب الالتزام به عند القدرة عليه، أما لو كان الإنسان في وسيلة مواصلات أو في مكان لا يمكنه من استقبالها فإنه يقرأ أيضا، ولا حرج.

الرابع: أن يطيب الفم الذي ينطق بكلام الله، تنزيها لله ولكلامه، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا، فقال: «إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليَسْتَكْ؛ فإن أحدكم إذا قرأ في صلاةٍ وضع ملَكٌ فاه على فيه، فلا يخرج مِن فيه شيءٌ إلا دخل فمَ الملَك»[شعب الإيمان للبيهقي].

ويتأكد تطهير الفم مع تغير رائحة الفم بالصيام، وبتناول الأطعمة المتنوعة بعد الإفطار، وتقوم فرشاة الأسنان مكان السواك.

الخامس: أن يحسن القارئ صوته بالقرآن، ويتغنى به، وحسبه أن يسمع من عاشوا بالقرآن ترتيلا وتجويدا من قرائنا المصريين، أمثال الحصري، والمنشاوي، ومصطفى إسماعيل.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك فيقول: «زيِّنوا القرآنَ بأصواتكم»[أبو داود].

فعلى قارئ القرآن أن يجتهد في تحسين صوته؛ فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على ذلك؛ كما جاء عن أبي موسى الأشعري أنه قال: استمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءتي من الليل، فلما أصبحت، قال: «يا أبا موسى، استمعتُ قراءتك الليلة، لقد أوتيتَ مِزمارًا من مزامير آل داود»، قلت: يا رسول الله، لو علمتُ مكانك، لحبَّرْتُ لك تحبيرًا.[ابن حبان].

السادس: أن ينوي القارئ أن يجعل القرآن صاحبه، فلا يهجره؛ حتى لا يتفلت منه، فقد أوصانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن نتعاهد القرآن بالقراءة؛ فقال: «تعاهدوا القرآن؛ فوالذي نفسي بيده، لهو أشدُّ تفصِّيًا من الإبل في عُقُلِها» [البخاري].

وتعاهُدُ القرآن: هو المواظبة على تلاوته، والاهتمام بحفظه وتحفيظه للأولاد، و«أشد تفصِّيًا»؛ أي: أسرع خروجًا، «عُقُلها»: جمع عِقال، وهو الحبل الذي يُعقَل به البعير.

ومعنى الحديث أن صاحب القرآن إذا ما أراد المحافظة عليه فليقيده بكثرة المراجعة والقراءة، فإنه عزيز من تركه تركه.

السابع: أن يبدأ القراءة بالاستعاذة والاعتصام بالله، وأن يستجيب للآيات، فيسبح إذا أمرت بالتسبيح، ويستعيذ بالله إذا ذكرت العذاب، ويسأل الله الجنة إذا مرَّ بنعيمها، وقد كان مِن هَدْيِه صلى الله عليه وسلم أنه إذا مر بآية فيها رحمة سأل الله، وإذا مر بآية فيها خوف استعاذ بالله، فكما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم «إذا مر بآيةٍ فيها تسبيحٌ سبح، وإذا مر بسؤالٍ سأل، وإذا مرَّ بتعوُّذٍ تعوَّذ»[مسلم].

الثامن: أن يتدبر المعاني، ويجريها على قلبه، قبل لسانه، ويتذوق معانيها بعقله، ويغوص فيما وراء الألفاظ، والتدبُّر أهمُّ الآدابِ؛ فقد قال ربنا عز وجل: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]، وقال أيضًا: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].

التاسع: أن يجد خليلا يعينه على القراءة والفهم، والاجمل أن يجتمع الرجل بأهل بيته، والمرأة بأولادها في مجلس قرآني تحضره الملائكة، وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوابَ مَن فعل ذلك، فقال: «... وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارَسونه بينهم، إلا نزلَتْ عليهم السكينةُ، وغشِيَتهم الرحمة، وحفَّتْهم الملائكة، وذكَرهم اللهُ فيمَن عنده، ومَن بطَّأ به عملُه، لم يُسرِعْ به نسَبُه» [مسلم].

تلك آداب تلاوة القرآن الكريم، نسأل الله أن يرزقنا الالتزام بها.

جاوب واكسب مع فوازير مصراوي , للمشاركة أضغط هنا سارع بخروج زكاة الفطر _ زكاتك هتوصل للمستحقين مصراوي هيساعدك أضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان