الحبيب الجفري: انتشار الإلحاد نتيجة لتخلف الخطاب الإسلامي عن التجديد

كتبت – آمال سامي:

في حلقات مقتطفة من كتابه "الإنسانية قبل التدين" للشيخ الحبيب علي الجفري، يرصد الداعية، في 30 حلقة قصيرة ومنفذة برسومات الكولاج المتحركة، كيف تكون الإنسانية قبل التدين في ظل الحاجة إلى منظومة قيم أعلى وقابلة للتطبيق، مؤكدا أن النقص في الإنسانية يتبعه حتما نقص في التدين.

وتحدث الجفري في الحلقة الخامسة من برنامجه عن ظاهرة الإلحاد، والجانب المشرق في تلك الظاهرة ومسئوليتنا تجاهها، حيث يكثر الجدل حول قضية الإلحاد بين الشباب، سواء بالدعوة إليه أو التحذير منه، أو القلق من خطورته، ويرى الجفري أن ذلك الجدل غيب عن الأذهان الجانب المشرق فيها، وهو أنها تضخ دماء جديدة للبحث عن الحقيقة في مجمتمعنا الذي جمدت الدماء في عروقه، واصبح مرتبكا أمام فوضى الرغبات والركون التقليدي للموروث، على حد تعبيره، وقال الجفري إن أي أمة تتجمد دماء البحث عن الحقيقة في عروقها لا يمكن أن تنهض حتى ولو احرزت صورًا من التقدم المادي أو مظاهر من الحريات الفردية أو الاجتماعية أو السياسية.

وحذر الجفري من خطورة الوقوع في فخ الغضب والهجوم المتحامل على الشباب لأن ذلك يوصل رسائل خاطئة وهي عدم قدرة الإسلام على البيان بالحجة والبرهان، وأضاف الجفري أن ما تسبب في انتشار هذه الظاهرة هو تخلف الخطاب الإسلامي عن فريضة التجديد مع الاكتفاء باجترار الماضي المشرق من الحضارة التي شيدها الأسلاف، "الآن علينا مسئولية فهم معاناة الشباب بسبب واقعهم المرير، واحترام عقولهم ومشاعرهم، وإعطائهم حقوقهم التى جعلها الله لهم فى أن يخوضوا تجربة البحث الجادّ عن الحقيقة وهي تجربة مليئة بالنجاح والاخفاق والصواب والخطا وحق الإنسان في أن يخطئ هو حق أصيل في الشريعة"، وأشار الجفري إلى أن صاحب الخطأ الناتج عن البحث الجاد عن الحقيقة له أجر كما أخبر النبي بقوله :إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد واخطأ فله أجر.

"نحن بحاجة إلى الكف عن لغة التعنيف والتهجم والتهديد لننتقل إلى مرحلة الاعتراف بالخطأ والعمل على إجابة اسئلة الشباب" يقول الجفري موضحًا أن كثيرا ممن يعتبرون أنفسهم ملحدين أو لادينيين هم في الحقيقة يبحثون عن أسئلة تجيش بها صدورهم، ومن حقهم أن يأخذوا الفرصة والوقت الكافيين فى البحث الجادّ عنها، واستشهد في ذلك بقوله تعالى: "أوْ كالَّذى مرَّ على قريةٍ وهى خاوِيةٌ على عُروشِها قالَ أنَّى يُحيِى هذهِ اللهُ بعدَ مَوتِها"، واختتم الجفري الحلقة بدعاء:

"اللهم يا مَن احتجبَ بنور ظهوره عن خلقه، وأشهدهم حقيقة وجوده بتجلى أفعاله، وأودع فى مكنون قلوبهم بصيرة خرق حجاب نفوسهم، دُلّنا بك عليك، وأوصلنا بفضلك إليك، وانقلنا من حيرة الوهم إلى حيرة الفهم، يا قُدّوس يا سلام".