لكل مذهب محراب وجماعة وأذان وإمام.. الحرم المكي قبل 1925م
كتبت – آمال سامي:
خمسة محاريب للصلاة للمذاهب المختلفة، هكذا كان الحرم المكي مقسمًا حتى عام 1925م، تصلى فيه الصلوات الخمس المكتوبة في أربع جماعات مختلفة، كل جماعة حسب مذهبها، فكل طائفة من المذاهب الإسلامية التي كانت تعيش في مكاة، كان لها محراب وأذان وإمام وصلاة جماعة، حتى جمع الملك عبد العزيز آل سعود المسلمين خلف إمام واحد وجماعة واحدة، فقبلها، لم يكن المسلمون في الحرم المكي يجتمعون كافة خلف إمام واحد إلا في صلاة المغرب..
في الحرم المكي، كانت هناك خمسة مقامات للصلاة حسب الطوائف المكونة للمجتمع المكي، تروي إيناس محمد البهيجي في كتابها "تاريخ جماعات الإسلام السياسي" فتقول إن الصلاة كانت مقسمة حسب الطوائف المكونة للمجتمع المكي حينها، وهي الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية والشيعة أيضًا، فكان لكل طائفة مقام أو محراب للصلاة تصلى فيه، إلا في وقت المغرب، فكانت الطوائف كلها تصلي في وقت واحد لضيق الوقت، وقد بدأت تلك الظاهرة المبتدعة في القرن السادس الهجري وما بعده.
وحسب موقع الرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام، فإن أول ذكر لهذه المقامات جاء في كتاب إتحاف الورى في حوادث سنة 488هـ قال : "وفيها ولي الجمال أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن فتوح بن محمد المكناسي المالكي إمامة مقام المالكية بالمسجد الحرام ، وأوقف المكناسي المذكور المقرب لابن أبي زمنين المالكي ستة مجلدات على المالكية والشافعية والحنفية الذين يكونون بمكة ، وجعل مقره بخزانة المالكية بمكة".
وقد ذكر المقامات الأربعة ابن جبير في رحلته أيضًا حيث قال: "وللحرم أربعة أئمة سنية وإمام خامس لفرقة تسمى الزيدية. وأشراف أهل هذه البلدة على مذهبهم، وهم يزيدون في الأذان: حي على خير العمل إثر قول المؤذن حي على الفلاح، وهم روافض سبابون، والله من وراء حسابهم وجزائهم، ولا يجمعون مع الناس إنما يصلون ظهراً أربعاً، ويصلون المغرب بعد فراغ الأئمة من صلاتها".
كان مقام الشيعة المسمى بالمقام الزيدي أول هذه المقامات في الإزالة، حيث أزيل عام 1325م ، 726 هجريًا، وظلت المقامات الأربعة قائمة حتى أزلها عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية، ثم أزيلت المقامات تباعًا في عمليات توسعة الحرم المكي، وكان أول مقام تتم إزالته هو المقام الحنبلي الذي أزيل في شعبان عام 1377 هـ الموافق عام 1958م، ثم بعد ذلك المقام المالكي ثم المقام الحنفي في نفس العام، أما المقام الشافعي فكان له وضع خاص حيث يقع فوق بناء بئر زمزم فلم يتم هدمه إلا بعد ذلك بعدة سنوات عام 1383 مع بناية البئر.
لم يكن هذا الحال في المسجد الحرام وحده، بل ينقل لنا أحمد شاكر، أحد أئمة الحديث في مصر في العصر الحديث، كيف كانت المساجد الشهيرة تقام فيها عدة جماعات حسب المذاهب في مصر أيضًا، فيقول شاكر في تعليقه على جامع الترمذي: "كان عن تساهل المسلمين في هذا وظنهم أن اعادة الجماعة في المساجد جائزة مطلقًا أن فشت بدعة منكرة في الجوامع العامة مثل الجامع الأزهر والمسجد المنسوب للحسين وغيرهما بمصر..ففي الجامع الأزهر مثلًا امام للقبلة القديمة، وآخر للقبلة الجديدة، ونحو ذلك في الحسين، وقد رأينا فيه أن الشافعية لهم إمام يصلي بهم الفجر والحنفيون لهم آخر يصلي الفجر..ورأينا كثيرًا من الحنفيين من علماء وطلاب وغيرهم ينتظرون إمامهم ليصلي بهم الفجر، ولا يصلون مع إمام الشافعيين والصلاة قائمة والجماعة حاضرة، ورأينا فيهما وفي غيرهما جماعات تقام متعددة في وقت واحد وكلهم آثمون"
فيديو قد يعجبك: