"إشعال النيران وطحن الدقيق".. أبرز طقوس الخليج للاحتفال بشهر رمضان
كتبت- رنا أسامة:
تختلف طقوس شهر رمضان في دول الخليج، بدءًا من رؤية الهلال وصوم اليوم الأول وحتى نهاية الشهر. ويتجلى الاختلاف في العادات والتقاليد التي يمارسها المجتمع أو في الممارسات التي تقوم بها الأُسر بشكل منفرد، سواء داخل المنزل أو خارجه، وتشمل وجبات الطعام والزيارات وغيرها من الأمور.
ومع اختلاف العادات الرمضانية في دول مجلس التعاون الخليجي، تتفق في معظمها على الاستعداد لرمضان من أواخر شعبان، والحرص على ما يُطلقون عليه "الغبقة"، وتعني العشاء الرمضاني المتأخر، إلى جانب إحياء ليلة النصف من رمضان، وأداء صلاة القيام "التراويح"، والاستمتاع بالخيم الرمضانية.
وبينما تترقّب معظم الدول العربية قدوم الشهر الكريم، اليوم الخميس، يرصد "مصراوي" أبرز الطقوس التي يستقبل بها الخليج شهر رمضان:
السعودية
تبدأ المملكة استعدادتها لرمضان في أواخر شهر شعبان، بتخصيص يوم للاحتفال بقدوم الشهر الكريم يُطلقون عليه اسم "شعبانية" أو "شعبنة"، يجتمع فيه الأهل والأصدقاء والجيران ويتم تقديم جميع الأكلات الشعبية والحلويات، وتحفل الشوارع والأسواق باللافتات واللوحات الترحيبية بقدوم رمضان.
تختلف عادات استقبال رمضان في أنحاء المملكة من مدينة لأخرى؛ ففي "عسير" يستقبلون الشهر الكريم بإشعال النيران الكثيفة في أسطح المنازل والجبال. وفي "جدة" يحرصون على شراء المواد الغذائية والأواني المنزلية استعدادًا للولائم والعزائم .أما في "الرياض" فيستعدون من خلال شراء الفوانيس وتعليق الزينة وزيادة الإقبال على الأسواق.
ومن عادات السعوديين عند الإفطار تناول التمر والرطب والماء، ويطلقون عليه "فك الريق" أو "فكوك الريق"، ثم يبدأون في تناول وجبة الإفطار التي غالبًا ما تكون خفيفة، تزامنًا مع تبخير المنزل، وبعد الانتهاء يشربون الشاي الأحمر مع الحلويات الرمضانية. أما وجبة السحور فتمثل الوجبة الأساسية لديهم وتشمل الكبسة باللحم أو الدجاج وكذلك صيادية السمك، والأطباق الأخرى الشعبية التي تميز كل منطقة من مناطق المملكة.
ومن أبرز العادات الرمضانية في المملكة، زيارات العائلات والجيران بعد صلاة العشاء، وتخصيص إفطار كل يوم من أيام رمضان في منزل أحد أفراد العائلة بشكل دوري، بادئين بمنزل أكبر أفرادها، ويقوم البعض بتوزيع عيّنات من طعام الإفطار على الجيران، فيتبادل الجميع الأكلات فيما بينهم.
الكويت
أما الكويت، فتستقبل رمضان بحِراك اجتماعي ملحوظ وتُقام مجالس تُعرف بـ"الديوانيات"، حيث تقام حفلات الإفطار الجماعي ويتسامر الكويتيون، وتجرى بعض المسابقات الخفيفة فتُضفي على الأجواء متعة ومرحًا.
ومن العادات الرمضانية في الكويت، الاحتفال عند غروب الشمس بانطلاق مدفع الإفطار، حيث يجتمعون بكثافة قرب مكان المدفع منذ العصر، وعندما ينطلق يهلّلون ويزغردون.
وقرب مكان المدفع، يقع سوق "المباركية" التراثي، قبلة الكويتيين في رمضان، الذي يتحول إلى ملتقى يجمع الأهل والأصدقاء، حيث المقاهي والمطاعم والمشروبات والمأكولات الشعبية الشهيرة مثل الكباب والكشري والفطير المشلتت والمشروبات الساخنة والباردة، والسهر حتى وقت السحور وساعات الفجر.
وفي منتصف الشهر، يجري الاحتفال بأيام تُعرف بـ"القرقيعان"، وهو عبارة عن خليط من المكسرات والملبس والحلاوة والشوكولاته يتم توزيعه على الأطفال الذين يدقون أبواب الأهل والأقارب والجيران بعد الإفطار ووقت السحور. ويرتدي الأطفال في تلك الأيام الملابس الكويتية التقليدية، ويرددون الأغاني الوطنية وأناشيد معينة.
وتعتبر "الغبقة" الرمضانية، إحدى العادات العريقة والتراثية للكويتين، وهي عبارة عن حفلات ضخمة تُقام بعد صلاة التراويح في الفنادق والصالات الفخمة، حيث يحضرها حشد كبير من الرواد الذين تدور بينهم الأحاديث على أنواعها.
ولدى المسحراتي في الكويت، الذي يُعرف بـ"أبو طبيلة"، مكانة خاصة في رمضان، إذ يجوب الشوارع ليلًا وهو يردّد "لا إله إلا الله.. محمد رسول الله"، لإيقاظ النائمين وحضهم على تناول طعام السحور. ويقدم له الكويتيون الطعام والشراب، وهكذا حتى أواخر ليالي رمضان، وفي النهاية يودع الشهر ويردد بصوت حزين "الوداع.. الوداع يا رمضان.. وعليك السلام شهر الصيام".
الإمارات
يستقبل الإماراتيون رمضان منذ ليلة النصف من شعبان، التي تُعرف هناك بـ"حق الليلة". وجرت العادة أن يتجمع الأطفال بعد صلاة المغرب بملابسهم التقليدية؛ فالبنات بالملابس المطرزة والصبيان بـ"الكندورة" والطاقية المطرزة بخيوط الذهب، يحملون على رقابهم كيسًا من القماش يسمى "الخريطة"، ويمشون جماعات تتوقف على البيوت وتبدأ بترديد الأهازيج لحث أهل البيت على منحهم المكسرات والحلويات، وهم ينشدون: "عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم".
وعند قدوم رمضان، تنتشر في الإمارات موائد الإفطار الجماعي، حيث يجتمع أهل الحي في مكان واحد للإفطار، فتأتي النساء جالبات ما صنعن من وجبات، ويتشارك الجميع في تناول "الأرز والهريس والمحلى والعصيدة واللقيمات"، ومن الحلويات أطباق "الخبيصة والبثيثة والخنفروش والبلاليط".
ووفق العادات الرمضانية في الإمارات، تكاد المنازل والمطاعم لا تخلو من الأكلات الشعبية كالمجبوس والثريد والبرياني واللقيمات، إضافة إلى الهريس الذي يعد المفضل على مائدة إفطار الإماراتيين. وبعد الإفطار تعج المقاهي بمئات الساهرين، إذ تتفنن في اجتذاب الزبائن من خلال وضع شاشات كبيرة لمشاهدة برامج الفضائيات المتنوعة.
وتعد زيارة الأهل والأقارب بعد صلاة التراويح من أبرز ما يشتهر به الإماراتيون في رمضان، إضافة إلى التسوق وشراء مستلزمات الأسرة واحتياجات عيد الفطر، إذ تتنافس المحال التجارية وتقيم مهرجانات التسوق والحملات التشجيعية الرمضانية.
البحرين
ما إن يهِلّ هلال شهر شعبان حتى يبدأ البحرينيون في الاستعداد لاستقبال رمضان، إذ يتعاونون على "طحن الدقيق" أمام البيوت وقد كست وجوههم الفرحة في انتظار هذا الشهر الكريم. كما تدُبّ في الأسواق حركة بيع وشراء غير طبيعية لجلب المُستلزمات الرمضانية.
وجرت العادة قبل حلول رمضان، أن يأخذ البحرينيون دواءًا معينًا يُعرف باسم "العشرج أو السنامكي"، من أجل تنظيف المعدة حتى تكون صالحة وعلى أهُبّة الاستعداد لاستقبال وجبات رمضان الدسمة. ويُردد الأطفال الأناشيد فرحين بقدوم رمضان، ومنها أنشودة مطلعها: "حيّاك الله يا رمضان.. يا بو الكرع والبيذجان".
وفي الليلة التي يُتوقع فيها الناس ظهور هلال رمضان في البحرين، يخرجون إلى الشواطئ ووالأماكن المرتفعة للتحقّق من رؤية الهلال. وتسمى هذه الليلة بـطليلة الاستهلال".
ومن أبرز العادات الرمضانية فى البحرين، تلك المجالس التى يفتحها الرجال فى بيوتهم ويقومون بدعوة الأقارب والجيران والأصدقاء والزائرين للتجمع بعد صلاة العشاء، والتباحث فى شؤون الدين والدنيا وسرد الحكايات وتذكّر الماضي، إضافة إلى مناقشة القضايا في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية.
وتتميز المائدة البحرينية في رمضان بأصناف مختلفة من الأكلات الشهيرة هناك مثل " الهريس والثريد والمقليّات"، إضافة إلى أطباق الحلوى الأكثر شهرة بين الدول الخليجية.
عمان
تبدأ طقوس رمضان في سلطنة عمان مع استطلاع الهلال، من خلال التجمع أمام الشاشات لمعرفة ما ستعلنه وسائل الإعلام عن موعد دخول الشهر. وإذا تحقّقت الرؤية، يجتمع الأهالي في المساجد لأداء صلاة العشاء والتراويح. وبعد الانتهاء من الصلاة، يتبادلون التهاني بمناسبة قدوم رمضان.
ومن الطقوس الرمضانية في عمان، الإفطار الجماعي في المساجد وتجمع أفراد العائلة في بيت أكبرهم سنًا.
ويبدأ الإفطار بتناول التمر مع القهوة، بعدها تؤدّى صلاة المغرب ثم يتم العودة لتناول وجبة العشاء، والتي عادة ما تتكون من الخبز العماني واللحم أو السمك المشوي. أما السحور، فعادة ما يتكون من الأرز واللبن، أو الأرز واللحم البلدي، ولا وجود للمسحراتي في المدن والقرى الداخلية، أو مدفع الإفطار.
وتعتبر "الهبطات"، من أبرز التقاليد العمانية في رمضان، وهي عبارة عن سوق مفتوح يشهد إقبالًا كبيرًا من الزوار والمواطنين في المناسبات الكبيرة كرمضان والعيدين. كما يحرص العمانيون على حضور حلقات الذّكر، وخاصة بعد صلاتي الفجر والعصر، وكذلك قراءة القرآن الكريم، ويتنافسون على ختم المصحف الشريف.
فيديو قد يعجبك: