في ظل ارتفاع الأسعار.. حيل الأسر المصرية لترشيد ميزانية خروجات رمضان
كتبت-مروة محيى الدين:
كانت المقاهي مُزينة بالمفارش الخيامية، الأغاني القديمة تطغى على المكان، ورجل يرتدي "طربوش أحمر" يضرب على الدف، وفي إحدى الحارات جذبت شخصيات بوجي وطمطم الأطفال، هذه الطقوس الرمضانية التي ازدحم بها شارع المعز تجذب العديد من الأسر المصرية كل عام، وراء الإفطار، ليتنفسوا نفحات رمضانية لا تتكرر، حتى مع تغير الأسعار، كان للمكان حظًا من إقبالهم لكن مع تغيرات، منهم حاول ترشيد شراء احتياجاته، وآخرين لم يلتفتوا للأمر، إضافة إلى من تراجع عن النزول باستمرار.
بجوار أحد محال مقتنيات المقاهي في شارع المعز، جلست عفاف صابر إلى جانب شقيقتها، تتابع الأجواء في هدوء، تلتقط بعينيها مشاهد تسرها كالعادة. كان المعز أول من وقع الاختيار عليه من قبل السيدة الستينية "بيعجبني ريحة رمضان مع الأحياء الشعبية ليها مذاق خاص"، ونظرًا لقربه وقتذاك من سكن شقيقتها في غمرة التي رافقتها وأولادها في الرحلة خلال زيارتها لهم.
منذ أن تزوجت في مدينة المستقبل لا تنقطع عادة الخروج في الشهر المبارك لدى عفاف، فكانت تفطر مع زوجها وأولادها في أحد الأندية، لكن يبقى الإفطار في الأماكن الشعبية الأقرب إلى قلبها. بعد الإفطار تقضي وقتًا، تشتري بعض المقتنيات من المُعز "على قد الإمكانيات" كما تصف.
تعتبر عفاف أن "النواحي المادية مهمة في الحاجات دي"، بالنسبة إلى عمل جولة في أحد الأماكن بصفة عامة تحتاج إلى تكاليف "في رمضان وغير رمضان مكلف"، إنما بإمكان الفرد أن يحدد مبلغ وفقًا لظروفه "ممكن يخرج للتمشية، في اللي بيشرب عصير قصب"، بما أن تنزه الأُسر في رمضان أصبح جزءً ضمن احتفالاتهم.
على هذه الطريقة يسير عبد الرحمن شلهوب، الذي يعيش بمنطقة الزاوية الحمراء، يدرك الطالب بكلية التربية الرياضية أن "أسعار الأكل بتتغير كل فترة بالذات في رمضان"، ما يجعله يضبط ميزانيته بحيث ينفق مبلغًا صغيرًا "على قدر السحور والمواصلات"، يقول ذلك أثناء سيره مع ثلاثة من أصدقائه في شارع المعز.
يذكر الشاب العشريني - مُصور في ستوديو- أن "مش على طول بنزل"، لكن في الوقت الذي يتردد فيه على الأماكن المُفضلة يضع التزاماته صوب عينه "الكلية والدراسة"، وفي حال عدم خروجه في رمضان "بنزل ألف في الشوارع تحت البيت أنا وأصحابي".
كان بائع البالونات المُضاءة يقف على جانبي شارع المعز، التي لفتت أنظار الأطفال، بجانبه كان يجلس سيد زايد وزوجته وأولاده الستة، يختارون من البالونات، يلعبون ويركضون حول والديهم، يعتبر الرجل الثلاثيني يوم فسحة رمضان "مقدس عندي، لازم أروح الأماكن الروحانية زي الحسين والمعز والسيدة زينب"، ليستمتع بأجواء رمضان.
على مدار الشهر الكريم كل عام اعتاد سيد، صاحب الـ 39 ربيعًا، على الخروج يوم الجمعة من كل أسبوع، يأخذ أسرته وينطلق إلى أحد الأحياء المُحببة إليه "نتسحر ونصلي في الحسين والمعز"، يشتري لأولاده ما يشتهونه، لا يُبالي كم سيكلفه الخروج من شراء متطلبات للأبناء "سايبها على الله وربنا بيرزق".
أما مع تغير الأسعار قرب قدوم رمضان، يرى تاجر سيارات الأجرة أن "من سيتأثر هم معدومي الدخل من العمالة اليومية"، غير أن حصاد السعادة يأتي من "البساطة مش في الفلوس، في الراحة النفسية، لو في حاجة واحدة الكل يشرب منها"، أكثر ما يعنيه قضاء وقت سويا "اللمة ما بيننا".
وعلى أحد أسوار المعز كانت تجلس عائلة داليا، يتبادلون الأحاديث والضحك، يتناولون بعض الحلوى، اعتادت العائلة أن تخرج في رمضان إلا أن ما يعيقهم حلوله بالتزامن مع موعد الامتحانات "يدوب نخطف يوم أو اتنين".
تحكي الطالبة، صاحبة الـ 22 عامًا، أنهم يتنزهون في الأماكن التي تزخر بالأجواء الشعبية الرمضانية ولا تغرمهم مبالغ كبيرة، تعلم أن الأسعار في كل عام تتزايد عما قبلها، إلا أنهم يحاولون الاستمتاع بأقل التكاليف "هتلاقينا بنرشد في شراء الحاجات، مش شرط نقعد على كافيه، ممكن نجيب حاجتنا معانا"، لتختم والدتها الحديث أنها لم تحمل همًا أو تراجعت عن النزول وقت رمضان "شهر رمضان جاي بالبركة بتاعته".
فيديو قد يعجبك: