مسجد المؤيد شيخ.. "الندر" الذي تحول إلى حقيقة خلال دولة المماليك (فيديو)
كتبت-رنا الجميعي:
تصوير-شروق غنيم
لا توجد مبالغة في قول أن وراء كل حجر في شوارع مصر حكاية تاريخية، وقصة تستحق أن تروى، وخلال شهر رمضان الكريم قرر مصراوي التجول داخل مساجد القاهرة التاريخية، نحكي تاريخ الحجر فيها، ونستعرض تفاصيل عمارتها البديعة.
بُني مسجد المؤيد شيخ عام 1415 ميلادية، في عهد السلطان المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي الظاهري، أحد سلاطين دولة المماليك الجراكسة، وكان المسجد "ندر" نذره المؤيد شيخ داخل سجن كان محلّ المسجد، ففي عصر الملك الناصر فرج بن برقوق اتهم المؤيد شيخ بالتآمر عليه، وسُجن فيما يعرف باسم "خزائن شمايل"، ونذر المؤيد بهدم السجن بعد خروجه، ويقيم مكانه جامعًا ومدرسة.
وتحققت أمنية المؤيد شيخ، وملك حكم مصر بعد الظاهر برقوق عام 1412، وبعد ثلاثة أعوام من حكمه بدأ في بناء جامعه الذي يعد تحفة فنية معمارية، ويقع المسجد في شارع المعز لدين الله ملاصقًا لباب زويلة، وواحد من أبواب المسجد كان في الأصل باب مدرسة السلطان حسن، وهو باب من أجمل الأبواب الخشبية، واشتراه المؤيد مع تنور نحاس وضمه للمسجد، وفي الداخل يقبع ضريح السلطان وإلى جواره ضريح ابنه إبراهيم الذي مات صبيًا.
ويوجد على يسار باب الجامع الرئيسي سبيل للمياه، قيل أنه يستخدم قديمًا في إرواء ظمأ رواد المسجد وعابري السبيل، ويتكون جامع المؤيد من صحن في الوسط مفتوح، ومحاط بأربعة أروقة، أكبرها وأعمقها هو رواق اتجاه قبلة الصلاة، وجدرانه مغطاة برخام ملون إلى مستوى المحراب.
ومما يمتاز به الجامع هو تشييد مئذنتيه فوق باب زويلة، ويرجع الباب للعصر الفاطمي، وامتزج الاثنان معًا ليكونا معلم أثري يرجع لعصرين مختلفين، وتحمل المئذنة الغربية اسم المؤيد شيخ، أما الأخرى تحمل اسم محمد بن القزاز مهندس المئذنة.
يتكون الجامع من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة ظلات أكبرها ظلة القبلة، تزين الجدران وزرات رخامية ملونة بإرتفاع المحراب، وبجواره المنبر المطعم بالعاج والصدف، وعليه كتابات تحمل اسم وألقاب المؤيد الشيخ.
وللمسجد أربعة حدود، الحد الجنوبي الشرقي، يطل على شارع المعز لدين الله، وبه الواجهة الرئيسة والباب الرئيسي، والحد الشمالي الشرقي يطل على حارة الأشرفية، التي كانت تؤدي إلى باب الفرج. والحد الشمالي الغربي به الحمام والميضأة ومساكن طلبة المدرسة، فيما يطل الحد الجنوبي الغربي على شارع "تحت الربع".
لم يبق المؤيد شيخ في الحكم طويلًا، فقد تولى حكم مصر لثماني سنوات فقط، ومات في عمر الـ 52 تأثرًا بمرض شديد، وكان تاسع السلاطين المماليك الترك، ودفن الشيخ بالقبة الشرقية بمسجده، وتولى ابنه أحمد السلطنة من بعده، وعُرف عن السلطان المؤيد أنه كان يتمتع بشخصية قوية، ويحب العلم والعلماء ويحضر مجالسهم، وكان يحسن إلى الفقراء.
تعرض مسجد المؤيد شيخ إلى عدة ترميمات عبر تاريخه، أولها كان تعرضه للضرب بالمدافع أثناء ولاية عمر باشا حكام مصر من قِبل العثمانيين عام 1076 هجرية، ودفعه للضرب تحصن بعض الثائرين من طائفة "الزرب"، وشاور علماء الدين الذين أفتوه بمهاجمة الجامع.
وتأثر أيضًا مسجد المؤيد بزلزال عام 1992، ونتج عنه تصدع في بعض جدرانه وأعمدته، واستغرقت عملية الترميم 3 سنوات، وخلال عملية الترميم تم اكتشاف امتداد سور القاهرة الجنوبي الحجري الذي يعود إلى عصر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله.
لمشاهدة الفيديو: اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: