"هلال بلا احتفال".. حكايات من أوروبا وأمريكا عن استقبال شهر رمضان
كتبت- أسماء البتاكوشي
تزامنًا مع حلول أول أيام شهر رمضان المبارك، استعد الملايين من المسلمين بمختلف أنحاء العالم، من أجل الاحتفال بالشهر الكريم، وبرغم اتساع الرقعة التي يتواجدوا فيها، لكن طقوس الاحتفالات تختلف عن بعضها البعض في البلدان من المشرق إلى المغرب.
ينتظر الكثير من المسلمين كل عام، هذا الشهر الفضيل يحتفلون به ويؤدون شعائره، في الدول الإسلامية والعربية، بينما يشكل المسلمون في الدول الأوروبية أيضًا جزءًا مهمًا من المجتمع، لكنهم يعيشون تحت ظروف مختلفة عن تلك التي تسود في البلدان الإسلامية، ما يجعل احتفالاتهم برمضان لها طابع خاص بهذه الثقافة الأوروبية المتنوعة، فبعض البلدان تحتفل بمظاهر عدة وأخرى لا يوجد بها أي احتفالات.
البداية كانت في ألمانيا، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، تم السماح بتعليق إضاءة خاصة احتفالًا بقدوم شهر رمضان المبارك في قلب مدينة فرانكفورت الألمانية، إذ تم تركيب أهلة ونجوم وكتابة عبارة "رمضان كريم" بالفعل في منطقة "فريسجاس" من شارع جروسه بوكنهايمر.
ويقول علي الغزي الطالب اليمني المقيم في العاصمة الألمانية برلين، "إن الاحتفالات بشهر رمضان المبارك ليست ظاهرة للعلن، لكن على غير العادة كانت هناك مظاهر للاحتفال في فرانكفورت، فقد سمحت الولاية بتزيين الشوارع"، نظرًا لأن ألمانيا لا يتم رفع لافتة فيها دون علم الدولة وأخذ الإذن، وإذ لم نتقدم بطلب قد نتعرض لمضايقات ودفع غرامة مالية".
وخلال حديث الغزي لـ"مصراوي"، فإنه يرى أن المجتمع العربي في أوروبا بشكل عام متطبع نوعا ما بطباع الأوروبيين من الاعتزال وعدم الاختلاط، لذلك عندما يكون هناك تجمعات كالإفطار الجماعي مثلًا، فلا يحضرها الكثير، أو يحضرها فقط العائلات، من أجل تعريف أبنائهم بالثقافات العربية.
"طقوس رمضان في البلاد الغربية مختلفة ولا نشعر كثيرًا به"، هكذا وصف الطالب اليمني الشهر الكريم في ألمانيا، مشيرًا إلى أنه لا يتم تزيين الشوارع أو الشوارع ولا يوجد سوى موائد الإفطار، كما كشف عن معاناته فبحلول نهاية رمضان يوم نحو 16 ساعة.
ومن ألمانيا إلى العاصمة الأوكرانية كييف، حيث يعيش الدكتور حسن العبيدي العراقي الجنسية والذي قال لـ"مصراوي"، "إن الجاليات العربية في البلاد لم تعد كبيرة كالسابق، وذلك بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ومن يتواجد في البلاد، تتجمع بعض الأحيان، لكن في الوقت الحالي هناك صعوبة بسبب نظام منع التجوال من الـ12 ليلًا حتى الـ5 صباحًا، ما يؤثر بشكل واضح على الفعاليات المعتادة خلال الشهر الكريم، مثل الإفطار الجماعي وصلاة التراويح، فضلًا عن السحور ليلًا.
وأضاف العبيدي، أنه يوجد في كييف مركز ثقافي إسلامي ومسجد الرحمة، لكن الأجواء مختلفة كثيرًا عن العراق، فإن أوكرانيا أغلب قاطنيها من الديانة المسيحية، "هم يحترمون الدين الإسلامي والتقاليد"، لكن في الوقت ذاته البلد لا يحمل أي مظاهر لحلول الشهر الكريم في الشوارع والمدينة بشكل عام.
"شهر رمضان له خصوصية لا نراها إلا بيننا نحن المسلمين"، يوضح الدكتور حسن العبيدي، أن الأجواء الدينية ومظاهر الاحتفال والعبادة غير موجودة في كل مكان كما البلاد العربية، كما تسبب الغارات الجوية التي تشنها روسيا بشكل يومي، صعوبة في التجمعات بين المسلمين هناك، ما يسبب شلل في التجوال، فيضطروا إلى الذهاب للملاجئ.
"رغم ديانة زوجتي المسيحية فإنها أول من يبدأ بتجهيز المنزل، ما يجعلنا نشعر برمضان"، تحدث العبيدي عن فعاليات الشهر الكريم قبل الحرب، إذ يقول "كانت توجد أجواء جميلة قرب المركز الثقافي الإسلامي أو المسجد، وكنا نشعر ولو بشيئ بسيط من الطقوس والفعاليات الرمضانية، وخاصة بعد الفطور والصلاة نستمع للقرآن الكريم ونتبادل الحديث بيننا ويرى المجتمع الأوكراني قدسية الشهر الكريم لدينا".
وعن إمكانية خروج العبيدي من كييف إلى أي دولة أخرى بسبب خطورة الأوضاع جراء الحرب، يؤكد أنه لا يستطيع كونه يحمل الجنسية الأوكرانية، فضلًا عن عمله، موضحًا أنه قبل نحو شهر سقط صاروخ على بعد 100 متر عن منزله.
ومن فرنسا تقول تقول أبرار الفتاة السورية، والتي تمتلك مشروع للحلويات في ليون، "إن المدينة التي تقيم بها لا يتم تنظيم أي طقوس أو فعاليات فيها التي نحتفل من خلالها بشهر رمضان المبارك مثل الدول العربية، كالعزومات والتجمعات، بسبب بعد المسافات عن بعضها".
"شبه نسينا طقوس رمضان".. ترى أبرار في حديثها لـ"مصراوي"، أن طقوس رمضان في الدول العربية كالأسواق المفتوحة إلى أوقات متأخرة، والإفطار الجماعي والصلاة الجماعية، غير موجودة في الدول الأوروبية، لكن العائلًات المقيمة هناك، تحاول الاحتفال وتزيين منازلهم، لكن طقوس عامة لا تحدث.
ومن أوروبا إلى أمريكا اللاتينية، حيث يعيش رجل الأعمال المصري محمد درويش والذي يقيم في مدينة ساوباولو البرازيلية فسرد لـ"مصراوي"، مظاهر احتفال المسلمين في مدينته بالشهر المبارك، قائلًا " أغلب الطقوس والاحتفالات تكون من قبل الجالية العربية المسلمة، يوميًا يكون هناك احتفالات ليلًا يتم إطلاق الألعاب النارية فوق المسجد، فضلًا عن إفطار جماعي مجاني يوميًا".
ويضيف درويش أنهم يؤدون صلاة التراويح في مسجد سانتو أماروه، الذي يعتبره أفضل 10 مساجد حول العالم لما فيه من روحانيات وجمال واهتمام الجالية به، ففي ليلة الـ27، يكون هناك احتفالًا كبيرًا والجالية تتجمع في المسجد والأطفال يلعبوا في الحديقة.
"كل عام ترسل مصر قراء من الأزهر، كي يقيموا صلاة التراويح خلال شهر رمضان، وبعد ذلك يعودوا إلى مصر مرة أخرى"، بحسب ما قاله درويش، الذي لفت إلى أن عائلته مقيمة في البرازيل، وكل يوم يتجمعوا في منزل أحدهم من أجل الإفطار، وتجمع الأطفال.
"مصر هى قلب رمضان".. وعن الفروق في شعائر الشهر الكريم بالقاهرة عن ساو باولو، يرى "درويش"، "هنا مش بتسمع الأذان فى الشارع، والمساجد بعيدة، مفيش قطايف ولا الأكلات المصرية"، مضيفًا أن البلد لا يغير نظامه، أي لا يوجد إجازات من أجل رمضان أو العيد، أو تتوقف الدنيا من أجل الإفطار، كما لا يتم تزيين الشوارع كما يحدث في الدول العربية.
ووفق درويش، فإن شهر رمضان يكون صعبًا في حالة كنت وحيدًا في بلد أوروبي، لكنه يؤكد أنه سواء كنت في مصر أو البرازيل أو حتى فى القمر هذا الشهر هو شهر البركات.
فيديو قد يعجبك: