السياحة وبطولة أفريقيا.. هل تتحقق آمال العاملين في القطاع بالرواج؟
كتبت- إشراق أحمد:
تصوير- محمود بكار وحازم جودة:
بينما يصاحب صامويل نبيل فوجًا سياحيًا في أسوان، لمح على الباخرة التي يستقلونها "الكروز" أسرة أفريقية من كينيا، لم يكن مشهدًا تقليدًا؛ نادرًا ما التقى المرشد السياحي منذ عمل قبل 11 عامًا بسياح إفارقة، وقتها أقبل على العائلة المكونة من خمسة أفراد، التقاهم بترحاب وفرحة تملأ عينيه "كنت عايز أخدهم بالحضن". كان ذلك الشتاء الماضي، قبل أن يعقد صامويل الآمال على تنظيم مصر لبطولة أمم أفريقيا في وضع السائحين الأفارقة على خريطة السياحة المصرية.
في الحادي والعشرين من يونيو الجاري أفتتحت بطولة أمم أفريقيا في دورتها الـ32، والتي تستضيفها مصر للمرة الخامسة، ولأول مرة يشارك فيها منتخبات 24 دولة أفريقية، ورغم أن مصر في قلب القارة السمراء، لكن السياحة منها ذات نسبة ضئيلة "تكاد تكون مش معمول حسابها لدرجة تخلينا منقدرش نقول إنها موجودة" كما يقول باسل السيسي، نائب غرفة شركات السياحة لمصراوي.
بلغ عدد السياح القادمين من أفريقيا 192 ألفًا عام 2015 وفق آخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، على نحو لا يتجاوز 4% من نسبة مجموع الوفود القادمة إلى مصر.
مرة واحدة صحب فيها بيتر ألفي فوجًا من أفريقيا، أكثر من تعامل معهم طيلة ثلاثة أعوام من عمله مرشدا سياحيا كانوا فرنسيين وأسبان، لكن تلك المرة في فبراير الماضي، قضى يومين مع وافدين من نيجيريا، لمس فيهم اختلافًا عمن اعتاد قدومهم إلى مدينة الأقصر "من السياح اللي بيحبوا الترفية أكثر من السياحة الثقافية زي المتاحف والمعابد".
يتذكر ألفي كم أحب سياح نيجيريا "جزيرة الموز والقرية النوبية"، وهي أماكن تتمتع بالطبيعة وتضم بعض الحيوانات، لكنها ليست مفضلة لأغلب السياح الذين التقاهم، فيما يرى رجوع ذلك لقربها من الطبيعة المعروفة بها أفريقيا، القارة التي تضم 54 دولة.
ليس كثيرا من المرشدين السياحيين يتاح لهم التعامل المتكرر مع أفواج أفريقية، لكن مايكل ناصر كان له نصيبا وافرًا، يحصي جولاته بعدد لا يقل عن 20 فوجًا، جميعهم قادمين من كينيا قاصدين مدينتي الأقصر وأسوان. خبرة ناصر خلال 9 سنوات عمله مكنته من معرفة موسم وفود الكينيين للسياحة، يحددها مع نهاية شهر مارس، فيما يتجنبون المجئ في فترات "الزحمة" ما بين شهري ديسمبر وفبراير، ولهذا يكون لهم مزاج خاص "بيحبوا زيارة غرب الأقصر. مقابر العمال والنبلاء ووادي الملوك" وغيرها من الأماكن التي لا تحظى بالإقبال والشهرة بين السائحين حسب قوله.
كلما التقى ناصر فوجًا من كينيا انتابه شعور التعامل مع "حد مصري مع اختلاف لغته"، حتى أنه لمس حبهم لأهل النوبة خصيصا "بيحسوا أنهم شبهم"، لهذا يأسى على غياب إقامة مباراة في بطولة الأمم الأفريقية في المدينتين الأثريتين الواقعتين جنوب الصعيد.
وكذلك خاب توقع صامويل مع تخصيص ملاعب القاهرة ومحافظات الوجه البحري لتشهد مباريات "مونديال" إفريقيا، ظن أن الوجهة ستكون إلى أسوان بعد اختيارها عاصمة الثقافة الأفريقية، يتذكر "متحف النيل" الذي أقيم عام 2016 ليضم كل الحضارات الأفريقية، لكنه لا يشهد إقبالا كبيرا "لأن مفيش تسويق كويس للأسف".
تونس والمغرب أكثر الدول الأفريقية وفودا للسياحة في مصر كما أكد باسل السيسي، نائب غرفة شركات السياحة، وهي الجنسيات التي تتلقاها شركة نبيل حماد للسياحة، 4 أفواج استقبلهم منذ عمله عام 2008، أغلب من تعامل معهم حماد يهوون تجربة القاهرة من مقاهي وسط البلد، والمتاجر الحديثة "عشان الأسعار بالنسبة لهم أرخص من عندهم لفارق العملة"، كما يفضلون الذهاب إلى الأماكن المطلة على البحر.
لا يتجاوز الفوج الأفريقي أكثر من 5 أفراد، خلاف المعتاد الذي يصل لـ20 شخصًا كما يقول حماد، ويرجع صاحب شركة السياحة النسبة الضئيلة لتواجد السياح الأفارقة في مصر،إلى أسعار الطيران، إذ أن تكلفة الرحلة من تونس أو المغرب تكون ما بين 4 إلى 6 آلاف جنيهًا، فيما الحضور من بلد مثل رواندا –شرق أفريقيا- تصل إلى 12 ألفًا ونظرا لانخفاض سعر العملة مقابل الدولار يكون الأمر "غالي جدا" بالنسبة لهم حسب قوله، لهذا لم يعول صاحب شركة السياحية منذ عمل في المجال على أفريقيا، لكن مع بطولة كرة القدم تغير الوضع.
وضع حماد برنامجًا سياحيًا خاصًا، مع اقتراب موعد البطولة الأفريقية. توقع أن يستقبل أعداد من المرافقين لمنتخابتهم ويريدون أن يحظوا بالسياحة في الوقت ذاته لكن إلى الآن لم يحدث، حسب قوله.
يرى حماد أنه رغم الخطوة الجيدة في فتح الصوت والضوء للأفارقة بالأسعار ذاتها المخصصة للمصريين وحفل الافتتاح للبطولة المبهر، لكنه يجد افتقاده للتسويق لكافة أنواع السياحة التي تليق بتعدد ثقافات القارة "عندنا 12 لون سياحة يعني لو جانب الأهرامات ورينا أن في سياحة الغوص والترفية والآثار اللي في الصعيد والأكل هتبقى فرصة كويسة جدا"، فيما تشير أميرة سمير، المرشدة السياحية، إلى ضرورة تغيير الصورة الذهنية بأن "السايح الأفريقي مش هيصرف في مصر لأنه دول أفريقيا فقيرة".
عرفت المرشدة السياحية، السياح المغاربة محبين للجوانب الروحانية "المغرب سائح مش غاوي سياحة آثار فرعونية، يعني يا دوب المتحف والأهرامات"، فيما يفضلون الذهاب إلى المساجد، وزيارة أولياء الله الصالحين وخان الخليلي "مكان مقدس بالنسبة لهم" كما تصف أميرة، كذلك الإسكندرية مدينة محببة، والصحراء الغربية حيث قبيلة الأمازيغ المشترك وجودها في البلدين، ولا يغيب المطبخ عن السياحة "بيحبوا الحلويات الشرقية اللي عندنا عشان المطبخ المغربي مفيهوش حلويات"، بابتسامة تعلق المرشدة السياحية.
يجد العاملون في قطاع السياحة، أن "التسويق" هو الورقة الرابحة في البطولة الأفريقية إن أُحسن استغلالها عاد ذلك بأكثر مما يرجو أحد. لم يكن الوقت طويلا لوضع خطة طويلة المدى بشأن التعامل مع الزائرين الأفارقة في البطولة كما يقول نائب غرفة شركات السياحة، لكن التحرك بدأ طيلة الشهور الخمسة الماضية للتواصل مع الشركات في الـ24 دولة المضيفة "وقدرنا نجتذب جزء من الناس اللي بيشجعوا فرقهم"، مشيرُا إلى أن أكثر من 50 ألف مرافق للفرق الأفريقية الموجودة في مصر، تم تنظيم برامج سياحة لها عبر شركات مصرية، فيما يأمل حماد، صاحب شركة السياحة أن تشهد الأيام المقبلة انتهاز أكثر لتواجد اللاعبين العالمين ممن يحظون بجمهور على مستوى دول داخل وخارج أفريقيا، فالبطولة أنسب وقت لما يصفه آل السياحة "تسويق بقرش".
فيديو قد يعجبك: