صقور "أمم إفريقيا".. 7 حكايات للمصورين المصريين في البطولة
كتب-محمد زكريا ودعاء الفولي:
تصوير- محمود بكار
ألف لقطة ولقطة تمر، لاعب يُسدد الكرة للمرمى، آخر يحتفل بفوز فريقه، ثالث يبكي داخل الملعب، حكمٌ يصرخ، مدير فني يترقب.. تفاصيل يُصبح بعضها مُسجلا للأبد بضغطة زر، وعين مصور يلتقط ما يجري.
في 21 يونيو الماضي بدأت بطولة كأس الأمم الإفريقية التي تستضيفها مصر على أرضها حتى 19 يوليو الجاري. حول الملعب ثمة مصورين يحمل كلٌ منهم قصة، بعضهم يخوض تصوير الرياضة للمرة الأولى، يستكشف متعتها، آخرون قرروا تيسير عمل زملائهم من خلال التنظيم، كُل مباراة لها رونق وتجربة وصور تحكي ما حدث خلال الـ90 دقيقة.
"أول مرة كورة"
قبل عام دخل محمود بكار عالم التصوير الرياضي، بعد حوالي 9 سنوات من عمله بالصحافة، حلم الشاب منذ البداية أن يحترف كل مضامير التصوير، لذا لم يكن واردا ألا يترك باب كرة القدم، وهي اللعبة الشعبية الأولى في مصر والعالم.
كان كأس الأمم الأفريقية 2019، أكبر البطولات التي يشترك صاحب الـ29 عاما في تصويرها، يُثمّن الشاب تلك الخطوة، التي يجد فيها متعة تغلبه على صعوبات يواجهها.
مصور موقع مصراوي ليس من عشاق كرة القدم، ولا من متابعيها الدائمين، لكن يؤمن بأن الموهبة تغلبه على تلك الأمور، إلى جانب مساعدة يطلبها من زملائه عن أسماء اللاعبين ومراكزهم إن لزم الأمر، لذا يرضى تماما عن أدائه خلال البطولة الأممية، والتي التقط خلالها الصور في 11 مباراة، بينما ينتظر التقاط الكأس في المباراة النهائية.
خلال المباريات التي صورها بكار، كانت الجماهير أكثر ما يلفت انتباهه، ليس فقط بحكم اهتمامه بالصحافة الإنسانية، لكن أيضا لغياب الجماهير المصرية عن المباريات المحلية، لذا وجد في الكأس الأفريقية فرصة تشبع لديه رغبة اقتناص الصور لمشجعي المدرجات، خاصة وإن كانو من سكان القارة السمراء المميزين بفولكلورهم.
"مُنظم بروح مصور"
كان اشتراكه في تنظيم كأس الأمم الأفريقية 2019، داعي لامتنان وفخر المصور أحمد رمضان، الذي يقول إنه اكتسب من الخبرات ما أثقل مهاراته الشخصية، لكنه أيضا كان داعيا لحزن انتابه، وهو العالم بافتقاد أرشيفه الصحفي لصور مهمة وتاريخية.
لم يرغب رمضان، أن تفوت كاميرته، حدثا بحجم هذا، فحاول خلال عددا من المباريات، "اختلاس" بعض الصور على أرض الملعب، لكن وجد الشاب صعوبة كبيرة في الأمر، فكلما راح يلتقط صورة، يقطعه أمر يخص التنظيم.
لم يقف التنظيم عائقا أمام محاولات التصوير فقط، لكنه غيّر من عادة رمضان خلال البطولة، فالشاب الذي تعود أصوله إلى الإسكندرية، ويعيش وحيدا في القاهرة، اعتاد على قضاء أموره بنفسه، من مأكل ومغسل، لكنه فشل في ذلك خلال الأيام الماضية بسبب الضغط، حيث حجز للأكل مرتبة متأخرة على سلم أولوياته، النوم تدنى ترتيبه أيضا على نفس السلم.
لكنه رغم ذلك، يسعد لمساعدة زملائه المصورين على إنجاح عملهم، وتسهيل مهمتهم، وبخاصة غير المصريين، والذين عبّر منهم حسب رمضان عن امتنانهم لمجهوداته.
"الكورة مش للولاد بس"
قبل التصوير، كانت ياسمين يحيى مُحبة للرياضة، تمارسها وتتابعها بشغف، وحينما جائتها الفرصة قبل سنوات لتغطي بطولة كأس الأندية الإفريقية لم تتردد "وقتها مكنش فيه تقريبا بنات بتصور ماتشات"، كانت ياسمين تسمع تعليقات من قبيل "الرياضة للولاد بس"، لكن تلك النظرة اختلفت مع الوقت، ففي البطولة الحالية يزيد عدد المصورات المصريات عن سبع "غير اللي من دول تانية".
قبل بدء البطولة، قررت ياسمين مذاكرة الحدث جيدا "فُرجة على صور كتير والتفكير قبل كل ماتش في حاجات جديدة عايزة أعملها"، رغم احترافها التصوير الرياضي، تعتبر ياسمين كل مباراة كأنها الأولى، فيما قررت تعليق جميع خططها العائلية والعملية لحين انتهاء البطولة.
الآن، وبعد 3 أعوام من التصوير الرياضي، تستقبل مصورة صحيفة الفجر، إشادات كثيرة بما تقدم، تأتيها ردود أفعال جيدة من مصورين ليسوا مصريين "بيقولوا إن عدد المصورات المصريات في الملعب كويس"، حتى أن بعض الصحف التونسية كتبت عن تواجدهن في البطولة.
"ينقصنا تطبيق القانون"
مشوار طويل يزيد عن 30 عاما قطعه المصور الصحفي حسام دياب، رئيس قسم التصوير بموقع مصراوي، خاض دياب تجارب كثيرة في التصوير الرياضي، بين كأس العالم، وبطولات إقليمية، لكنه أصبح ذلك العام جزء من اللجنة الإعلامية المنظمة للبطولة، يُشرف على عالم المصورين تحديدا، ويُوفر لهم –رفقة آخرين- أجواءً جيدة للعمل.
حوالي 100 مصور وافق اتحاد الكرة الإفريقي على حضورهم المباريات المقامة بين القاهرة، السويس، الإسماعيلية والإسكندرية، بعد وضع شروط معينة لطبيعة الملاعب، وإضاءتها ومساحتها.
بشكل أساسي يقوم دياب بالتنسيق بين المصورين المصريين والأجانب، واتحاد الكرة المصري والإفريقي والشركات الراعية المتواجدة في البطولة المختصة بالإعلام، فمثلا ساهمت شركة كانون بمعدات في الملاعب ثمنها تقريبا مليون دولار، وهي مُتاحة للمصورين لاستخدامها خلال المباريات مجانا، كذلك تُوفر فنيين لإصلاح الكاميرات أو صيانتها؛ كل تلك الأشياء تجعل العمل أيسر حسبما يحكي المصور المخضرم.
رغم صرامة التنظيم "لكن المصورين ملتزمين جدا بأخلاقيات المهنة وقواعد الاتحاد". في كرة القدم ثمة قواعد واضحة للتصوير؛ فمثلا لا يمكن دخول المصور للبساط الأخضر، كذلك يُمنع التصوير وقوفا أو فيديو ويجب ألا يعوق أحدهم زملائه عن العمل، لذلك يتواجد أفراد من اتحاد الكرة الإفريقي داخل الملعب "لو اكتشفوا أي خطأ ممكن تصريح المصور يتسحب ويتحرم من تصوير البطولة كلها".
بعين المراقب، يُقارن دياب بين ما يحدث في الدوري المصري والبطولة الإفريقية "الفرق الواضح إن القواعد عند الكاف صارمة وده مريح وبيقلل الأخطاء ومفيش تدخل للأشخاص"، يتمنى المصور المخضرم لو تُتاح الأجواء الجيدة للمصورين طوال الوقت سواء في البطولات الضخمة أو بعد انتهائها.
"البداية من كأس العالم"
حتى عام مضى، لم يتجه أحمد قدري للتصوير الرياضي، لكن عمله كمصور مع أحد رعاة بطولة كأس العالم غيّر الأمر، بات صاحب الثمانية وعشرين عاما مصور منتخب مصر، يسافر معهم معسكرات التدريب، ويرافقهم دائما، أحب قدري تصوير الكرة "ولقيت صدى واسع للشغل في وكالات صحفية وده قرّبني للمجال أكتر".
عقب إعلان تنظيم مصر لبطولة الأمم الإفريقية، سنحت الفرصة لقدري مرة أخرى كي يصور المباريات، تلك المرة كان الشاب أكثر انطلاقا، ليس فقط لأنها التجربة الثانية "عشان كمان البطولة جوة مصر فالواحد حاسس بالألفة".
الأمر مُرهق، قبل بدء المباراة بخمس ساعات على الأقل يتواجد الشاب، وهي من الصعوبات التي أجهدت المصورون خلال البطولة، يمتنّ لتوفير الأجواء اللازمة داخل الاستاد من قبل الاتحاد الإفريقي، لكن ذلك لا يمنع ارتفاع درجة الحرارة والتعب، والأهم متابعة المباراة وتوثيقها لحظة بلحظة "أصعب حاجة إني ببقى عايز ألقط حاجات كتيرة في نفس الوقت"، غير أن إحساس قدري فقط هو ما يجعله يختار بين مشهد والآخر.
في البطولة تعلم قدري الكثير، بات أكثر ثقة في أداءه، لاسيما وأن بعض اللاعبين بين منتخب مصر، الجزائر والمغرب نشروا صوره على صفحاتهم الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي "غير الكلام اللطيف اللي بييجي على الصور وإن فيها روح". مازالت أحلام المصور ممتدة، إذ يتمنى تصوير دوري أبطال أوروبا.
"من أوروبا إلى مصر"
بحكم عمله بوكالة رويترز للأنباء، خاض عمرو عبدالله العشرات من تجارب التصوير الرياضي، داخل مصر وخارجها، بداية من بطولة كأس الأمم الأفريقية نسخة العام 2006، مرورا بتصوير أقوى البطولات العالمية ككأس العالم، وصولا لاشتراكه في تصوير البطولة الأممية لذا يتبادر في ذهن المصور المقارنة بين تجارب الحاضر والماضي، تلك التي عاشها في مصر، وتلك التي قضاها خارجها.
كان كأس الأمم الأفريقية في العام 2006، أول بطولات كرة القدم الكبرى التي يشترك عبدالله في تصويرها، يتذكر تلك الكاميرا الـ"ديجيتال"، والتي جاءت كنقلة بعد "كاميرا الأفلام"، التي بدأ بها مشواره في التصوير الصحفي، لكنه يعود ليتحدث عن تلك النقلة التكنولوجية التي أحدثتها السنوات، فمصور الوكالة العالمية يحمل الآن أحدث معدات التصوير، والتي تضمن لوكالته نشر صورة للمباراة بعد أقل من دقيقتين فقط على بدايتها.
رغم ذلك، يواجه عبدالله بعض الصعوبات، أثناء عمله في ملاعب كأس الأمم الأفريقية 2019، منها انقطاع الكهرباء والانترت خلال مبارتين، وكذلك طول المسافة التي قطعها للوصول إلى أرض الملعب، حيث سار في مباراة تونس ومدغشقر، لما يصل لـ3 كيلومترات، حاملا معدات تزن 30 كيلو جراما. لا يضيق عبدالله بنظام البطولة الحالية، لكنه يحكي عن تجربته مع تصوير نهائي الدوري الأوروبي العام الحالي، حيث واجه عبدالله نفس الموقف، عندما طُلب منهم التوقف بالسيارة عند نقطة معينة لا يُسمح بتخطيها، لكن تبع ذلك إرشادهم للسير عبر طريق مختصر مُخصّص لهم إلى أرض الملعب.
رغم ذلك، يعتقد عبدالله بنجاح مصر في تنظيم البطولة بشكل كبير، ولو أنه تمنى أن تحضر "التميمة" في كل لقاء، ضمن عرض فني بين شوطي المباراة، ذلك ما اعتاد عليه في البطولات الكبرى.
"التصوير لعبة حلوة"
في يونيو من العام 2016، دخل فريد قطب عالم التصوير الرياضي، كأن قوة خفية جذبته إليه كما يعبر بنفسه، شغف الشاب بالرياضة، وبات حلمه أن يوثق أقوى بطولات الكرة في العالم.
البداية كانت مع كأس الأمم الأفريقية، نسخة العام 2017، والذي نظمه الجابون، وتواجد فيه قطب. وفي اللقاء الافتتاحي، تأخر في إرسال الصور للموقع الذي يعمل لصالحه، لكن موقفا داعما من مديره بالعمل غير كل شيء، اكتسب المصور ثقة بدلا عن الإحباط، واتخذ من تلك اللحظة وقودا، يدفعه إلى الأمام.
الحلم وصل بقطب إلى روسيا، سافر لتغطية مباريات كأس العالم نسخة العام 2018، وأمام عينيه تلك الصور التي وثقها أعظم مصوري العالم للبطولة نفسها من قبله، هل ينجح الشاب في منافسة هؤلاء الكبار؟ لا يملك غير حلما وتمني بتوفيق يحالفه، فكان له ما أراد، يعتز المصور بما التقطه بكاميرته لأشهر لاعبي العالم، في أرشيفه الآن صورا لميسي وكريستيانو رونالدو وهزارد.
التجربة تُقلل أثر الرهبة، ذلك ما أُثبت لقطب، لم يواجه المصور صعوبات كبيرة في البطولة الحالية، كان هادئا واثقا، أثناء تغطيته لمباريات كأس الأمم الأفريقية 2019، فبين اللقطة الأولى في الجابون والمباريات التي يشارك في تصويرها الآن، تجربة يعتز بها، ويتمنى لو تكتمل بتصويره أولمبياد طوكيو 2020.
فيديو قد يعجبك: