عندما تكتب التاريخ بـ29 يورو.. حكاية وصول مدغشقر بين الثمانية الكبار في أفريقيا
كتب - أحمد شريف:
لم يكن أكبر المتفائلين في مدغشقر يتوقع حصد فريقه لنقطة واحدة في دور المجموعات لكأس أمم أفريقيا 2019، إلا أن الأمور سارت في اتجاه مختلف تمامًا.
مدغشقر نجحت في الوصول إلى صدارة مجموعتها بكأس الأمم على حساب نيجيريا، غينيا وبوروندي، لكن المشوار لم يقف عند هذا الحد بهدف التمثيل المشرف، بعدما وصل الفريق للتواجد بين الثمانية الكبار.
مسيرة مدغشقر ولاعبيها لم تكن مفروشة بالورود، فالفريق عانى من السير على أشواك قلة الموارد المالية وعدم وجود معرفة باللاعبين المنخرطين في أندية فرنسية بالدرجات الدُنيا.
"كنا ننام في حظيرة على أسرّة عمودية، لم يكن لدينا قمصان للتدريب، وكنا نرتدي جوارب مهلهلة"، هكذا بدأ فانيفا إيما أندرياتسيما قائد منتخب مدغشقر حديثه المليء بالمغامرات عن تكوين منتخب بلاده.
البعض قد يُرجع المفاجأة التي حققها منتخب مدغشقر في كأس الأمم الحالية إلى معدلات النمو المرتفعة، اكتشاف موارد ما أدت إلى التطور، أو وجود المالجاشي أحمد أحمد على رأس الكاف حاليًا، لكن حديث فانيفا لا يشير إلى ذلك.
قائد مدغشقر يضيف في حديث مع صحيفة ليكيب الفرنسية، قائلًا: "كنا نريد أشياء بسيطة، فندق صغير للمبيت، معدات يمكننا التدريب بها، أذكر عندما تعادلنا مع السنغال عام 2015 أننا لم نكن نمتلك قمصان للتدريب".
ألا تمتلك قمصان للتدريب فهذا أمر يمكن معالجته، التدريبات لا تحتاج إلى أزياء موحدة، لكن الأمر يختلف عند خوض مباريات دولية وفقًا لما تحدده لوائح لعبة كرة القدم في أي مكان في العالم.
أزمة مدغشقر امتدت إلى قمصان المباريات الدولية، فالفريق خاض مواجهة السنغال بقمصان مختلفة اختلافًا طفيفًا يبدو أن حكم المباراة مراقبها لم يلحظه، لكن قائد الفريق وضع الأمر في اعتباره.
ويضيف فانيفا: "أجريت إتصالات بمسؤولي اتحاد الكرة في مدغشقر، وأبلغتهم باستحالة لعب مباريات دولية بقمصان مختلفة، وسراويل غير متناسقة بيننا وبين بعض، وكذلك جواربنا كان بها ثقوب ومهلهلة".
فانيفا قرر عدم الانتظار والاعتماد على مسؤولي اتحاده المحلي، ليستغل فترة تواجده في أوروبا عندما كان لاعبًا في سوشو الفرنسي للبحث عن أحد المصانع التي تقوم بصناعة أزياء للفرق بمبالغ ضئيلة لا تذكر.
لم يكن في نية قائد مدغشقر أن يُحضر قمصانًا لفريقه، بل أنه قرر الإتجار في القمصان من أجل توفير المال لفريقه، ليجد ضالته في مصنعًا بالنمسا يُنتج القميص الواحد مقابل 29 يورو -حسبما قال-.
ويُكمل فانيفا: "قمت بطلب صناعة ألف قميص وقمت ببيعهم في فرنسا بمبلغ 40 يورو لكل قميص، وبعد أن نجحت في الانتهاء من كل الكمية أصبح لدي ما يزيد عن 10 ألاف يورو كأرباح".
الأرباح التي تحدث عنها قائد مدغشقر لم تكن من أجله أو لرفاهيته الشخصية، بل أنه قرر شراء ملابس وجوارب وحقائب ظهر للاعبي منتخب بلاده بعدما دفع مبلغ إضافي قدره 5000 يورو لتغطية التكلفة كاملةً.
واختتم قائد مدغشقر: "الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فقط، بل أنني كنت استغل تواجدي في فرنسا من أجل البحث عن لاعبين من أصول ملجاشية والتواصل معهم من أجل إقناعهم بتمثيل منتخب بلادنا".
حديث قائد مدغشقر يؤيد صحته ما نشره موقع جيني أفريك خلال الأيام الماضية عن رواتب مدربي المنتخبات الأفريقية، حيث يتقاضى نيكولاس دوبيه المدير الفني لمدغشقر 7000 دولار شهريًا، ليحتل المركز 22 بين 24 مدربًا في البطولة.
حصول المدرب على 7000 دولار شهريًا فقط يعني أن الاتحاد المحلي لمدغشقر ليس مدللًا أو من ذوي الموارد المالية الكبيرة من أجل التعاقد مع مدير فني يحصل على مئات الألاف سنويًا.
فيديو قد يعجبك: