تامر عبد الحميد يكتب: الرباية

بقلم: تامر عبد الحميد

نشأنا منذ الصغر علي أصوات اباؤنا وامهاتنا وهم ينهرون ويقارعون بالصوت كالسوط بعبارات قليلة الحروف شديدة الوقع خاصة عند تلفظنا بلفظ لا يرقي أن يكون نابيًا ولكنه علي الأقل لا يصح ولا يليق فترتعد فرائسنا خوفاً وهلعا عند سماع كلمة يا قليل الأدب أو العبارة الأقل يا قليل التربية، تلك الأحداث كان أغلبها يقع في غرفة أربعة في أربعة متر وبين أفراد يعدون علي أصابع اليد الواحدة ونترحم الآن علي هؤلاء الأهل الذين بقدر ما ارتعدنا بكلماتهم بقدر ما نشكرهم الآن علي حسن تربيتهم ... 

وفؤجنا الآن بما يطرق آذاننا واعيننا بالبذئ من القول والأدهي والأمر ليس فقط شبانهم من رجالهم بل نساؤهم وبناتهم مخدشين حياؤهم بألفاظ وعبارات ومهاجمات وهجمات وأصبحت الساحة الإعلامية مرتعاً لكل ما هو بذئ، يقتحم علينا خلوتنا ويفسد علينا صلواتنا بما يعجز فيه لساننا عن التعبير بالاشمئزاز والرفض لكل ما هو بذئ وشاذ ...

وأصبح البعض من رواد الإعلام الآن هم المعلمين والمدربين للأجيال القادمة فهم الأئمة الذي وجب علينا أتباعهم وهم القدوة والذي وجب علينا الاحتذاء بهم ..... وإن لم نكن قد فطنا بعد لحقيقة مؤلمة ألا وهي أن الإعلام الآن أصبح هو المعلم والمربي والإمام والقدوة فإننا بذلك قد نكون حكمنا علي جيل قادم بأنه سيكون قليل الرباية .... ولكي نحافظ علي هذا الجيل والذي هو في الأصل أبناؤنا وبناتنا ولكي نرقي نحن بذوقنا وتربيتنا فلابد وأن يضطلع كل منا بمسؤلياته تجاه ضميره المهني دون النظر إلي ما سبحققه من منافع أو يعود عليه من خسائر مادية كانت أو أدبية ولابد أن يضطلع أصحاب القرار بمسؤلياتهم تجاه بلدهم وأن يضعوا حدا لتلك المهازل والفضائح اليومية والتي تقشعر منها ابداننا وتقتحم علينا غرف نومنا ..... ولابد وأن تخرج قرارات بعيدة كل البعد عن الرفض والشجب والادانة وأن يكون الردع هو الأساس لكل من تاجر وافسد تاجر بمشاعرنا وانتماءتنا وافسد علينا حياتنا وتربية أبناؤنا ارحمونا يرحمكم الله .