الأولتراس وعقلية الزحف المقدس (مقال)
بقلم- علي البهجي:
يقال إن المصائب لا تأتي فرادى، ففي خضم النكبات التي تعيشها القلعة الحمراء خلال الفترة الماضية من فقدان الكأس والخروج المهين من دوري الأبطال، قضت جماهير الأهلي ليلة حزينة كساها السواد، بعد مشاهد الرعب والكر والفر التي عاشها لاعبو الفريق خلال تواجدهم بفرع النادي بمدينة نصر، عقب اقتحام بعض من أعضاء رابطة أولتراس أهلاوي، لتكتب تلك الرابطة فصلا مسيئا للجماهير العظيمة، التي طالما تغنت بأمجاد الفريق على مدار سنوات من الشهد الكروي، حصد خلالها المارد الأحمر ألقابا عدة في الداخل والخارج، نصب بعدها نفسه سيدًا على أندية العالم من حيث التتويج بالبطولات.
فلم يكن أحد يتخيل أن تأتي الضربة من أهم عنصر في الكيان، لتصبح بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، مجموعة الأولتراس نسفت كل الأعراف بفعلتها تلك وأصبحوا بين فكي رحى، ليخسروا رقعة جديدة من مملكة بنوها على مدار التسع سنين الأخيرة من تكوين المجموعة، لتخرج أصوات تؤيد حل تلك الرابطة.
البداية لم تكن هناك في فرع النادي بمدينة نصر، ولكن قبل شهور حين هاجمت مجلس الإدارة وطالبت برحيله، ولسنا هنا لنحمل طرف على حساب آخر المسؤولية، ولسنا بصدد سرد الوقائع التي سرعان ما تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي خلال دقائق من اندلاع أعمال الشغب، التي انتهت بإصابة عمرو جمال مهاجم الفريق بحروق في بطنه، ولكن هناك جانب لابد ألا نغفل عنه وهو فكر الأولتراس، والذي دائما ما كنا في صفه لسنوات وطالبنا بعودته لموطنه الأصلى في المدرجات، تلك البيئة التي تربوا فيها ولا يجيدون العمل في شكل منظم إلا بداخلها.
وقبل الخوض في سياسية "الزحف المقدس" التي تنتهجها روابط الأولتراس نود الإشارة إلى أصل الكلمة وتقاليد الأولتراس والمباديء الأربعة الأساسية لفرد المجموعة، ففي البداية كلمة أولتراس هي كلمة لاتينية تعني المتطرفين، وتظهر بصورة مجموعات مشجعي الفرق الرياضية والمعروفة بانتمائها وولائها الشديد لفرقها، وتتواجد بشكل أكبر بين محبي الرياضة في أوروبا وأمريكا الجنوبية وحديثًا في دول شمال أفريقيا.
وهناك أربعة مبادئ لفرد الأولتراس يجب الإلتزام بهم في حالة موافقته على الانضمام للمجموعة والانخراط معهم في العمل الجماعي، فأول تلك المبادئ ألا تتوقف عن الغناء والتشجيع خلال المباراة، مهما كانت النتيجة، ثانيهم أنت ممنوع من الجلوس أثناء المباراة، وثالثهم أن تحضر أكبر عدد ممكن من المباريات (الذهاب والإياب)، بغض النظر عن التكاليف أو المسافة، وختمامهم يظل ولائك قائماً للمجموعة المكونة وعدم الانضمام لأخرى.
عقلية أولتراس تعتمد على التمويل الذاتي ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تقبل أولتراس أي إعانة من أي مصدر، و يتم التمويل الذاتي من خلال بيع منتجات أولتراس مثل القمصان والأوشحة والقبعات وغيرها، بالإضافة إلى رسوم العضوية في أولتراس.
كما أن لكل مجموعة أولتراس اسمها ورمزها الخاصين بها، ويُطبع الاسم والرمز على "البانر" الرسمي للمجموعة.
هناك ما يسمى بالنفير داخل تلك الروابط، فمنذ نشأت مجموعات الأولتراس في مصر وتحديدا أولتراس أهلاوي وهم يشبهون الموج الثائر في كثير من الأحيان، فلم يتمكن أي نظام من كسب ودهم ولا تطويعهم لخدمته ولذلك كان هناك عداء واضح منذ الوهلة الأولى ضد الأعراف، فمنذ فترة وخاصة بعد حادثتي بورسعيد والدفاع الجوي، أصبحوا أكثر تشددا تجاه كل ما يمثل أجهزة الدولة ومؤسساتها، فالسواد الأعظم منهم يؤمن بفكرة القائد داخل المجموعة، ولذلك لا يخرجون إلا في كتل بشرية بعد سماع النفير، لاستعراض قوتهم أمام الخصوم.
النفير يدفعهم للنزول والاحتشاد دون التفكير في عواقب ذلك، والشاهد في ذلك أحداث عدة جعلتهم في النهاية يختارون طريق التخريب، ولعل ما حدث في اتحاد الكرة ليس ببعيد، بعد اعتراضهم على الأحكام الصادرة ضد المتهمين في قضية مذبحة بورسعيد، والتي أودت بحياة 72 من رفاقهم في المجموعة.
وخلال الفترة الأخيرة، ظهر مفهوم آخر وهو الزحف المقدس، أساسه الدفاع عن الكيان المقدس ولكن في الأصل هو الزحف والاحتشاد نحو مكان معين لإخراج شحنات الغضب في وجه أي شخص يعترض طريقهم، حتى لو كلفهم الأمر في النهاية الهجوم على بعض من الكيان، ليكون أخر ضحاياهم أبناء ناديهم.
ويبقى السؤال ما وجه الاستفادة من تلك التصرفات غير المحسوبة؟ هل بذلك تنتصر لناديك؟، بالعكس أصبحت شوكة في ظهره.
أفيقوا يرحمكم الله وعودوا إلى رشدكم قبل أن تخسروا آخر صف من مؤيديكم، فما زال هناك متسع من الوقت، ومازلنا خلفكم نؤيد عودتكم لوطنكم داخل المدرجات، ولكن بالشكل الذي ألفناكم عليه.
فيديو قد يعجبك: