روسيا: أضخم عملية في البلاد لتأمين سوتشي منذ أولمبياد 1980
سوتشي - دويتشه فيله:
تبدو مدينة سوتشي في جنوب روسيا أشبه بالسجن الكبير. في المكان الذي يستضيف دورة الألعاب الأولمبية الشتوية تسود إجراءات أمنية على أعلى مستوى. وقبيل الافتتاح هدد إسلاميون بتفجيرات جديدة.
مرت ثلاثة أسابيع على تفجيرات فولغوغراد، قبل أن يعلن إسلاميون قوقازيون تبنيهم للتفجيرات. نهاية عام 2013 لقي أكثر من 30 شخصا حتفهم في عمليتي تفجير منفصلتين. وفي 19 يناير بثت مجموعة تطلق على نفسها "أنصار السنة" فيديو على الانترنت، تتوعد فيه بمزيد من التفجيرات، وخاصة خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي التي تنطلق في السابع من فبراير.
أندريه سولداتوف، الخبير الأمني ورئيس تحرير الموقع الالكتروني الروسي "Agentura.ru"، يرى أنه يجب أخذ هذا التهديد على محمل الجد. "إنها مجموعة من داغستان"، كما يقول سولداتوف في حوار مع DW. (وداغستان هي إحدى الجمهوريات الفيدرالية في روسيا). وأكثر ما تخشاه الحكومة الروسية هو حصول هجوم في سوتشي نفسها، والخطر قائم بالفعل بحسب ياكاتارينا سوكويانسكايا، من "مجموعة الأزمات الدولية".
أليكسي فيلاتوف، الضابط السابق في وحدة مكافحة الإرهاب "ألفا"، يقول بدوره: "ربما هناك بعض التسرع والمبالغة في تقدير الخطر. ولكنه أمر مبرر بالتأكيد. الأمن يجب أن يبقى أهم شيء، ثم تأتي الراحة ثانيا".
وهكذا باتت سوتشي أكبر عملية أمنية للقوات الروسية منذ أولمبياد موسكو عام 1980. بحسب المعطيات الرسمية سيشارك 37 ألف شرطي من كافة أنحاء روسيا في عملية تأمين سوتشي.
الكثيرون منهم خضعوا لدورات مكثفة لتعلم اللغة الإنكليزية والتزلج وتسلق الجبال، من أجل مساعدة السياح الأجانب من جهة، ولمواجهة أي حادث طارئ في الجبال الثلجية. كما سيتواجد 23 ألفا من العاملين في وزارة الحماية المدنية ومواجهة الكوارث. إضافة لمؤازرة آلاف الجنود من الجيش الروسي وحرس الحدود، وعدد لم يفصح عنه من عناصر المخابرات.
وفي البحر الأسود سترابط سفن عسكرية ضخمة وغواصات لمراقبة السواحل بدقة. المراقبة الجوية ستتولاها طائرات بدون طيار وأخرى بطيار. والآن هناك الكثير من سيارات المراقبة تمشط المنطقة جيئة وذهابا. رجال الشرطة القادمون من مدن روسية أخرى موجودون منذ أسابيع في سوتشي للتعرف على شوارع المنطقة وكل تفاصيلها الجغرافية، كما يتدربون في عمليات تحاكي أي خطر محتمل. 1400 كاميرا مراقبة بدأت بمراقبة كل شاردة وواردة في سوتشي وفي الجبال تم توفير مركبات حديثة مناسبة للمناطق الثلجية.
الزوار قد يعانون من المراقبة الشديدة
ومنذ السابع من يناير 2014 تشهد المدينة المطلة على البحر الأسود قواعد أمنية صارمة. كل من يريد المكوث هناك لأكثر من ثلاثة أيام، ملزم بتسجيل نفسه لدى البلدية. وكل الزوار يحصلون على بطاقة خاصة للجمهور، عليها كل المعلومات الشخصية للزائر التي تنقل عبر البطاقة إلى قوات الأمن الروسية.
السيارات القادمة من خارج مدينة سوتشي تمنع من الدخول إليها، باستثناء الشاحنات التي تنقل الأغذية والمنتجات الأخرى التي تحتاجها المدينة.
وخلال الفترة الماضية انهمكت السلطات الروسية في عملية تدقيق أوراق الأجانب المقيمين فيها، وصارت تبعد كل من يقيم بصورة غير شرعية إلى بلده. الدوريات تمشط الشوارع بحثا عن السيارات غير النظامية وتلك المركونة منذ مدة في الشوارع وليس لها مالك. وطلبت السلطات من سكان سوتشي ضرورة التبليغ الفوري عن كل مشتبه به.
تعليق مبدأ "سرية الرسائل"
وعمليا علقت روسيا العمل بمبدأ سرية الرسائل خلال الأولمبياد الشتوي. مؤسسة البريد الحكومية "بوتشا روسي" أعلنت قبل أسابيع أنه سيتم فتح كل الرسائل والطرود البريدية المتجهة إلى إقليم كراسنودار، الذي تتبع له مدينة سوتشي، خلال الفترة من الأول من يناير وحتى 31 مارس 2014.
ولا يقتصر الأمر على الرسائل التقليدية، فقد حذا جهاز الاستخبارات الروسية نفس المنهج وبدأ بمراقبة كل الرسائل الالكترونية والمكالمات خلال نفس الفترة.
مبالغ هائلة من أجل الأمن
بعد الانفجارين الذي شهدتهما فولغوغراد، تلاشت الانتقادات التي كانت توجه للخطة الأمنية المعقدة وكذلك الانتقادات للتكلفة المادية الباهظة. مطلع عام 2013 قدرت صحيفة "فيدوموستي" الروسية، المتخصصة بالشؤون الاقتصادية، كلفة المصاريف الأمنية بحوالي ملياري دولار، والآن صار الحديث يدور عن ثلاثة مليارات دولار.
ورغم كل هذه الإجراءات المشددة والمبالغ الضخمة، إلا أن الخبراء لا يستبعدون حصول تفجيرات في سوتشي أو مدن روسية أخرى. "التكلفة الضخمة لتأمين سوتشي وغيرها من المدن الروسية لا يمكن أن تشكل ضمانة ضد حدوث شيء ما خلال الألعاب"، كما تقول ياكاتارينا سوكويانسكايا، من "مجموعة الأزمات الدولية".
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: