13 عاما من المقاومة.. حارس الزمالك الأسبق يعود للدوري الممتاز من تحت الصفر
كتب- أحمد مصطفى:
الصبر والمثابرة صفتان مرتبطتان ببعضها البعض زرعتهما الأيام بداخل مصطفى عبد الستار، ذاك الشاب السكندري الذي ترك مدينته وهو لم يكمل عامه الـسادس عشر راكضًا وراء أمنيات الطفولة، ككل مجاذيب الجلد المدور الذين لا ينامون ليلًا من فرط الأحلام، استيقظ مصطفى ذات صباح، تبدلت أمام عيناه رؤية بحر الإسكندرية، بنيل القاهرة، بين عشية وضحاها أصبح الحارس الصغير يحتضن الكرة بميت عقبة بعد أن كان يركلها بالمعمورة.
بدأت القصة في عام 2007 حينما تحقق حلم مراد مصطفى بالانتقال إلي نادي الزمالك من خلال نادي المعمورة السكندري الذي بدأ فيه مسيرته في عالم الساحرة المستديرة، يقول:"لعبت خلال فترة تواجدي بنادي الزمالك دوري جمهورية، واتصعدت للفريق الأول اثناء تولي الكابتن حسام حسن الفريق، وبقيت الحارس الثاني بعد كابتن عبد الواحد واتقيدت في أفريقيا".
لا يزال يتذكر مصطفى المباراة الأولى والوحيدة التي خاضها مع الفريق الأبيض، حيث كانت عام 2011 أمام فريق بني عبيد بكأس مصر والذي فاز بها الزمالك بنتيجة 6 أهداف مقابل لا شئ، يقول:"أنك تلعب في الزمالك وعمرك 19 سنة أنجاز كبير، كان نفسي ميكنش أخر ماتش".
يعتبر مصطفى البالغ من العمر 28 ربيعًا نفسه من أكثر الناس حظًا في الأرض لأنه تدرب وعاصر فترة تواجد عملاقان حراسة المرمى في مصر آنذاك عبد الواحد السيد وعصام الحضري في فريق واحد وهو نادي الزمالك، حيث كان هو الحارس الثالث لهما، حيث تعلم من فترة تواجده معهما الكثير يقول:"كان بينهم منافسة غريبة في التمرين وأوضة اللبس، كنت بشوفهم النموذج في الطموح، كل واحد منهم كان عاوز يبقي أحسن من التاني".
ويردف:"استفدت جدًا منهم أني أصبر على تعب التمرين، كانوا دايمًا يوجهولي نصايح وتعليمات فادتني كتير لحد دلوقت".
بعد عامان من خوض مباراته الوحيدة قررت القلعة البيضاء الإستغناء عن الحارس الذي كان يشهد له الجميع بمستقبل باهر -بطريقة غريبة- على حد وصفه، وذلك بعد أن رفضت إدارة النادي عدة عروض لإعارة اللاعب آنذاك كان أبرزها من نادي تليفونات بني سويف فور صعوده للدوري الممتاز، ونادي مصر المقاصة لرغبة النادي في استمراره ضمن صفوف الفريق، يقول:"الموسم دا كان حراس النادي كابتن عبد الواحد والشناوي وجنش، وكان المدير الفني فييرا، وفي يوم قبل التمرين قالولي مش هتنزل خلاص الكابتن مش عايزك".
8 سنوات قضاها مصطفى عبد الستار داخل جدران البيت الأبيض، عاصر خلالهم عشرات النجوم، كان المستقبل أمام عيناه يدلى بأنه سيصبح ذات يوم الحارس الأول لعرين هذا البيت، ولكنها الأيام نسجت له حلمًا من حرير وخلسة دون أن تنذره سرقت حلمه وأضاعته وكأن شيئًا لم يكن.
"فجأة بتلاقي كل حاجة بتحبها ضاعت منك، وكل أحلامك وقعت فوق دماغك، وكل حاجة وكل الناس بتخذلك".. جملة وصف بها مصطفى هذه الفترة المُحبطة من عمره، حيث أنه وجد نفسه خلسة ضائعًا شاردًا بلاحلم، بعد أن كان على مشارف حراسة عرين القلعة البيضاء وملامسة المجده، يقول:"الوحيد اللي وقف جنبي محمد إبراهيم، جمايله عليا ماتتعدش، كان أكتر من أخ، تقدر تقول أب".
ويكمل:"محمد كان مقعدني معاه في شقته أكتر من 4 سنين، حتى بعد ما أتجوز أخد شقة تانية أتجوز فيها وساب دي ليا أنا وواحد صحبي قاعدين فيها، غير أنه كلم لي مدربين وأندية وقعدني مع وكلاء لاعبين".
6 شهور كانت المدة التي مكث فيها مصطفى بمنزله لاستيعاب صدمة استغناء الزمالك عنه، ثم بعد ذلك عاد من جديد من تحت الصفر، حيث ذهب للعب بنادي كوم حمادة بالبحيرة ومن ثم الأميرية بالقاهرة وهما أندية درجة ثالثة، ومن الأميرية إلي طامية بالفيوم، ثم عاد مرة أخرى للقاهرة عن طريق نادي العبور ومنه إلي النصر، وأخيرًا البنك الأهلى مع بداية الموسم المنقضي.
ومع تمكن فريق البنك الأهلى تحقيق أنجازًا كبيرًا بالصعود للدوري الممتاز لأول مرة في تاريخه ممثلًا عن مجموعة الصعيد، عاد مصطفى لدورى الأضواء والشهرة بعد 6 سنوات من المقاومة في دوري المظاليم، يقول:"أنا عمري ما فقدت الأمل أني أوصل للممتاز، كنت عارف أنه مش سهل، حاسس أني وصلت لأخر درجة من السلم وبرفع عيني عشان أشوف نتيجة تعبي، شعور حلو، لكن دي مرحلة والجاي أصعب بكتير".
"الكورة ملهاش قواعد".. جملة قالها مصطفى ردًا على إشاعات انضمام الكابتن عصام الحضري لنادي البنك الأهلي وهو ما سيجعله حارس ثان مرة أخرى، يقول:"الحاجات دي في أيد كابتن محمد يوسف، أتمنى أبقي موجود، وأنا مش بتأثر غير بالملعب".
13 عامًا من الركض وراء تحقيق الحلم، 13 عامًا من الصبر والمثابرة لنقش أسمه بين نجوم حراسة المرمى في الدوري المصري، وصل إلي قمة الهرم خلسة لكنه عاود صعود السلم من جديد متغلبًا على كل ما مر به من إحباطات وتخلي وخذلان، يقول مصطفى:"أي شخص بيجي وقت واليأس بيدوس عليه، نصيحتي لأي إنسان بيحلم وبيسعى عشان يوصل لحلمه، أنك أوعي تتوقع أن الطريق هيبقي سهل لأنه لو كان سهل عمرنا ماكنا هنعرف أية الفرق بين النجاح والفشل".
فيديو قد يعجبك: