مصر× مونديال 90.. تدربنا في مزرعة ولبسنا من الإسماعيلية ومبارك حذرنا (1)

كتب- وائل توفيق:

بعد 65 عاما، ارتفعت درجة حرارة صيف القاهرة، تأهلت مصر لكأس العالم 90، ونجيب محفوظ لا يزال متصدرا لواجهات الصحف العالمية لحصوله على جائزة نوبل 1988.

الجماهير متحمسة لرؤية اللاعبون في كأس العالم، ينافسون الكبار رأسا برأس. المراهقون والشباب والكبار ممن أمهلهم العمر الفرصة لمشاهدة المنتخب للمرة الثانية، سيشاهدون جميع مباريات كأس العالم على شاشة التلفزيون المصري للمرة الأولى "مسجلة" و "مباشر".

الرئيس محمد حسني مبارك آنذاك، يستقبل الجهاز الفني ويحتفي بإنجازهم وأدائهم في المباريات الودية، ويحذرهم بالالتزام بالأخلاق والحذر من ترديد الألفاظ النابية.

المنتخب يتدرب في مزرعة على التلال والرمال

صباح 4 يونيو 1990، المدير الفني محمود الجوهري يراقب لاعبيه الذين يتصببون عرقًا من القفز على التلال الرملية داخل إحدى المزارع الموجودة على طريق مصر الإسماعيلية (على بعد 26 كيلو من القاهرة).

قسم طبيب المنتخب الوطني، علاء شاكر، اللاعبين لمجموعات للتدريب على زيادة قوة التحمل واللياقة البدنية عن طريق الجري لمسافة 4 كيلو متر، تنتهي عند قمة تلال رملية. وبعد 15 دقيقة من الراحلة، دخل اللاعبون في ماراثون جري لمسافة 3 كيلو متر، ثم توجهوا إلى صالة الجيمانيزيوم بالفندق للاسترخاء وتدليك العضلات، ثم خرجوا للراحة في منازلهم استعداد للقاء الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بالقصر الجمهوري بالقبة.

أزمة الجمهور

أطلق المجلس الأعلى للشباب والرياضية مسابقة للسفر إلى إيطاليا لتشجيع المنتخب القومي، لكن عبد الأحد جمال الدين، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة قرر إلغاء المسابقة، لأن العوائد لم تكفي لسفر إلا 10 مشجعين فقط!

وقرر رد المبالغ التي حُصلت من المتسابقين، وتحمله نفقات الطبع والمصاريف الإدارية الأخرى التي أنفقت على المسابقة.

وفي لقاء مفتوح مع وسائل الإعلام، 2 يونيو 1990، أعلن إمكانية تحمل المجلس الأعلى للشباب والرياضة تحمل تكاليف سفر اللاعبين الأربعة الذين لم ينضموا للقائمة النهائية للفريق القومي: "قررت معاملتهم كالمجيدين من زملائهم تماما لأنني أعتز بمشاعرهم وانتمائهم لبلدهم".

سبق اللقاء الإعلامي، اجتماع "عبد الأحد" مع اثنين من اللاعبين، ياسر فاروق وبدر رجب، وعبروا عن تقديرهم لمشاعره، لكنهم فضلوا أن يكونوا مع المشجعين، قال بدر رجب لـ "الأهرام" 1990: "أشكر الدكتور عبد الأحد جمال الدين لاستعداده لتحمل نفقات سفري أنا وياسر وفوزي جمال ونبيل محمود، ولكني اعتذر عن عدم السفر، لأنني كنت أتوقع سفري كلاعب وليس كمتفرج".

الرئيس يلتقي بلاعبي المنتخب الوطني ويحذرهم من الألفاظ الخارجة

التقى محمد حسني مبارك بلاعبي المنتخب الوطني في قصر القبة، العاشرة صباح يوم 6 يونيو 1990، وحضر برفقتهم، الدكتور عبد الأحد جمال الدين رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، ويوسف زين رئيس جهاز الرياضة وأعضاء مجلس إدارة اتحاد كرة القدم والجهاز الفني والإداري للمنتخب القومي.

أخبر "مبارك" اللاعبون، أنه تابع غالبية المباريات الودية وأعجب بأدائهم في مباراة اسكتلندا، قال: "حصرت على الحضور إلى لندن في رحلتي الأخيرة حتى أشاهد هذه المباراة، وكانت مباراة جيدة المستوى وسعدت بأدائكم المشرف".

طالب "مبارك" الجهاز الفني واللاعبون، بضرورة توخي الحذر في إطلاق "الألفاظ الخارجة"- على حد تعبيره- كي لا تنتقدهم الصحافة العالمية.

بعد لقاء "مبارك"، توجهت بعثة المنتخب الوطني مباشرة إلى "باليرمو" على متن طائرة خاصة، برئاسة عبد الأحد جمال الدين، واللاعبون، و8 إداريين، و17 عضوا من مجلس إدارة الاتحاد والمجلس الأعليى للشباب والرياضة.

عبر المدير الفني محمود الجوهري، عن استعداده من الناحية الفنية للمباريات، حيث جاءت مصر في المجموعة السادسة، مع منتخبات، هولندا وإنجلترا وأيرلندا.

وقال، إننا سوف نتعامل مع المباريات بحذر شديد ونغير الخطة حسب سير المباراة، خاصة وأن المجموعة تضم المنتخب الإنجليزي المعروف بالكرة العنيفة، والمنتخب الهولندي الشهير بالكرة الشاملة، والكرة الإيرلندية المعتدلة.

التلفزيون ينقل كل المباريات بمليون جنيه

وفي نفس اليوم، صباح 6 يونيو 1990، سافرت بعثة من الإذاعة والتلفزيون إلى إيطاليا، لتغطية المباريات، حيث اتفق على أن يبدأ بث 52 مباراة على شاشة القناتين الأولى والثانية، بتوقيتات 9.45 مساء، و5.45 عصرًا، وذلك من يوم الجمعة 9 يونيو لمدة 30 يوم.

وتكونت البعثة من حمدي الكنيسي رئيس إذاعة الشباب والرياضة لوصف المباريات مصر والإمارات العربية، وتقديم رسالة يومية عن اخبار المباريات لإذاعة صوت العرب والشباب الرياضة، أما بعثة التلفزيون المصري تكونت من، تغريد حسن مدير عام التبادل (رئيسًا للبعثة)، والمعلقين، إبراهيم الجويني ومحمود بكر.

تعرض المعلقين، محمود بكر وإبراهيم الجويني، لمأزق أثناء استخراج التصاريح الخاصة بهم، إذ أبلغهم المسئول الإيطالي أن التلفزيون المصري لم يسدد مستحقات التلفزيون الإيطالي "راي"، لذا لم يتم حجز الاستديوهات الخاصة بالمعلقين وأماكنهم، وحسب "الأهرام"، قال المسئول الإيطالي: "التلفزيون المصري الوحيد من بين 69 تلفزيون أجنبي لم يدفع مستحقاته حتى الآن".

استغاث "الجويني" و "بكر" بالسفارة المصرية في العاصمة الإيطالية روما لحل الأزمة، حتى يتمكن التلفزيون من بث المباريات.

انتهى المأزق، واستعد التلفزيون المصري لنقل جميع المباريات للمرة الأولى، وأكد عبد السلام النادي، رئيس التلفزيون، أنه سيتم نقل 13 مباراة من الملعب من كابينة مخصصة للمعلق المصري، وفي الدور الأول والثاني سيذاع 11 مباراة مسجلة بصوت الملعب والمعلق، بالإضافة لنقل 28 مباراة من المركز الإعلامي برما من المعلقين محمود بكر وإبراهيم الجويني الذي يجيد الإنجليزية والإيطالية والفرنسية.

واتفق على أن تذاع المباراة المسجلة في الـ3 عصرا، وفي السادسة إلا ربع، والعاشر إلا ربع تذاع المباراة على الهواء مباشرة.

وتكلف البث للمباريات "مسجلة" أو "مباشرة" مليون جنيه، تم التخطيط لتغطيتها من عوائد الإعلانات. حسب "الأهرام" 7 يونيو 1990.