لماذا تستقطب "القاعدة" خريجي كليات "الهندسة والطب"؟
تقرير - محمد الصاوي:
أن تكون طبيبًا أو مُهندسًا، فهذا حلم يراود طلاب الثانوية العامة،، لكن أن تكون طبيبا أو مُهندسًا وتنضم للتنظيمات الإرهابية التي تتواجد فروعها في كافة أنحاء العالم أو ان تكون محل استقطاب لهذه الجماعات، فهذا يدعو للتساؤل.. لماذا معظم خريجي تلك الكليات أعضاء داخل تلك التنظيمات؟، وهل هناك استقطاب من تلك التنظيمات لخريجي تلك الكليات تحديدًا، ولماذا؟.
جراح القاعدة
وُلد الطفل أيمن الظواهري، من عائلة نابغة في مجالات عِدة، فوالده الأستاذ الدكتور محمد الشافعي الظواهري من أشهر الأطباء المصريين للأمراض الجلدية، وجده من والده الشيخ محمد الأحمدي الظواهري أحد شيوخ الأزهر، أما جده من والدته فهو عبد الوهاب عزام من رجال الأدب بمصر في مرحلة ما قبل ثورة 1952، وعم أمه هو عبد الرحمن عزام أول أمين عام للجامعة العربية، وله خالان ومن أقرب الناس له عمه محمود الظواهري طبيب أمراض العيون، انخرط الظواهري في نشاطات حركات الإسلام السياسي في سن مبكرة، وهو لا يزال طالبًا في المدرسة، تم اعتقاله وهو في سن الخامسة عشر، وذلك بسبب انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين، درس الطب، فصار طبيبًا مُتخصصًا في الجراحة العامة، التي تخرج منها في عام 1974 م وحصل على درجة الماجستير في الجراحة بعد أربع سنوات.
ربما منذ مولده، لم يكن من ضمن مخططاته أن يكون عضوًا بارزًا في تنظيم القاعدة، ثم نائب لزعيمها "أسامة بن لادن"، نهاية بأن يكون زعيمها الحالي بعد مقتل "بن لادن"، أو ربما لم يدور في خياله أن يكون أحد المُتحدثين من داخل السجن خلال محاكمته هو وآخرون من المتهمين باغتيال الرئيس المصري أنور السادات، حيث دفعه اتقانه للغة الإنجليزية إلى الحديث: "نحن مسلمون نؤمن بديننا ونسعى لإقامة الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي"، برأته المحكمة من تُهمة اغتيال الرئيس المؤمن، لكنها حكمت عليه بعد ذلك بالسجن لمدة ثلاث سنوات، لإدانته أسلحة بصورة غير مشروعة، وعقب الإفراج عنه عام 1985، غادر إلى السعودية.
قائد 11 سبتمبر
جلس على مقعد المُتحكم في الطائرة المتوجهة إلى بورتلاند، لكنه ما لبث سريعًا أن وجه نداءات مُتكررة للركاب، كان ذلك صبيحة يوم الحادي عشر من سبتمبر عام 2011، خاطب الركاب: "حافظوا على الهدوء، حصلت بعض التغييرات، وسنرجع إلى مطار بورتلاند"، محمد عطا خريج كلية الهندسة جامعة القاهرة، مصري الجنسية، لكنه عُرف لدى السلطات الألمانية بأنه مواطن إماراتي يستكمل دراسته في تخطيط المدن، حيث ظل في جامعة هامبورج لـ 6 سنوات، لا أحد يعرف تحديدًا كيف انضم لتنظيم القاعدة؟، لكن هناك بعض النقاط في حياته التي ربما التقى فيها بمجموعة من أعضاء التنظيم، منها على سبيل المثال رحلته إلى الحج عام 1995، أو ربما شقة "هامبورج" -حيث كان يدرس- وجيرانه في السكن الواحد كلا من "سيد بهيجي ورمزي بن الشيبة"، الذي سافر معهما بعد ذلك إلى الشيشان عام 1998، ومنها إلى أفغانستان ليلتقوا هناك بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
بعد عودته من أفغانستان؛ بدأ "عطا" التواصل مع عدد من مدارس الطيران في الولايات المتحدة الأمريكية، وانضم بالفعل إلى إحدى مدارس الطيران بفلوريدا، حصل على رخصة قيادة للطائرات من النوع الذي استخدمه في هجومه على مركز التجارة، وهي طائرة بوينج 727، قاد "عطا" هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ونجحوا في تحويل مسارات 4 طائرات نقل مدني، إلى 4 أهداف مُحددة، برجي مركز التجارة بمنهاتن، ومقر وزارة الدفاع الأمريكية، فيما أخطأت الرابعة هدفها، وسقط خلال هذه الأحداث 2973 ضحية، فضلًا عن آلاف الجرحى.
الطبيب المُسلح
أن تكون طبيب عالمي أو مشهور، فهذا أسهل بكثير من أن تصل إلى منصب طبيب القائد أو الزعيم، منصب لم يحصل عليه أي طبيب مهما كانت درجة مهارته في الطب، ولكن المصري رمزي موافى، استطاع في الاستحواذ على ثقة شيخ التنظيم "بن لادن"، ويكون طبيبه الشخصي، الذي يؤتمن على أوجاع القائد، ونقاط ضعفه، ولا يبوح بها أبدًا.
وُلد رمزي بالمنصورة، وتخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة، ثم سافر إلى باكستان، وهناك تعرف على أسامة بن لادن، فتم تعيينه طبيبًا لتنظيم القاعدة.
تعرف "موافى" على أعضاء التنظيم أثناء قيامه بأداء فريضة الحج بالسعودية، والذي حمسه على الانضمام للتنظيم، وبالفعل سافر "موافى" من السعودية إلى اليمن ومنها لأفغانستان، وتقرب من الزعيم "بن لادن" الذي اصطفاه ليكون طبيبًا له، بعد أن تأكد له صدقه وإيمانه بمبادئ التنظيم، ألقت الأجهزة الأمنية بمصر القبض عليه في عام 2007، عقب عودته، باعتباره أحد القيادات الإرهابية الخطرة ومن خبراء المواد الكيماوية في تنظيم القاعدة، وحكم على موافى بالسجن لمدة 31 عامًا، ولكنه تمكن من الهرب من سجن وادي النطرون يوم 29 يناير، ليقود شتات التنظيم في شبه جزيرة سيناء.
قائد المجلس العسكري
كانت ميوله من البداية تشير إلى ولعه بالجهاد وتأثره بمنهج القاعدة، لذا بعد تخرج "عبد الحكيم الخويلدي بلحاج" مباشرة من كلية الهندسة المدنية، غادر ليبيا إلى أفغانستان" للجهاد عام 1988م، مُشاركًا في الجهاد الأفغاني آنذاك وبقي هناك عدة أعوام، والتحق بالجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة منذ بداية تأسيسها في بداية التسعينيات.
بعد سقوط "كابول" في يد الأمريكيين، ترك أفغانستان، عاد إلى ليبيا عام 1994 وبدأ إعادة ترتيب الجماعة وتدريبها بـ "الجبل الأخضر" للتحضير للجهاد ضد النظام ولكن النظام استبق الجماعة بضرب مراكز التدريب عام 1995، وقتل أميرها عبد الرحمن حطاب.
بعد تضييق الخناق عليه من قبل نظام القذافي، تمكن "أبو عبد الله الصادق" - الاسم الذي لازمه منذ انضمامه للتنظيم - مغادرة ليبيا والعودة إلى أفغانستان، تم اختياره أميرًا للجماعة الليبية المقاتلة في فترة إعادة ترتيب صفوف الجماعة في أفغانستان، تم اعتقاله في ماليزيا عام 2004، عن طريق مكتب الجوازات والهجرة بتدخل من المخابرات الأمريكية، ثم تم ترحيله من قبل وكالة المخابرات الأمريكية "CIA" إلى ليبيا، وهناك تم اعتقاله.
وبعد 7 سنوات قضاها بلحاج خلف قضبان السجن الانفرادي، توسطت قيادات إسلامية للإفراج عنه وعلى رأسهم الشيخ علي الصلابي أحد قيادات الإخوان المسلمون بليبيا والشيخ يوسف القرضاوي بعد "مراجعات فكرية" أجروها معه، فأفرج عنه مع 214 من سجناء بوسليم في بادرة غير مسبوقة في تاريخ القذافي، لم يُمر الكثير حتى عاد وكان عاملا هامًا في اسقاط نظام "المُعمر".
أبو أنس
نزيه عبد الحميد الرقيعي الملقب بـ"أبو انس" مهندس في تكنولوجيا المعلومات، توفي منذ عدة أيام في أحد مستشفيات نيويورك، قبيل محاكمته لاتهامه بالمشاركة في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في افريقيا في 1998، وكانت عناصر من القوات الأميركية الخاصة تمكنت من القاء القبض عليه، في أكتوبر 2013 في العاصمة الليبية طرابلس، وأثبت الليبي" جدارته وتقدم بسرعة في صفوف القاعدة بفضل درايته في مجال المعلوماتية وأنظمة الاتصالات، وخدم للقاعدة خدمات كثيرة من خلال مجال عمله.
"شكري مصطفى"
شكري أحمد مصطفي، خريج كلية الهندسة الزراعية، من مواليد أسيوط، هو مؤسس جماعة الدعوة والهجرة والتي سميت بـ"جماعة التكفير والهجرة"، قام بعملية اغتيال الشيخ حسن الذهبي وزير الأوقاف، آنذاك عام 1978م، بعد أن انتقد الشيخ الذهبي طريقته وفكره وأسلوبه وخطورته على الاسلام، وحُكم عليه أمام المحكمة العسكرية بالإعدام شنقًا مع أربعة من
زملاؤه، ومن أبرز ما اتسمت به "جماعة التكفير والهجرة" كما قال شكري مصطفى من واقع أقواله (53) أمام هيئة محكمة أمن الدولة العسكرية العليا (القضية رقم 6 لسنة 1977) "كل المجتمعات القائمة مجتمعات جاهلية وكافرة قطعًا، وبيان ذلك أنهم تركوا التحاكم لشرع الله واستبدلوه بقوانين وضعية ولقد قال الله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) بيد أن الأفراد أنفسهم لا نستطيع الحكم عليهم بالكفر لعدم التبين من ذلك لذا فهم فقط جاهليون ينتمون لمجتمع جاهلي يجب التوقف في الحكم عليهم حتى يتبين إسلامهم من كفرهم".
من جهته، قال أحمد بان - المتخصص في الشؤون الإسلامية - أن الجماعات الارهابية بشكل عام، لا تفضل من له معرفة بالعلوم الاجتماعية مثل علم النفس والتاريخ وغيرها من العلوم التي تهتم بالجانب المعرفي، أي أنها تقصد المؤهلات التي لا تدرس الجانب المعرفي الاجتماعي، ويرى "بان" أن تنظيم مثل "القاعدة" أو الجماعات الإسلامية، تفضل استقطاب من لهم جهل بالتاريخ والأوضاع حتى يكون من السهل تجنيدهم.
"سر تواجد خريجي كليات الطب والهندسة ووصولهم إلى مناصب قيادية بالجماعات والتنظيمات الإرهابية، يعود إلى طبيعية دراستهم والتي تتلخص في "بما أن، إذًا" حيث أن المقدمة عندهم تؤدي دائمًا إلى برهان محدد"، هذا ما أكده الدكتور نبيل نعيم الخبير بالجماعات الإسلامية، مُشيرًا إلى أن خريجي هذه الكليات لم يدرسوا اللغة والأسلوب والنظم ومعاني الكلمات، لذلك يأخذوا النصوص حسب فهمهم الضيق وتستغل الجماعات الإرهابية تلك النقطة الضعيفة، لاستخدامهم واستغلالهم في العمليات الإرهابية.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: