مصطفى.. ''اللي كان يومها واحد من الحراس الشعبيين للمتحف''
كتب- محمد مهدي:
وحيدا وعلى قدميه كان ''مصطفى إبراهيم'' -24 عاما- يتجه من منزله بمنطقة مصر القديمة إلى ميدان التحرير، في ساعة متأخرة من ليل 28 يناير 2011، بعد أن دب النشاط في جسده فجأة رغم ''علقة اليوم مع قوات الأمن'' عقب سماعه مناشدة عدد من القنوات الفضائية بحماية المتحف المصري من عمليات النهب بعد انسحاب الشرطة.. لم يتحمل الطالب-حينذاك- المنتمي لكلية آداب قسم تاريخ بجامعة القاهرة، أن يرى تاريخ الوطن يُنهب، فقرر حمايته بنفسه.
في الشوارع الخالية يسير بخطوات سريعة، يتمنى أن يصل إلى المتحف المصري قبل فوات الأوان، لا يبالي بالفراغ الكامل من حوله، أصوات ''سارينة'' الإسعاف لم تزعجه، غضب والديه من قرار النزول في هذا التوقيت الخطر.. كان تركيزه منُصبّ على المتحف، فمن غيره تفقد الثورة قطعة أصيلة في تفاصيلها ''لو تاريخنا ضاع.. يبقى الحاضر والمستقبل ملوش لازمة'' هكذا كان يرى الشاب العشريني الأمور وقتها.
داخل الميدان المزدحم، الغارق بطلقات الخرطوش، ودماء الثوار المنتشرة هنا وهناك، اندفع الشاب العشريني نحو المتحف، قلبه قَلِق، عينه زائغتين تبحثان عن بوابة المكان العتيق الذي يحوي كنوز البلاد ''المتحف دا بيتي.. أنا كنت بتدرب فيه لمدة 4 سنين، حافظ كل قطعة فيه''، لكن سرعان ما اطمئن وهدأت مخاوفه حينما رأى مجموعة من الثوار يُشكلون حائط آدمي أمام المتحف، كبديلا عن قوات أمن انسحبت تاركة آثار الوطن في مهب الريح.
ضمن صفوف الحراس الشعبيين للمتحف المصري، وجد ''مصطفى'' مكانه، الكتف في الكتف، واليد محلها يد الآخر، والسيرة بينهم عن الثورة تُشعل الدفء في الأجواء رغم برودة الجو، هناك في الميدان كانت ''اليوتوبيا'' لا مكان للخوف ''حسيت أني وسط أخواتي رغم أني أول مرة أشوفهم''، لا مساحة للطائفية ''اللي بيناولنا الماية عشان نتوضى أخواتنا الأقباط وصلينا الفجر في حمايتهم''، لا أحد يجوع ''ناس تعدي علينا بقُرض وميه وابتسامتهم تشرح القلب''.
أمر واحد كان يشغل ''مصطفى'' ورفاقه، ويؤرقهم أن ثمة حريق مشتعل في مقر الحزب الوطني، على بُعد أمتار من المتحف المصري ''خوفنا الحريق يمتد للمتحف وساعتها هتبقى كارثة''، تشاوروا فيما بينهم وقرروا أن يذهب بعضهم لمساعدة رجال الأطفاء ''روحنا الحزب الوطني وواجهنا الموت''.
بينما يتحرك الشاب الأسمر ورفاقه هنا وهناك في محيط مقر الحزب الوطني- القابع على أطراف ميدان التحرير ناحية كورنيش النيل- خلال مساعدتهم قوات الحماية المدنية، هتف أحدهم ''الحريق بيزيد والمبنى شكله هينهار'' اتجهوا جميعا نحو بوابة الخروج ليكتشفوا أن شخص ما أغلقها من الخارج، لم ينتظروا تملك الفزع منهم، تسلقوا البوابة وتركوا المكان.
من جديد عاد ''مصطفى'' إلى مكانه بين صفوف المدافعين عن المتحف، يتبادل مع رفاقه التأمين كلما ألمّ بأحدهم التعب حتى وصول القوات المسلحة في الصباح -29 يناير ''مدرعة في محيط المتحف واتنين قدام البوابة''، هنا انتهى دوره بينما اتسع الميدان للآلاف من المصريين، قادمين من كل حدب وصوب، اندفع بينهم هاتفا معهم بسقوط النظام ''وقتها عرفت إن الثورة نجحت وبالفخر أني جزء منها وتأميني للمتحف.. في يوم من الأيام هأحكي لولادي أني كنت هناك''.
تابع باقي موضوعات الملف:
"فلان الفلاني".. الثورة بنت المجهولين "ملف خاص"
أحمد أمين.. واجه مبارك بـ''7 جنيه'' وصنع متحف الثورة بـ''مشمع''
سهام شوادة.. الثورة يعني ''عيش وملح''
عم فولي.. ابن المطرية يتعلم الثورة على الطريقة الإنجليزية- فيديو
''الششتاوي''.. الثورة تحت أقدام الأمهات
محمد عمران.. أن تختار بين الثورة و''بنتك''
نساء عائلة "سلام" بالإسكندرية.. الثورة تمد لسابع جد
مها عفت.. أول من حَمل "علم الثورة" في الميدان
يحكى أن ''عبدالله'' هتف.. وشبرا كلها ردت وراه
''فنانة'' و''بتاعة سندويتشات'' و''مسؤول شواحن''.. أبناء ''أسماء'' في الميدان
القصة وراء صورة "ماجد بولس".. ياما في موقعة الجمل حكايات
في بورسعيد.. من الأم إلى ابنتها ''الثورة أبقى وأهم''
''فاتن حافظ''.. الثورة ''من طأطأ لـسلامو عليكو''
قاسم المزاز.. ''دليفري'' المستشفى الميداني
حكاية جمال العطار مع الثورة.. باع "البيزنس" واشترى البلد
للتحرير تفاصيل يعرفها "محمود نصر"
محمود جمال يكتب.. من دفتر مذكرات فلان الفلاني "اللي كان يومها ثائر"
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: