إعلان

بالصور: ''لبنان فلبنان''.. كيف تجمع صوت الحرب في كتاب؟

12:59 م الثلاثاء 13 أكتوبر 2015

كيف تجمع صوت الحرب في كتاب

كتبت-رنا الجميعي:

عمره حينها كان بالخامسة، لمّا حدث شق الدمار الذي انفتح، ولم يُغلق، سوى بعدها بخمسة عشر عامًا، عقل الإعلامي الذي صار إليه، جعله كصبي وقتها يُجمع صور مآسي الحرب الأهلية اللبنانية، بُعلبة وضعهم فيها، وسدّ عليها حكايات تكاد تخرج صارخة من أطرها، وبعام 2000 وجد العُلبة كما وضعها، لتُذكره بحرب لم ينسها، معها استرجع زافين قيومجيان- مذيع برنامج بلا طول سيرة- رائحة غبار القصف، وصوت القذائف يدوي بأذنيه، الإبداع يحل محل المآسي بحالة قيومجيان، لذا كانت الصورة بابه لعالم أبطال الحرب المجهولون، مع المصورة ''حياة قرانوح''، بكتاب ''لبنان فلبنان'' أو ''لبنان أطلق عليها الرصاص مرتين''.

1-(2)

مرّ قيومجيان بمرحلة الطفولة، المراهقة والشباب بالحرب، ببيروت عاش، ''كل شي عادي بس بدون ترفيه''.. هكذا وصف الإعلامي مرحلة الحرب بالنسبة له، يتذكر ذهابه للمدرسة، ثم عودته للبيت، الحرب بمفهوم قيومجيان كان كل شيء بمكان مُغلق، لا مجال هنا للأماكن المفتوحة، كما أن الأيام تنتهي مُبكرًا، يظل باله مشغولا بشراء الأغراض المنزلية بكميات كبيرة، لتستمر بلا وعيه تلك العادة ''حتى الآن بجيب أغراض أكثر''. العُلبة التي جمّع فيها قيومجيان صور اللبنانيين بالصحف، لمّا استعرض الصور بعدما كبر، صار عنده شغف يعرف أين هم الآن، يتساءل بمقدمة كتابه: ترى كيف يكون العالم عندما تتوقف الكاميرا، عندما تنطفئ الإضاءة ويغادر فريق التصوير.. عندما لا يبقى من يُخبر؟، ومن هنا بدأت رحلة البحث، البداية أولًا كانت بتليفزيون ''المستقبل'' حيث ناقش في حلقة عن الحرب، صورتين فقط ضمن مجموعة الصورة لديه.

عام ونصف قضاها قيومجيان في البحث عن أصول الصور بأرشيف الصحف منذ 2000، لم يكن البحث أمرًا سهلًا، حيث دقة البيانات صعبة المنال بذلك الوقت ''الساعات الطويلة في أرشيف الصحف والمجلات أفضت إلى عناوين محتها المعارك وأسماء لم تدخل دليل الهاتف بعد الحرب''.. وقتها كانت العملية الاستقصائية تتم بالبحث شارع بشارع، كان قيومجيان يبحث عن تلك الوجوه التي ظهرت بالصحف. في بداية الألفية حيث بحث قيومجيان عن تلك الصور، كانت لبنان بعز ازدهارها كما يقول ''كنت أروح أسأل شخص شخص'' حتى إنه توصل للمصورين ليستطيع إيجاد هؤلاء الأشخاص ''لأنو ما كان فيه أسماء''، الصور التي جمّعها الإعلامي اللبناني التقطت من منتصف السبعينيات حتى منتصف التسعينيات، بعض الصور كانت مُجرد شارع أو جدار ''كنت بتساءل بعدها بتلاتين سنة شكله ازاي''.

رحلة عبر الزمن قام بها، باللحظات التي عثر فيها على أبطال الصور ''كنت عم بفتح الجراح''، الردود التي تلقاها منهم تفاوتت مداها ''فيه ناس مش عاوزة تسترجع ذكرى الحرب''، آخرون لم يزالوا يعيشون مرار الدمار ''دول كانوا العكس، وكانت فرصة ليطلعوا مالألم، ويبقى الكتاب ختام لآلام الحرب''.

كانت حياة قرانوح، المصورة، تقوم بمهمة تصوير أبطال الصور مرة أخرى، بذات المكان الذي حدثت فيه فاجعتهم، امتلأ الكتاب بأكثر من 250 صورة، لم تجد صعوبة بالتعامل مع ناجين الحرب، حيث أنهم اعتبروها اهتمام بقضيتهم ''وقت ما وريتهم الصور كانوا مبسوطين''، ورغم ما يحمله الزمن معه من تهدئة الجراح، غير أنها تصير عميقة، تقول المصورة حياة قرانوح إنها لمّا التقت بالأم بمنزلها-سيدة فقدت ابنتيها بالحرب، كانت تحتفل بعيد ميلاد ابنها، غير أنها قالت لها ''بقدر أعطي ولادي هدايا، بس الحب كله راح لبناتي''.

2-(2)

أكثر الصور تأثيرًا بالنسبة لزافين؛ كانت صورة لسيدة ترتدي بلوزة ملطخة بالدم، بدا بملامحها لوعة الحرب، حيث بموقعها ''طريق الجديدة'' دُمّر كل شيء، حسبت أن طفليها ضمن نتائج الانفجار، فتفتح ذراعيها صارخة، غير أن الصورة الأخرى التي صوّرتها حياة قرنوح -المصورة شريكة زافين بالكتاب، نجد السيدة، واسمها حسب صفحة “hummus for thought”. سميرة بوشناك، تُمثل نفس الصورة مرة أخرى، غير أن تلك اللحظة اصطحبت طفليها، الكبيرين الآن، تمتلأ عيونهم بالصورة بعض من الإصرار والعناد اللذان شبا عليه، أما الأم فالأمل مفتاح عيناها.

3

الصورة الثانية التي ذكرها زافين، هي صورة المسعف بالهلال الأحمر، صورته الأيقونية حيث يُنقذ طفلة صغيرة، التفت بغبار الحرب، فيما بدا الجزع بملامح المسعف ''نبيل بيطار''، التقى قيومجيان بالمسعف ببرنامجه ''بلا طول سيرة''، كما التقى بالطفلة الصغيرة التي أنقذها، وصارت فتاة ناضجة.

4

مازال لبنان يحمل جراح الحرب برأي زافين، كذلك مازالت أسر كثيرة مهجرة، بينما يعود الإعلامي بذاكرته للوراء، حيث كانت الحرب السيناريو الطبيعي لطفل في العاشرة من عمره، والأوضاع وقتها كانت الطبيعية لجيل الاقتتال ''ما كنا نعرف الفرق بين الحرب والسلم''، أما أبطال الصور يسترجعهم الإعلامي كيف كانوا تعاملوا بتأثر كبير مع الفكرة، يقول قيومجيان إن الحرب لم تُرو من خلال ضحايا، بل سرد تفاصيلها السياسيون والصحافيون، لكن صوت الناس، فكان كتابه ''لما شافوا صورهم، وجدوا إن صوتهم موجود هناك''.

لمتابعة باقي موضوعات الملف:

ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية.. "تنذكر ما تنعاد" (ملف خاص)

2015_10_20_18_10_5_829

بالصور: مشهد ما بعد الحرب اللبنانية.. "حولوها لمدينة أشباح"

2015_10_20_18_33_39_13

المفقودون بحرب لبنان: صورٌ ترويها "داليا" عن الفجيعة

2015_10_20_18_34_24_623

بيروت منيحة رغم الاقتتال.. قصة لبناني عايش الحرب

2015_10_20_18_35_10_435

بالصور - مجلة "سمر".. تسلية في زمن الحرب الأهلية اللبنانية

2015_10_20_18_35_48_217

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان