ماركس.. ملهم الشيوعية الحديثة
كتب - سامي مجدي:
لم يمهل القدر كارل ماركس، ذلك المفكر الثوري عظيم التأثير في البشرية، وقتا ليرى أفكاره مطبقة على الأرض الواقع، تلك الأفكار التي شكلت القاعدة النظرية للشيوعية الحديثة، وألهمت الكثير حول العالم خاصة مع بدايات القرن العشرين وكانت ذروتها مع الثورة البلشفية سنة 1917.
ولد كارل هينريش ماركس في مثل ذلك اليوم قبل نحو قرنين من الزمان (5 مايو 1818) في ألمانيا الغربية، وكان والده محاميا يهوديا - تحول إلى المسيحية في ١٨١٦ - ذائع الصيت. درس ماركس القانون في بون وبرلين، لكنه تعرف أيضا على أفكار هيغل وفيورباخ، وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة يينا الألمانية في 1841.
عمل ماركس صحافيا بعد تخرجه من الجامعة وكان عضواً في هيئة تحرير صحيفة "راينيش تسايتونغ" ثم أصبح فيما بعد رئيس تحريرها، وكان وقتها يعيش في مدينة كولون قبل أن ينتقل في 1883 هو وزوجته يني إلى باريس التي كانت في ذلك الوقت مرتعا للفكر المتطرف ومركزا للسياسة في القارة العجوز.
في باريس، بات ماركس شيوعيا ثوريا، وتعرف فيها على صديق عمره فيما بعد فريدرك أنجلز (28 نوفمبر 1820 - 5 أغسطس 1885)، لكن العاصمة الفرنسية ضاقت ذرعا به وطردته فانتقل مع رفيق دربه أنجلز إلى بلجيكا، حيث قضى عامين في بروكسل توثقت فيهما علاقة الصديقين كارل وفريدريك.
وفي بروكسل، انضم ماركس إلى جمعية "عصبة الشيوعيين" السرية، وفي مؤتمر الثاني وضع مع انجلز - بناء على طلب منظمي المؤتمر - "بيان الحزب الشيوعي" أو ما يسمى بـ"المانفيستو الشيوعي"، في 1848.
وضع ماركس وانجلز في "المانفيستو" الخطوط العريضة لتصور جديد للعالم واشتمل أيضا على تصورات في الحياة الاجتماعية والجدل وشرحا فيه أن تاريخ البشرية ينبني على صراع الطبقات، لكن هذا الصراع سوف يختفي مع انتصار البوليتاريا (الطبقة العمالية).
بعد أن طبع المانفيستو الشيوعي، طردت بلجيكا ماركس، فانتقل إلى لندن التي قضى فيها بقية حياته. ومع مرور السنين في عاصمة الضباب عانى ماركس من الفقر فتولى أنجلز الثري الاعتناء بأسرته. وبمرور الزمن خرج ماركس من العزلة السياسية والروحية التي فرضها على نفسه وأنتج أهم اعماله "رأس المال".
أنجز كارل ماركس الطبعة الأولى من "رأس المال" الذي يسمى "الكتاب المقدس لدى الطبقة العاملة"، ونشرت في 1867، في حياته، أما الطبعة الثانية فنشرها أنجلز في 1885، والثالثة نشرت في 1894. وفيه وضع ماركس خلق الاقتصاد السياسي العلمي للشيوعية.
في سنواته الأخيرة، عانى كارك ماركس من تراجع ابداعي وجسدي، وقضى كثير من الوقت في منتجعات صحية، وعانى من اكتئاب شديد بعد وفاة زوجته واحدى بناته في 1881.
رحل ماركس في 14 مارس 1883 ودفن في مقبرة هايغيت في لندن.
فيديو قد يعجبك: