لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

قصة "عطا" وبناته الثلاث.. أراد إسعادهم فسقط مصابًا في "تفجير طنطا"

07:09 م الإثنين 10 أبريل 2017

خليفة عطا أحد مصابين تفجير طنطا.

كتب- رنا الجميعي وإشراق أحمد:

حتى منتصف ليل السبت، جلس خليفة عطا بولس، مع بناته الثلاث، البسمة تعلو الوجوه، تناغش الصغيرات أباهم، بينما يصنع لهن صلبان وأكاليل السعف، من أجل الاحتفال باليوم التالي، تصيح "ميرنا" –أصغرهم- ضاحكة "بابا هنروح كنيسة مارجرجس بكرة ملناش دعوة"، وتدعمها شقيقتاها، يتململ الأب قليلاً "المطرانية أقرب ومتعود أروحها"، فيما واصلت الفتيات الإلحاح على الذهاب للكنيسة الدائمي التردد عليها "عشان الكل بيجي فيها بالسعف والفرحة بتبقى أكبر"، ليستجيب الأب طوعًا لصغاره، الذين لم يفكر بأحد سواهم، في ثوان توقف بها الزمن، وسقط فيها "بولس" أرضًا مُصابًا مع الانفجار الواقع داخل الكنيسة.

بالطابق الثاني، الذي استقبل مصابي كنيسة القديسين، في مستشفى معهد ناصر، استلقى "عطا" على ظهره، السمع يخونه بعض الشيء، يلزم الحديث معه الاقتراب من أذنه اليمنى، بعدما أصابه التفجير، بثقب في أذنه اليسرى.

لحق "عطا" بالقداس الثاني، دقات الساعة تشير إلى التاسعة إلا الربع صباح يوم الأحد-9 إبريل- دلف الرجل الثلاثيني إلى الكنيسة، ودع صغاره ليدخلوا كنيسة "أبانوب" الصغيرة المخصصة للأطفال، وعبر إلى حيث مكان الرجال، بالصف التاسع من المقاعد خلف عمود وجد والد البنات مجلسًا يسع لشخص، استقر لنحو ربع ساعة يستمع للصلاة المقامة "وفجأة الدنيا ضلمت مدرتش إيه اللي حصل".

تغيرت معالم المكان حال ما يحدث كل حادث إرهابي؛ ضج الصراخ بدلاً من الترانيم، تطاير الزجاج، واندفع الجميع فزعًا "اتنطرت من مكاني واتكفيت على وشي" يقول "عطا" مستعيدًا لحظة التفجير، استجمع الرجل قواه "كل اللي كان في بالي ولادي"، هرول " الأب صوب الكنيسة الصغيرة، أمتار قليلة تفصل بينه وبناته كانت كالدهر، انقضى لحظة التقاء الفتيات الثلاث "خدتهم في حضني وطلعت أجري"، يواصل الأب الحديث مستلقيًا على السرير.

غاب "عطا" عن كل شيء، إلى أن أوصل بناته لزوجته. لم تحضر "أم ريم" أحد الشعانين، استقرت في بيت أبيها، الذي يبعد شارعين عن كنيسة مارجرجس، علمت بالانفجار من الدويّ القوي، "بنتي نورا اتصلت عليا، قالتلي الحقي بابا جوا"، تماسكت الفتاة الوسطى لتبلغ والدتها، أما ريم، الابنة ذي الثانية عشر عامًا، فسقطت من الذعر مغشيًا عليها، وبجوارها الأخت الصغيرة.

ظلت "ميرنا" تبكي بحرقة، حتى فقدت الوعي، لولا أن تداركتها يد أبيها تحثها على المضي. بعد الاتصال، هرولت الأم نحو الكنيسة، في منتصف المسافة قابلت زوجها وبيديه البنات الثلاث في حالة انهيار، أما الأب "لقيته واقف أدامي مِسّهم، ومبيكلمناش، كل اللي بيقوله أنا مش سامعكوا".

ظهر "عطا" بجلباب زيتي، تكسوه بقع دماء، وعينين تزيغ في كل اتجاه مُطالبًا زوجته بالذهاب إلى المستشفى، ظلّ الأب لثلاث ساعات بمستشفى المنشاوي، حتى قرار وزير الصحة، الدكتور أحمد عماد الدين، بنقل 10 مصاب إلى معهد ناصر لاستكمال العلاج.

بعد 15 عامًا من الإقامة في طنطا، قضى "عطا" ليلته الأولى في القاهرة بالمستشفى، دون زوجته وبناته، فلم ترافقه أم ريم بسبب امتحانات الشهر لابنتيها، ريم ونورا، "كان عندهم دروس"، إلا أن الفتاتين رفضا الذهاب بسبب الانهيار الذي صاحبهما "فضلوا يتفرجوا على التليفزيون ويعيطوا".

رافق الأقارب المصاب المنقول لمعهد ناصر، وصل هناك حوالي الثالثة عصرًا، بعدها بدأ توافد أهله ساكني القاهرة، من بينهم أخته "سناء"، تحلّق الجميع حوله للاطمئنان عليه، فيما جلست "أم روماني"، مع زوجها بالاستراحة أثناء الكشف على "عطا"، تُفكر بأسى لما حدث، كانت المرة الأولى بالنسبة لها أن يمسّ حادث إرهابي أحد أقاربها، وبصوت منخفض قالت "يعني هما مستكترين علينا يوم نفرح فيه".

اليوم اتجهت "أم ريم" برفقة بناتها إلى زوجها، تتلهف لرؤيته، لا تعرف حتى الآن متى سيخرج، ورغم الحادث إلا أن الزوجة ترفض عدم الذهاب إلى الكنيسة مرة أخرى، مُستنكرة "مينفعش منروحش، أومال هنصلي في الشارع".

لم تكن تطأ قدما "عطا" الكنيسة المفضلة لدى بناته إلا في المناسبات، غير أن ذلك اليوم، انهي خطته المسبقة، بتلبية رغبة صغاره، ومن ثم الذهاب انتظارًا لعمله اليومي كـ"فواعلي"، ليُلقي به على سرير المرض بين 78 مصاب بكنيسة طنطا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان