بالصور- تجارة وبركة واحتفال. ساعات ما قبل أحد "السعف"
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
كتبت-دعاء الفولي:
ثلاثة رجال يجلس أكبرهم سنا القرفصاء بجانب كنيسة العذراء مريم في الدقي، تبدو المنطقة هادئة، يتحرك حوله الآخران، يرتدي أحدهما تاج مصنوع من سعف النخيل، متفاوضا مع زبون على السعر. ساعات قليلة متبقية على احتفالات أحد السعف أو "الشعانين"، وفيما يستعد الأقباط لليوم، يبيع البعض ما حصدوه من النخيل، أملا في رزق وفير مؤقت أو اشتياقا لبركة العيد.
منذ سبع سنوات يأتي ميلاد حنّا للقاهرة من مركز سمالوط في محافظة المنيا، يقطع الشاب المسافة بصحبة أقاربه، يُقسّمون المهام بينهم "ناس بتضفّر وناس بتبيع".
قبل العيد بعدة أيام يبدأ موسم الجمع "من عندنا بناخد حتت من قلب النخلة وننضفها ونعملها أعواد".. يحكي نادي دميان، بينما تغزل يداه السعف، يذكر ابن الصعيد المرة الأولى حينما وطأت قدماه العاصمة "قريبي بيقعد هنا في الدقي فجيت معاه. وحبيت مصر أوي"، لا يحصل المزارع الخمسيني على الكثير "بس البيع هنا أحسن من الأرياف.. هناك السعف كتير فمحدش بيشتري".
يمكث الأقارب على ذلك الرصيف الملتصق بالكنيسة لعدة أيام "الصبح في الشارع وبليل نبات في الكنيسة". همّهم الأول العودة دون بضاعة، لا سيما وأن ما معهم من سعف لا يتجاوز الـ500 واحدة.
على أشكال عديدة يشتري الزبائن السعف "في قلب وفيه تاج وكل واحد حسب مزاجه" حد قول حنّا. تتفاوت مُدة عمل الواحدة حسب حجمها وشكلها، ولنفس السبب يرتفع سعرها أو ينخفض "أغلى حاجة عندنا بـ15 جنيه"، فيما يفضل البعض الحصول على فرع النخيل دون تغيير "بتبقى بعشرة جنيه وقتها".. يقول دميان متمنيا العودة لـ"مصر" في العيد القادم بغض النظر عن حجم البيع.
على العكس من الدقي، يعج شارع المسرّة بشبرا بالكثير من البشر. تُزين كنيسة العذراء المنطقة، يحيطها باعة من كل مكان؛ سوهاج، الفيوم، شبرا، كرداسة وغيرها، سيدات وصغار يفترشون الأرض، وبعض من شباب المنطقة كذلك؛ بينهم اتخذ ميشيل هابيل وصديقه فادي منير مكانهما.
بخفة أخذ هابيل ينسج السعف، بينما يطلب من طوني ذو العشر سنوات مساعدته "القلوب دي هتنشف محتاجة تتعمل بسرعة"، يشاركهما 3 شباب آخرين الفرحة، يستمع أحدهم لطلب سيدة "عايزة فيونكة"، يبدأ في التنفيذ فورا، وينهمك أصغرهم في إنهاء ما معه قبل أن يقول "بقالي 3 سنين باجي هنا.. بحس إنها مُتعة". بالأمس تعلّم الفتى صناعة شكل القلب "أخويا الكبير وراني الطريقة وعملت واحدة في ساعتين وبعتها"، يتفاخر بما يُنتجه، دون أن يعبأ بتعب الوقوف لأكثر من 16 ساعة يومي الجمعة والسبت.
"إحنا بنعمل دة عشان نتبسط".. يقول منير الذي يعمل في إحدى شركات الاتصالات "احنا بس بنستغل العيد عشان نتجمّع كلنا". يحصل الشباب على السعف من كرداسة "الأسعار غليت أكتر من الضعف السنة دي"، حيث رفع المزارعون أجرتهم وكذلك جامعو السعف وأخيرا سائقو السيارات التي تنقل النخيل.
لا يعرف هابيل سببا بعينه لذلك الغلاء، يضطر للشراء لأن الأسعار لا تتفاوت كثيرا بين مُزارع وآخر "وهو عارف إني لو مشترتش غيري هياخد"، لذا قلل الأصدقاء كميات ما يشترونه هذا العام "بنبدّع على أد اللي معانا"، يقول منير مُشيرا إلى خاتم في يده اليُمنى مصنوع من السعف.
لا يسلم البائعون دائما من الفِصال "لا الناس عاجبها السعر ولا احنا بس هنعمل إيه؟ انا كنت بشتري الـ100 سعفة بـ20 جنيه.. دلوقتي الـ100 بـ400 جنيه".. قالها جميل نجيب، فيما يُغلف بعض أعواد النخيل في كيس مُلون.
لم يتخلّف نجيب عن البيع منذ 30 عاما "البياعين من البلاد ييجوا ويمشوا وانا هنا موجود". يمتلك الرجل الأربعيني مقهى بنفس المنطقة، ضيق الظروف المادية أو الانشغال لا يؤخرانه عن موعد العيد، إذ يتمنّى فقط أخذ البركة.
في ذلك الشارع يعرف الجميع أماكنهم، لا يضايقهم المارّة، أو يعترض الأمن على وجودهم "الأمور بتمشي بالود والاتفاق" كما يقول عبد الناصر ناجح.
اتكئ ناجح على أحد السيارات، انشغل صديقاه في تناول طعام الغذاء، قبل العودة للعمل مرة أخرى، إذ لا منزل لهم ليعودوا إليه "احنا من سوهاج وبايتين في الشارع بقالنا كام يوم".. ينتظر الرفاق قدوم غدا بفارغ الصبر كي يعودوا لمنازلهم وأبنائهم.
أحضر الأربعة رجال أكثر من 7000 آلاف فرع من الصعيد "عشان بناخدهم نقلة واحدة على العربية". يكظم ناجح غيظه موضحا "المشوار بقى بيوصل لألف جنيه"، يُفنّد الرجل الأربعيني تكلفة السعف منذ قطعه "العامل اللي بيطلع النخلة بياخد جنيه على الفرع وصاحب الأرض بياخد جنيه غير حساب النقل.. وكدة هنلاقي إن السعفة الواحدة بتتكلف تقريبا 3 جنيه"، بينما يبيعها هو بخمسة جنيهات كحد أدنى "بس أحيانا لما حد ييجي معهوش بنديله.. منحبش نزعّل حد في العيد".
فيديو قد يعجبك: