لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عادل والعدوى وباب النجار

دكتور خالد أمين

عادل والعدوى وباب النجار

11:38 ص الإثنين 02 مارس 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – دكتور خالد أمين:

لم أكد اصل للبيت بعد يوم عمل طويل حتي أتاني اتصال من رقم غريب ، لم أكن أنوي الرد ولكني أجبت بعد الحاح المتصل ، كان اتصال من والد عادل صديقي يخبرني أن عادل محجوز بالمستشفى وحالته متأخرة، ذهبت إلي المستشفى مسرعا ولكني لم أستطع دخول غرفته ورؤيته ، جلست أمام غرفته وأغمضت عيني مستعيدا ذكرياتنا معا .

كنت قد تعرفت بعادل في سنة الامتياز رغم أنه أكبر مني سنا ولكنه كان قد تأخر قليلا بالدراسة ، كان عادل خلوقا ومهذبا ومتفانيا في عمله لأقصي حد حتي أني كنت أندهش من تأخره الدراسي ولكني لم أسأله يوما عن السبب ، في ليلة ما وجدت تليفوني لا ينقطع رنينه ولما اجبت وجدت من يخبرني أن عادل غارقا في قيء دموي بسكن الأطباء فذهبت إليه مسرعا، وبعد عمل الإسعافات والفحوصات تبين أن عادل مصاب بالالتهاب الكبدي الفيروسي C ، والذي كان علي علم به ولكنه لم يبالي حتي اليوم، بعد أن أصيب بالعدوي جراء تعامله مع إحدى المريضات باستقبال مستشفى باب الشعرية الجامعي.

من بين 30% من الفريق الطبي الذين يصابون بالعدوي من العمل بالمستشفيات كان عادل ومن بين 10% تتدهور حالتهم وينشط الفيروس بجسدهم بشكل سريع جدا .

عادل صاحب ال27 ربيعا يواجه الآن ما يواجهه عادة من هم في ضعف عمره من تليف كبدي وأعراض فشل كبدي وتدهور حالته النفسية واكتئابه والذي كان يحاول ان يخفيه دوما ولكنه يفشل خاصة أمامي.

تغيرت كثيرا ملامح عادل واختفت ضحكته الجميلة وحلت عنها ضحكه خافته ووجه شاحب وعيون زائغه تفكر في مستقبل لا تعلم ما يحمله لها من مآسي .
بدأ عادل رحله طويله من العلاج والتي كنت رفيقا له في معظمها والتي كانت أصعب أيام حياتي أنا فكيف به هو ؟؟.

أنا لا أسرد قصة عادل فقط بل أسرد قصة الأف من أعضاء الفريق الطبي الذين يتعرضون للعدوي في كل لحظه يتعاملون فيها مع مريض.. أنا أسرد قصة من تضيعهم الدوله بتقصيرها الشديد في توفير بيئات عمل ملائمه لهم وتقصيرها في إجراءات مكافحة العدوي بل وتقصيرها في علاجهم حين اصابتهم.

الدولة وحكوماتها المتعاقبة خالفت كل الأعراف ومبادئ المنطق حين اعتبرت(ضمنيا) أن الطبيب هو أقل الفئات المعرضة للعدوي وقررت 19 جنيها بدلا للعدوي لمن يتعامل مع مرضي الفيروسات والبكتيريا والأمراض المزمنة كالكبد والإيدز وكل الاوبئة والأمراض المعدية في حين أن بدل العدوي هذا يكون بالمئات للعاملين بالبنوك وبالآلاف للعاملين ببعض الجهات القضائية الذين يتعاملون مع أصحاء في أجواء فندقيه مقارنة بالمستشفيات.

لا توجد إحصائيات رسميه للمصابين من الفريق الطبي من خلال عملهم، وهذا يعكس عدم اهتمام الجهات المعنية بقضية هؤلاء، ولكن مؤكد أن الرقم مرعب وكارثي في أحسن الاحوال فأكثر من 30% من الفريق الطبي يتعرضون للعدوي بالمستشفيات ويعملون كمراكز نقل للعدوي للمرضي انفسهم.

بعض التقديرات تتحدث عن 15 الف طبيب مصاب بفيروس C وأكثر من 300 ممرضة بنفس الفيروس، وحوالي 100 طبيب مصاب بفيروس HIV المسبب للإيدز والاف من الاطباء يلتقطون عدوي الجهاز التنفسي والامراض الجلدية المعدية وغيرها.

أرجوك أن تتذكر تلك السطور وأنت خائف وتضع منديلا علي فمك وتفتح شباكا بجوارك خوفا من التقاط العدوى من جارك المصاب بالأنفلونزا بالميكروباص ، كما أرجو من المسؤولين والجهات المعنية إحياء ضميرهم وتفعيل سياسات حقيقية لمكافحة العدوى وعمل فحوصات دورية للفريق الطبي وعلاج المصابين منهم وإقرار بدل عدوي وعلاج سريع للمصابين منهم.

الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن موقع مصراوي

1

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان