الترشح لجائزة "إيمي" الأولى.. والسبب "تشرنوبل"
يتذكر "سايمون سميث" انطباعه الأول حينما قرأ سيناريو مسلسل تشرنوبل، كيف اقشعر بدنه وأخذته التفاصيل 33 عامًا لوقت حدوث الكارثة، أدرك المونتير البريطاني أن العمل الذي بيده عظيم، ما يستلزم المزيد الجُهد منه حتى يخرج للنور.
صدفة جمعت سميث قبل عام بفريق عمل مسلسل تشرنوبل "كان المونتير الأساسي الذي يعمل مع المخرج جوهان رينك غير متاح، فوقع الاختيار عليّ"، يحكي لمصراوي، لم يقع الاختيار سريعًا "مررت بمقابلة شخصية مطولة مع المخرج وراجعوا أعمالي السابقة ثم تم اختياري".
على مدار خمسة أشهر تم تصوير مسلسل تشرنوبل، المُرشح لتسعة عشر جائزة إيمي ذلك العام في مجالات مختلفة، انتقل فريق العمل بين ليتوانيا وأوكرانيا للتصوير، فيما بقي "سميث" في لندن يتعامل معهم، حيث قام بالعمل مونتيرًا للحلقة الثانية، الرابعة، وشارك في الحلقة الأخيرة "عملت لمدة 32 أسبوعا متواصلة.. تعاونت مع المخرج والمساعدين من خلال إرسال المقاطع لي بإنترنت فائق السرعة للعمل عليها.. فيما كان يساعدني فريق مونتاج".
كان الأمر أشبه بماراثون "يطاردنا الوقت.. ولكن كان عليّ أن أقسّم الجهد ولا أحرق نفسي لأستطيع الوصول للهدف"، فيما على المستوى الفني يوقن سميث الذي يعمل منذ 10 أعوام في المجال، أن "تشرنوبل" كان الأصعب "بسبب التفاصيل المعقدة".
حكاية المسلسل وتداخل الأحداث لم يكن الأزمة فقط، ركّز فريق العمل منذ اليوم الأول على تكريم الذين حاولوا احتواء أزمة المفاعل، سواء العُمال ورجال الإطفاء أو العلماء، أرادوا إبراز دورهم في كل لحظة "سيرتهم تستحق أن تحيا كما استحقت الكارثة" حسبما يقول "سميث"، لكن ما ساعد المونتير الثلاثيني أنه درس الوقائع جيدًا قبل البدء "قرأت عدة كتب.. شاهدت الكثير من الأفلام الوثائقية، وتابعت الأفلام التي أنتجتها روسيا، كما تابعت أعمال المخرج السابقة".
لم يكن لدى "سميث" شك في نجاح المسلسل "أول ما فكّرت فيه أنني شخصيًا سأستمتع بمتابعته"، لكن ذلك النجاح الضخم لم يمر في حسبانه "أعتقد أن الوقت ورغبة الناس للمعرفة عن تشرنوبل خدمنا.. نحن محظوظون للغاية".
مع الوقت، لمس سميث تأثير الحلقات بشكل واسع؛ بدأ الأمر بتعليقات إيجابية كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بات الإعجاب أشبه بحمى اجتاحت الكثيرين حول العالم، بعضهم كتب أنه سيزور موقع الكارثة بعد رؤية المسلسل "أعتقد أن ذلك سببه ما يلمسه المسلسل من فضح الأنظمة التي تُهمل العلماء وتتمسك فقط بالكذب"، ثم تطور النجاح حين رُشح سميث نفسه لجائزة إيمي عن أفضل مونتاج لإحدى حلقات، غير أن ما أثلج صدره كان حدثًا بسيطًا في السويد.
بداخل هيئة الأمم المتحدة، تم عرض عدة أجزاء من المسلسل للتوعية بخطورة الأنشطة النووية، بالتعاون مع مؤسسة تشرنوبل للأطفال، المعنية منذ 1991 بالاهتمام بصحة الأطفال الموجودين في محيط منطقة الانفجار، لضمان تقليل أثر الانبعاثات الإشعاعية على حيواتهم والمستمرة إلى الآن.
لم يزر "سميث" تشرنوبل يومًا، لكنه وللحظ السعيد، شارك في نقل ما حدث هناك للبشر، يُشعره ذلك بالفخر، فرغم مشاركته في عدة أفلام ومسلسلات سابقًا منذ تخرجه عام 2006، فإن المسلسل الأخير شكّل نقلة له.