الخطيب في مدرجات جماهير التالتة شمال

كتبت: نهى خورشيد

لم تكن علاقة محمود الخطيب بمشجعين الأهلي عادية، كأي علاقة بين لاعب وجماهير نادييه، يمتعهم فقط بأهدافه الرائعة ويحتفل معهم داخل المستطيل الأخضر.

بل أصبح الخطيب فرداً داخل كل أسرة مشجع أهلاوي، يتواصل معهم وتربطهم به علاقة قوية لا تشبه العادية التي تحدث في كرة القدم، وأصبحوا يكنون له كامل الاحترام والتقدير، وهو ما أكده عم حربي أحد أقدم مشجعين القلعة الحمراء.

وقال حربي لمصراوي:"الخطيب يمثل لي لاعباً أسطورياً وكبيراً، وهو أسطورة مصر الأولى في كرة القدم وأسطورة الأهلي، إنه نجم لن يتكرر، ومن الصعب أن نجد لاعباً بمهاراته وفنياته وأخلاقه مرة أخرى".

وحكي موقفاً لن ينساه من بيبو:"في سبتمبر 2017، قبل انتخابات النادي الأهلي بشهرين، والتي كانت مقررة في شهر نوفمبر جمعنا واجب عزاء في جنازة صديقي حسين عفيفي، أحد كبار مشجعي النادي الأهلي ومصر، الجنازة كانت في مسجد السيدة نفيسة، وكان الخطيب حاضراً خصيصاً لتوديع عفيفي".

image-1

وأكمل :"صلينا معاً وكان الخطيب بجانبي في الصلاة. ذلك اليوم صادف وجود أكثر من 12 جنازة في المسجد، وكان من بينهم جنازة وزير سابق لا أذكر اسمه بالتحديد".

وتابع:"بطيبة قلبه، ظن الكابتن الخطيب أن الوزراء الحاضرين جاءوا خصيصاً لتقديم العزاء في حسين عفيفي، فسألني: (يا حربي، هل كل هؤلاء الناس جاءوا لحسين؟) فأجبته: (يا كابتن، الوزراء هنا لأجل جنازة الوزير)".

وواصل:"بعد الصلاة، سألني الكابتن الخطيب عن مكان دفن حسين ليؤكد لي أنه جاء خصيصاً لتقديم العزاء في صديقي، كان بإمكانه أن يظل مع الوزراء وفقاً للبروتوكول، لكنه فضّل أن يرافقنا إلى المقابر لدفن حسين".

في لافتة إنسانية قال:"بعد الدفن، طلب مني الخطيب أن أبلغ أهل حسين بأن النادي الأهلي سيتكفل بأي إجراءات لازمة، وأكد لي أنه مستعد لتقديم أي مساعدة، وأوصاني بالبقاء على تواصل معه لتلبية احتياجات أسرة عفيفي".

وعن علاقته الحالية ببيبو:"لا زلت أتواصل مع الخطيب حتى هذه اللحظة، عندما أراه في المدرجات، يسارع إلى تحيتي ويعانقني، ويسألني عن أحوالي: ألتقي به في العديد من واجبات العزاء، مثل عزاء نجل المهندس محمود طاهر، ووالد الكابتن إيهاب صالح، ووالد الكابتن خالد العوضي، الخطيب رجل محترم، وأكنّ له كل التقدير"

image-1
image-1

وأكد حربي أن الخطيب كان أمهر لاعبي جيله قائلاً:"ولن يتكرر هو أسطورة عالمية وقد تفوق على بيليه، ويضاهي ميسي، ورونالدو، ومارادونا، وبشهادة لاعبين كبار مثل حسن شحاتة، وفاروق جعفر، وطه بصري، وحلمي طولان، كانوا جميعاً يشاهدون الخطيب وهو يلعب ويعترفون بأنهم يتوقفون لمشاهدته على أرض الملعب".

كما تحدث عم حربي عن المباريات التي شاهدها للخطيب:"كلها كانت تجربة كروية ممتعة بحق، لم يكن هناك أي ملعب في محافظات مصر لم يسجل عليه الخطيب هدفاً؛ فقد سجل في المحلة، المنصورة، الإسماعيلية، الإسكندرية، أسوان، المنيا، وكل ملاعب مصر، هذا بالنسبة لأهدافه".

وأضاف :"تابعت الخطيب منذ بدايات مسيرته الكروية حتى المباراة النهائية التي ختم بها مشواره في الملاعب المصرية. كانت مباراة اعتزاله ضد الهلال السوداني عام 1987، ضمن بطولة دوري أبطال إفريقيا، وقضى 25 دقيقة أذهل خلالها العالم بلمساته، المباراة كانت بمثابة تحفة فنية".

وأكمل:"عمر الخطيب مع النادي الأهلي يتجاوز 53 عاماً، بدأها منذ أن انضم للنادي في موسم 1971-1972 عندما كان عمره 17 سنة، واحدة من أشهر مبارياته كانت تلك التي انتهت بفوز الأهلي 7-1 على ناشئي الزمالك، وهذه المباراة كانت بداية معرفة الناس بمن هو الخطيب".

image-1

وواصل:"أول مباراة دولية لعبها الخطيب كانت ضد منتخب رواندا، وسجّل خلالها هدفين، وأتذكر أيضاً كيف تم استقباله في الأهلي عندما جاء من نادي النصر، حيث كانت هناك محاولات لنقله إلى الإسماعيلي، لكن الأهلي كان الأسبق في التعاقد معه".

واختار عم حربي أحلى مباراة قدّمها الخطيب في مسيرته قائلا:" كانت أمام فريق مونشنغلادباخ الألماني، رغم أنه غيّر رقم قميصه في تلك المباراة وارتدى الرقم 6 بعد أن تبادل القمصان مع الكابتن صفوت عبد الحليم".

وأضاف:"المدرب الألماني للزمالك حينها، بابي "بوركهارد بيب"، قال للاعبيه: (أمسكوا رقم 10، فهو كل شيء في الأهلي)، لكنهم تفاجأوا حينما اكتشفوا في الشوط الثاني أن الخطيب لم يكن يرتدي الرقم 10، رغم ذلك، تعرّض الخطيب للضرب بشكل مستمر من لاعبي مونشنغلادباخ، الذين كانوا يحاولون إيقافه، حتى أن أحدهم كان أسطورة عالمية في مركز الظهير الأيمن، اسمه فوجس".

أردف:"ومع ذلك، انتهت المباراة بالتعادل 2-2، وسجّل الأهلي هدفين برأسيتي أحمد عبد الباقي وأنور سلامة، حيث جاء هدف سلامة من تمريرة حاسمة من الخطيب".

ووجه له رسالة :"أدعو الله أن يمنّ عليه بالشفاء، وأن يطيل في عمره من أجل أولاده ومن أجل النادي الأهلي، إذا استمر في منصب رئاسة النادي، فسيظل الرجل المناسب، وإن لم يستمر، سيكون هذا المنصب من نصيب كبار رجال الأهلي مثل الكابتن حسن حمدي أو محمود طاهر".

وعن أشهر هتاف يحبه الكابتن الخطيب من المشجعين: "فاتك نص عمرك يا اللي ما شوفت بيبو، أو شوفت لمسة منه أو حتى جول يجيبه".

وعن الصعوبات وقصة مرضه قال:"الخطيب مر بمراحل صعبة جداً خلال مسيرته الكروية، تعرض لإصابة في دماغه، وإصابة في الترقوة، وإصابات في رجله، لا توجد منطقة في جسده لم تتعرض للإصابة، وكل ذلك بسبب حبه العميق للنادي الأهلي وتفانيه في خدمته".

وأضاف:"من يومها، والخطيب قدم كل شيء من أجل النادي، رغم تعرضه للعديد من الإصابات الخطيرة، ومنها إصابة تسببت بها لعبة خشنة من نجم الاتحاد السكندري بوبو الذي أصابه بكسر في أربعة ضلوع، وإصابة أخرى كسرت عظمة ساقه خلال مباراة بين مصر والسودان في كأس أمم إفريقيا".

وأكمل:"التعب الذي يعاني منه الآن هو نتيجة لتلك الإصابات المتكررة. لقد كان الجهاز الطبي يمنحه مادة الكورتيزون المسكنة حتى يتمكن من اللعب، حتى عندما كان مصاباً، وهذا ما أثر على حالته الصحية حالياً".

وتابع:"لا توجد كلمات يمكن أن تصف إخلاص الكابتن محمود الخطيب للنادي الأهلي، حبه وولائه للقلعة الحمراء لا يمكن قياسه، كم مرة نزل إلى أرض الملعب وغيّر نتائج المباريات لصالح الأحمر".

فيما حكي أيضاً موقف مؤثر في حياة الخطيب:"في عام 1974، توفيت والدة الكابتن محمود الخطيب، وكان الأهلي لديه مباراة أمام فريق دمياط في دمياط، المدرب مستر هيديكوتي أخذ الخطيب مع فؤاد شعبان والجهاز الفني إلى الملعب بهدف مساعدته على تجاوز حالة الحزن التي كان يمر بها".

وأشار إلى أنه خلال المباراة، سجل دمياط هدفاً عن طريق لاعب يُدعى ريحان، فاشتد الموقف على المدرب، تحدث مستر هيديكوتي مع الخطيب، ورغم أن الحديث كان يحمل بعض الحرج نظراً لظروف الخطيب، سأله المدرب إذا كان مستعداً للنزول إلى الملعب".

وعن موقف بيبو من طلب المدرب،:"الخطيب لم يرفض، ونزل إلى أرض الملعب وقلب النتيجة لصالح الأهلي، حيث انتهت المباراة 2-1 لصالحنا، من سجل الأهداف حينها كان الكابتن محمود عبد الحي ورجب عبد المنعم".

وأتم حديثه قائلاً :"تلك المباراة كانت الأولى التي يتلقى فيها الأهلي هدفاً بعد سلسلة من عشر مباريات متتالية دون استقبال أي أهداف، حتى أن الشبكة كانت تُلقب حينها بـ"الشبكة العذراء" ".

ولم يكن عم حربي الوحيد الذي جمعته مواقف مع محمود الخطيب، فمن ضمن مشجعي الأهلي، المشاهير أيضاً وله ذكريات مع "بيبو" مصطفي الجينيس، ليحكي:"عندما وقعت أحداث بورسعيد، لم يكن الخطيب في القاهرة، لكن بعد مرور فترة قصيرة على الذكرى السنوية لتلك الأحداث، عاد الخطيب من ألمانيا بعد إجراء عملية جراحية".

image-1

وأكمل:"منذ اللحظة التي دخلنا فيها النادي وحتى خروجنا، لم يتركنا لحظة واحدة، كان دائمًا معنا، ابني كان من ضمن الـ72 شهيدًا".

وتحدث عن أسطورة بيبو:"الخطيب يُعتبر رمزًا لجيلنا، نحن أحببنا كرة القدم بسببه، لو كان موجودًا في هذا العصر، لكان بالإمكان مقارنته بميسي وكريستيانو، فهو يمتلك مهارات فائقة".

وأكمل:"الخطيب كان ضمن مجموعة متميزة من اللاعبين المهرة، ولكنه كان أيقونتهم جميعًا، وإذا قمنا بحساب فترة وجوده سواء كلاعب أو كإداري أو كرئيس للنادي، نجد أنه لم يحقق أحد ما حققه من نجاحات".

وواصل:" كل النجاحات التي حققها النادي الأهلي، كان الخطيب جزءًا منها، سواء كان لاعبًا أو إداريًا أو رئيسًا، لا يوجد أحد في الساحة الرياضية يمكنه أن يشغل مكانه".

image-1

وأكمل:"لا يمكن للمستثمرين أن يديروا النادي الأهلي، لأن الأهلي ليس ملكًا للنادي، بل هو ملك لجماهيره ومحبيه".

رسالتي له: نور، ابنة الخطيب، قالتها: "ربنا يطولنا في عمره".

خارج القاهرة، هنا الكثير من عشاق بيبو، وتحدث منهم عادل هيبة مدير التعاقدات بالنادي الأوليمبي السكندري:"الخطيب لاعب مهاري بلا شك، ولكنه كان محاطًا دائمًا بالدعم والمساندة من الآخرين، ورغم ذلك، يتميز بمهاراته الفردية، وبتوفيق من الله، حقق نجاحات كبيرة، إذا قارناه بعبد العزيز عبد الشافي، فقد كان الأخير أكثر براعة في النادي الأهلي وكان يمتاز بقدرته الفائقة على مراوغة الخصوم".

وعن سبب حب الجماهير له قال:" الخطيب يتمتع بنعمة خاصة، فقد وهبه الله حب الجماهير، هناك بعض الأشخاص الذين يمنحهم الله القبول بين الناس بشكل فطري".

القصة التالية: أصدقاء بيبو بالفانلة البيضاء