تمتد الأيادي تحت الركام، لتشدّ يد أدهم الصفدي ثم زوجته الحامل وأطفاله، من أسفل جدران كانت تحميهم قبل دقائق.. فقد قُصف بيتهم الواقع شمال قطاع غزة دون سابق إنذار، ليبقوا تحت حطامه لمدة نصف ساعة.
بعدها، يخرج الرجل وأسرته واجمين، لا ينطقون كلمة، والتراب يغطي وجوههم وأجسادهم.
أدهم، رجل ثلاثيني، يعمل سائقاً ويكسب رزقه باليوم. يعيش مع زوجته وأربعة أطفال وينتظر قدوم طفله الخامس.
يسكنون منزلا صغيرا، جدرانه من الحجر وسقفه من صفائح "الزينكو"، في حي الأمريكية بمدينة بيت لاهيا، الحي الفقير شبه العشوائي، الذي نزح إليه آباؤهم وأجدادهم عقب نكبة 1948 وقيام دولة إسرائيل.
يقف أدهم مذهولا في تلك اللحظة، خلفه بيته المهدوم، وحوله أرض خَربة تفوح منها رائحة الموت؛ إذ قُتل فيها أكثر من 14 ألف فلسطيني منذ بدء الحرب.. نجا أدهم وأسرته من هذا المصير، لكنهم صاروا في تعداد النازحين، الذين تخطوا المليون شخص.
لم يخرج الرجل وأسرته من تحت الأنقاض سوى بحياتهم. لم يأخذ مالا ولا أغراضا ولا أوراقا.. وكان عليهم التحرك سريعًا إلى ملجأ آمن.
أنت في مكانه الآن، وعليك أنت تتصرف وتنقذ أسرته وسط قصف يلاحقهم، وفي مدينة صغيرة، مُحاصرة، "لم يعد بها مكان آمن" بوصف الأمم المتحدة.