في زاوية معرشة بالأخشاب، داخل مساحة شاسعة من الأراضي الزراعية، جلست 4 نساء إلى جوار موقد بدائي من الطوب اللبن، يزلن "الردة" - أي زوائد الدقيق - من على الخبز الذي أتممن إعداده للتو
بدأ المزارعون في استصلاح الأراضي الزراعية في هذه الظروف، وبعد عام كامل خصصت شركة الكهرباء المصرية ماكينتي ديزل لتوليد كهرباء للواحة بأكملها، كانت تعمل كل منهما لمدة 6 ساعات فقط فيتوارى وجه أم الهنا، السيدة الخمسينية، خلف وشاح أبيض، وهي تبوح عن شكل الحياة في الفرافرة قبل عقود "لم يكن هناك كهرباء.. كنا نعيش على موقد الجاز، ولا يوجد مواصلات.. كان والدي يسافر على الجمال.. ولا يوجد تعليم، وكنا نضطر أن نسافر لندرس في مدارس بالواحات الداخلة والخارجة".
ورغم تشبث النساء الأربعة بعادات جداتهن القديمة، فقد استفدن من ذلك التطور أيضًا.. فمع توفر الكهرباء، وانتشار ثقافة الطاقة الشمسية: "حصلنا على ثلاجات، جعلتنا نستطيع تخزين الخبز، فلم نعد في حاجة للخبيز 3 مرات أسبوعيًا، وأصبحنا نكتفي بالخبيز مرة واحدة فقط كل أسبوع بكميات كبيرة، والاحتفاظ بالخبز داخل المبردات".
على مكتب خشبي داخل ورشة الخراطة الخاصة به، جلس عبد الستار محمد بجسده البدين، وسط قطع الحديد والأسلاك، يروي قصته منذ أن غادر مسقط رأسه محافظة كفر الشيخ بدلتا مصر، قاصدًا الفرافرة منذ 27 عامًا، بعد أن عاد من رحلة عمل في الخليج "كانت الفرافرة وقتها بلدة جديدة، تحتاج إلى مشروعات: "فقررت أن آتي وأبدأ بمحل خراطة صغير في وسط البلد".
كانت ورشة عبدالستار أول ورشة تُقام داخل المدينة الصناعية بالفرافرة، وقتها كان يعاني من انقطاع الكهرباء، ولكن كان لا يدفع أكثر من 200 جنيه شهريًا ثمنًا لها، أما الآن وبعد إنشاء محطة الطاقة الشمسية، لا تغيب الكهرباء عن ورشة عبد الستار، و40 ورشة أخرى داخل المدينة الصناعية، لكنها تكلفه مبالغ باهظة، تصل إلى ثلاثة آلاف جنيه شهريًا، ومع تصاعد المنافسة وغلاء الحياة يقول عبدالستار "أصبح المكسب قليلًا، ولكن هدفي ليس فقط المكسب.. هدفي الاستقرار وسهولة الحياة".
بعد أعوام من العمل في محطات الطاقة الشمسية الحكومية بالفرافرة، فضل المهندس الثلاثيني الشاب رضا محمد مصطفى بدأ مشروعه الخاص في نفس المجال.
بدأت الفكرة من أرض الفرافرة شديدة الخصوبة، التي تُروى على مدار السنوات عبر آبار المياه الجوفية الحلوة، لكنها مع زيادة الاستهلاك ومرور الزمن بدأت في الانخفاض، فبدأ المزارعون في سحبها عبر مواتير كهرباء تعمل بالديزل، تكلفهم الكثير، من حيث الوقود وعمليات الصيانة.
وفي المقابل، توفر لهم محطات الطاقة الشمسية التي يتولى رضا استيرادها وتركيبها، 10 ساعات من سحب المياه، بدون استخدام وقود أو أعطال، وبالتقسيط على 6 أشهر، مع 25 عاما من الضمان والصيانة المجانية.
مسن يستلقي على سرير خشبي بسيط، لا يقوى على الحركة في درجة حرارة تقترب على الأربعين، من دون مكيف هواء أو حتى مروحة أو ثلاجة.
هكذا يقضي عطية محمد حياته، بعد أن جاء إلى عين التنين منذ أكثر من ستين عامًا، وقام ببناء أول بيت في القرية "جئت إلى هنا في شبابي حتى أستطيع أن أمتلك أرضًا زراعية، وأرويها عبر العين الرومانية.. لكنها جفت بعد عام".
تعمل وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بالترويج للاستثمار في قطاع الطاقة لما له من أهمية، وهو ركيزة أساسية لإحداث التنمية الشاملة فى كل المجتمعات، وشريان التنمية في شتى مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية؛ فالطاقة الأحفورية المهددة بالنضوب خلال 100 عام على الأكثر، يقابلها طلب متزايد على الطاقة النظيفة عالمياً.
الدكتور محمد الخياط
رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة