الحصار خطف وليدها

عاشت "فادية" -اسم مستعار- صاحبة الـ28 عامًا منذ طفولتها في ريف تعز، كان الوضع صعبًا في قريتها الصغيرة، إمكانيات معيشية بسيطة وظروف صحية قاسية، حتى جاءت الحرب وفرض الحصار فتدهور الحال عن سابقيه.

"كان عندي ولادة متعسرة وكنت هموت في الطريق" قبل نحو عامين أثناء حمل السيدة في جنينها الثاني، بعدما رزقت قبل سنوات بطفلها الأول، ونتيجة ضعف الإمكانيات بالوحدة الصحية المتواجدة بقريتها، طلب الأطباء منها الذهاب إلى مدينة تعز لوضع مولودها خاصة وأنّها كانت على وشك الولادة.

نتيجة الحصار أصبح الذهاب إلى المدينة صعبًا، وحالة السيدة الصحية لن تسمح بمرورها في الطرق الجبلية الوعرة والتي باتت هي السبيل الوحيد أمامهم للتوجه نحو تعز، لكن لم يكن أمامها وزوجها خيار آخر، استقلت السيدة وزوجها سيارة وتوجّها من الطريق الجبلي، وبعد مرور نحو ساعتين اشتد الألم على "فادية" وظهر جزء من جسد جنينها.

وضعت السيدة رضيعها في منتصف الطريق، لكن حالة الطفل كانت بالغة الصعوبة ويحتاج إلى رعاية صحية لكن لا تزال المدينة تبعد مسافة كبيرة، لم يتحمل الصغير، وفاضت روحه إلى خالقها بعد لحظات من الولادة، بينما تعرضت الأم لنزيف حاد وأصيبت بـ"تسمم حمل" كادت تفقد حياتها بسببه.

"وصلت للمستشفى بحالة خطيرة والأطباء قالوا إنها كان ممكن تموت بالطريق". أجرت السيدة عملية جراحية، ومكثت لنحو شهرين بالمدينة، ونظرًا لعدم وجود مسكن لها في تعز، ومن الصعب الذهاب إلى مسكنها بالريف والعودة، لذا قرر زوجها البحث عن عمل من أجل توفير مصاريف المستشفى وأيضًا استئجار غرفة بأحد الفنادق "الرخيصة" للإقامة بها.

التكاليف شكلت عبئًا كبيرًا على الزوج وظروف المدينة كانت تقف حائلًا أمامه في توفيرها أحيانًا، حتى سخَّر الله للزوجين فاعل خير تحمل ما تبقى من التكاليف حتى تماثلت السيدة للشفاء، وعادت إلى قريتها بعد نحو شهرين، لكن دون رضيعها الذي خلفته في قبره خلفها لتقتله الحرب بعد دقائق فقط من الحياة.

القصة التالية