الرحمة النبوية في العلاقة الأسرية
مع الزوجة :
جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حسن معاملة وعشرة الزوجة معيارا من معايير خيرية الرجال، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) .. [رواه الترمذي] .
وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع زوجاته يُكرِم ولا يهين، يُوجِّه وينصح، لا يعنِّف ويَجْرَح، عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: ( ما ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ).. [رواه مسلم].
وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قُدِّم له طعام إن اشتهاه أكله وإلا تركه، وما عاب طعامًا قط، وكان يخدم نفسه، ويُعين أهله ويساعدهم في أمورهم، ويكون في حاجاتهم، كما تقول أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ: ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أَحَدُكُمْ في بيته ) .
وأمر ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالرفق عامة وبالنساء خاصة، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ما كان الرفق في شيء إلا زَانَه، ولا نزع من شيء إلا شانه )، وقال: ( إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يُعطي على ما سواه ).. [رواه مسلم].
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان في سفر، وكان غلام يَحْدُو بِهِنَّ يُقَالُ لهُ: أنجشة، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ، سَوْقَكَ بِالقوارير(النساء)).. [رواه البخاري].
قال قَتادة : " يعني ضَعَفة النساء " .
وقال النووي: " ومعناه: الأمر بالرفق بهن .. أي: ارفق في سوقك بالقوارير، قال العلماء: سمَّى النساء قوارير، لضعف عزائمهن، تشبيهًا بقارورة الزجاج لضعفها، وإسراع الانكسار إليها " .
ومن لطفه وحسن عشرته بزوجته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كان يشرب من موضع شربها، ويثني عليها، ويصرح بحبه لها، ويخرج معها، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ( كنت أشرب فأناوله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيضع فاه على موضع فيّ, وأتعرق العرق فيضع فاه على موضع فيّ ).. [رواه مسلم]، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( انك لن تنفق نفقة الا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى فِّي امرأتك ).. [رواه البخاري].
ويثني على عائشة ـ رضي الله عنها ـ فيقول ـ : ( إن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ).. [رواه مسلم] ، ويقول عن خديجة ـ رضي الله عنها ـ: ( إنى رُزِقتُ حُبها ) رواه مسلم، وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا كان بالليل سار مع عائشة ـ رضي الله عنها ـ يتحدث معها .
لقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - أُمَّته إلى ما تنبغي أن تكون عليه حسن العشرة الزوجية بقوله وفعله، والثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب أحاديث ومواقف كثيرة .
قال ابن كثير: " وكان من أخلاق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقة، ويضاحك نساءه .. إلى أن قال: " وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يجمع نساءه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها فيأكل معهن العَشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد .. وكان إذا صلى العِشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلا قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد قال الله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }.. [الأحزاب:21].
فيديو قد يعجبك:
اعلان
باقى المحتوى
باقى المحتوى
إعلان