في ذكرى ميلاده.. قاسم أمين لم يطالب بخلع الحجاب وهذه آراؤه في عمل المرأة
كتبت – آمال سامي:
تحل اليوم ذكرى ميلاد قاسم أمين، في أول سبتمبر عام 1863م، الكاتب والأديب والمفكر، والذي أثير حوله الكثير من الجدل من كافة الأطياف، وقد تناول الدكتور محمد عمارة، المفكر الإسلامي الراحل، أفكاره في عدة كتب، أبرزها: " قاسم أمين: تحرير المرأة والتمدن الإسلامي"، فيقول عمارة: "على عظم الضجة وضخامة الرفض اللذين قوبلت بهما صيحات قاسم أمين، فإن مطالب الرجل كانت متواضعة بل شديدة التواضع، إذا ما قيست بما يجب لتحرير المرأة حقًا"، فهكذا يرى الدكتور محمد عمارة الإصلاحات والتحرير اللذين طالب بهما قاسم أمين، ويرد بشكل واضح على ما اتهم به قاسم أمين أو ما ادعي عليه بمطالبته بخلع الحجاب، وكذلك بيان لموقفه الواضح من قضية عمل المرأة وموقفه منها..
لم يطالب بالسفور والاختلاط.. وهذا رأيه في تعليم المرأة
يقول الدكتور محمد عمارة إن أمين لم يطلب حتى أن تتساوى المرأة مع الرجل في جميع مراحل التعليم، ولكن طلب فقط المساواة بينهما في التعليم الأبتدائي، فقال أمين: "لست ممن يطالب المساواة بين المرأة والرجل في التعليم فذلك غير ضروري، وإنما أطلب الآن ولا أتردد في الطلب أن توجد هذه المساواة في التعليم الابتدائي على الأقل، وأن يعتنى بتعليمهن إلى هذا الحد مثل ما يعتنى بتعليم البنين"، وكان أمين يرى أن التعليم الذي يتلقاه في عصره البنات غير كاف، بل كان فقط كي تظل المرأة فيه "متعة أكثر جودة".
أما في الحجاب فلم يطالب قاسم آمين بسفور المراة على النحو الذي أشيع عنه فيما بعد، وكذلك لم يبح لها الخلوة مع الرجل وإنما طالب فقط بكسر أسوار عزلة المرأة عن المجتمع وتحريرها من الحجاب المعوق لها عن العمل وممنارسة وظائفها العامة والطبيعية والضرورية، وطالب بالوقوف بالحجاب عند ما هو شرعي منه وفق آراء الفقهاء، ونادى بالاختلاط الذي تحتمه ضروريات العمل ومقتضيات الحياة فقط، فيقول "إنني لا أزال أدافع عن الحجاب وأعتبره أصلًا من أصول الآداب التي يلزم التمسك بها، غير أنني أطلب أن يكون منطبقًا على ما جاء في الشريعة الإسلامية، وهو على ما في تلك الشريعة يخالف ما تعارفه الناس عندنا، لما عرض عليهم من حب المغالاة في الاحتياط"، وكان الحجاب الشرعي عن قاسم أمين هو كشف المرأة وجهها وكفيها عند كل الفقهاء، وأجزاء أخرى حسب آخرين.
موقف قاسم أمين من عمل المرأة
يقول الدكتور محمد عمارة إن موقف قاسم أمين تجاه عمل المرأة تدرج في ثلاث مراحل، أولها مرحلة كتابه "المصريون" عام 1894م، إذ طالب فيه بتعليم المرأة ولكنه طالب أن تظل أيضًا في المنزل وأنتقد اشتغلها سواء بالوظائف العمومية أو بالأعمال المدنية التي يقوم بها الرجال، ويبدو أن قاسم أمين كان هدفه من تعليم المرأة أن تتلقى من العلم ما يجعلها تلقن أبناءها مباديء الأخلاق والفضيلة وشرح علمي للأشياء المحيطة بهم، فيقول: "أنني لا أرى الفائدة التي يمكن أن تجنيها النساء بممارسة حرف الرجال، بينما أرى كل ما سوف يفقدنه، فإن هذه الحرف سوف تجرفهن عن المهام التي يبدو أنهن خلقن من أجلها، كما أن هذه الأعمال لن تجعلهن أكثر فائدة للمجتمع، ولن تزيد من سحرهن، بل على العكس من ذلك".
أما في المرحلة الثانية من تطوره الفكري، فقد طالب في كتاب تحرير المرأة عام 1899م، أن تمارس جميع الأعمال المدنية وشئونها الخاصة ولكنه ظل على موقفه الرافض من تولي المرأة الوظائف العمومية، وقال قاسم أمين أن المرأة المصرية مؤهلة لتجيد كل الأعمال المدنية التي تجيدها المرأة الغربية إذا تعلمت.
والغريب أنه على الرغم مما يشيع أن قاسم أمين طالب بتحرير المرأة مطلقًا، إلا أنه في آخر تطوراته الفكرية، وفي المرحلة الثالثة التي صنفها محمد عمارة إزاء آرائه في هذه القضية، ظل على موقفه السابق من قضية اشتغال المرأة بالأشغال العمومية والعمل السياسي ووظائفه العليا، ولكنه قدم تعليلًا لذلك وهو أنه نتيجة لنشأتها وما حرمت منه قرونًا طويلة مما أعاق دخولها لهذه الميادين، لكنه يؤكد أنه أمر مؤقت سيزول بزوال أسبابه، فيقول: "إني ما طلبت ولا أطلب المساواة بين المرأة والرجل في شيء من المزايا والحقوق السياسية، إلا لأني أعتقد أن الحجر على المرأة أن تتناول الأشغال العمومية حجرًا عامًا مؤبدًا، هو مبدأ لازم للنظام الاجتماعي،...،والمرأة المصرية ليست مستعدة اليوم لشيء مطلقًا، ويلزمها أن تقضي أعوامًا في تربية عقلها بالعلم والتجارب حتى تتهيأ إلى مسابقة الرجال في ميدان الحياة العمومية".
فيديو قد يعجبك: