في ذكرى استشهاد عزالدين القسام.. ماذا تعرف عن المجاهد السوري طالب الأزهر؟
كتبت – آمال سامي:
جولات كثيرة تلك التي خاضها الشيخ المجاهد عز الدين القسام، من مقاومة الاحتلال الفرنسي في سوريا، وقبله دعم الثورة الليبية ضد المحتل الإيطالي، ثم تكوينه "العصبة القسامية" في فلسطين لمقاومة الاحتلال الإنجليزي والغزو الصهيوني لها..
في بلدة جبلة، بجنوب اللاذقية بسوريا، ولد محمد عز الدين القسام عام 1882، اشتهر باسم عز الدين، في أسرة متدينة لها حظ كبير من العلم الشرعي ولها مكانة دينية كبيرة بين الناس، فمنها أقطاب الطريقة القادرية، وفي تلك الفترة كان للطرق الصوفية أنصار كثيرون، واشتهر آل القسام بالعلم والصلاح.
حفظ القرآن في صغره، وارتحل إلى طلب العلم من الأزهر الشريف بالقاهرة، وكان عمره حينها 14 عامًا، سنة 1896 م/ 1314 هـ، وفي تلك الفترة كان يُدرس بالأزهر شيوخه العظام مثل الشيخ محمد عبده، وغيره من علماء الأزهر الشريف، الذين تأثر بهم ولا شك القسام، كذلك في تلك الفترة كانت حركة النضال متقدة في مصر للغاية بعد فشل ثورة عرابي في مقاومة الاحتلال البريطاني.
عاد القسام إلى فلسطين وهو يدرك أن الاحتلال البريطاني هو عدوه الأول، وأن الثورة المسلحة هي السبيل الوحيد للتخلص من الحماية البريطانية على فلسطين ومنع قيام دولة صهيونية بها، وحين عاد لبلاده أول مرة عمل محفظًا للقرآن في كتاب والده، ثم إماما لمسجد المنصوري في جبلة، قاد أول مظاهرة في حياته مؤيدًا لليبيين في مقاومة الاحتلال الإيطالي، وكون مجموعة من 250 متطوع لمساندتهم في ثورتهم لكن الدولة العثمانية لم تسمح لهم بالذهاب لنقل التبرعات.
كانت ثورة جبل صهيون بسوريا ضد الاحتلال الفرنسي، نقطة فارقة في تاريخ عز الدين القسام، حيث قرر بيع بيته وترك قريته ليشارك عمر البيطار في ثورة جبل صهيون عام 1919 – 1920 ، وحكمت عليه سلطات الاحتلال الفرنسي حينها بالإعدام بحكم غيابي.
بعد فشل الثورة غادر القسام إلى فلسطين واستقر في حيفا تحديدًا بمسجد الحي القديم، ونشر القسام تعاليم الإسلام هناك بين أهل القرية بعدما لمس بينهم جهلًا بها، وذاعت شهرته في الدعوة بشمال فلسطين، تمهيدًا لدعوة أهلها للجهاد، وهنالك بدأ القسام في تكوين خلايا سرية من الأهالي لا تتجاوز الخمسة أفراد، وبدأت مرحلة الجهاد، وكان شعار عصبة القسام حينها "هذا جهاد...نصر أو استشهاد".
كيف كان يختار القسام رجاله؟
يقول الشيخ نمر السعدي عن العصبة القسامية: إن جمعيتنا سرية لا تقبل إلا من كان مؤمنا بالله مستعدا أن يموت في سبيل بلاده، فلم يكن يتاح لأحد العضوية في العصبة إلا بعد مدة من التجربة والمراقبة وقد تكون تلك التجربة من خلال عمل فدائي يقوم به الرجل في مقاومة الإنجليز واليهود.
بعد ثورة البراق في فلسطين عام 1929 م التف عدد كبير من الناس حول القسام، وأيضًا استغل القسام حماس من شاركوا فيها فضمهم إلى عُصبته، وبعد مضي ثلاث سنوات على تلك الثورة، عمل فيهما القسام بجهد في تكوين جماعته، انضم القسام عام 1932م إلى حزب الاستقلال في حيفا وجمع التبرعات من الأهالي لشراء الأسلحة لمقاومة المحتل. لكن لم يعلن القسام ثورته المسلحة إلا بعد ذلك بثلاث سنوات، عام 1935م، حيث قضى تلك الفترة في نشر دعوته بين قرى فلسطين وتحريض الأهالي ضد الاحتلال البريطاني، وبالفعل استجابت له أعداد كبيرة منهم، وكانت ثورته المسلحة نقطة تحول كبيرة في مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية.
في الخامس عشر من نوفمبر، اكتشفت القوات البريطانية أمر القسام، وعلى الرغم من تحصنه هو و15 فردًا من أتباعه بقرية الشيخ زايد، إلا أن القوات البريطانية استطاعت محاصرتهم ومطالبتهم بالاستسلام، وبالطبع لم يستسلم المجاهد عز الدين القسام، واشتبك هو ورفاقه مع تلك القوات، ودارت معركة غير متكافئة بين طرفين أحدهما قوي العدة والعتاد، والآخر أقل عددًا لكنه أكثر مقاومة، لكنها انتهت في النهاية باستشهاد القسام رحمه الله في العشرين من نوفمبر عام 1935م، وكان لوفاته الأثر الأكبر في قيام ثورة فلسطين الكبرى عام 1936م.
فيديو قد يعجبك: