لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من خطب د. علي جمعة: "لقد استهَنّا بعظيم"

05:22 م الجمعة 21 سبتمبر 2018

من خطب د. علي جمعة: "لقد استهَنّا بعظيم"

كتب - محمد قادوس:

أعاد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، نشر جزء من إحدى خطبه السابقة بمسجد محطة سكك حديد مصر، وفيما يلي نص ما جاء خطبته:

عباد الله، أمرنا رسول الله ﷺ، وأوصانا بمجموعة من الأخلاق، ومن الأحكام، من الأوامر والنواهي، أصر عليها، رَبَّى عليها أصحابه، فأطاعوه، ففازوا بالدنيا والآخرة.
وانتقل النبي ﷺ إلى الرفيق الأعلى -كشأن البشر- فَخَلَّفَ من بعده صحابته، زهدوا في الدنيا، وخرجوا ليملئوا العالم نورًا؛ بوصايا رسول الله ﷺ، وأحكامه، وأوامره، ونواهيه.
فاللهم صَلِّ وسلم عليه، وانفعنا به في الدنيا والآخرة.
مجموعة من الأخلاق، والأوامر، والنواهي، نحتاجها عند الأزمات، ونعرف قيمتها عند الشدائد، وكان ينبغي علينا أن نتخلق بها، وَأَلَّا نتركها، وأن نُرَبِّي عليها أبنائنا، كلكم تعلموها؛ ولكن: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55].
أمرنا رسول الله ﷺ بالصدق، وسأله الصحابي -فيما أخرجه مالك في «الموطأ»- : أيزني المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال: أيسرق المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال: أيكذب المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «لا».
لعل هذا قد اشتهى فدفعته شهوته، ولعل هذا قد احتاج، فنسي، واعتدى؛ ولكن يكذب: هذا أمر مستبعد مستهجن.
وعندما طبق الناس هذه النصيحة، وهذه الوصية، وهذا الحكم، عرفوا أنهم: لا يقعون في الزنا، ولا في السرقة، سبحان الله!
لأن الإنسان إذا جاءته أسباب المعصية، وكان صادقًا مع نفسه، صادقًا مع ربه، صادقًا مع الناس؛ فإنه يستحي، يستحي أن يرتكب المعصية.
وجاء رجلٌ يُسْلِمُ على يدي رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، أريد أن أدخل الإسلام؛ لكني لا أقدر على كذا من الفاحشة، والزنا.
فقال له: «عاهدني أَلَّا تكذب». ودخل الإسلام بهذا الشرط الفاسد.
ووضع الفقهاء بابًا في الفقه: الإسلام مع الشرط الفاسد.
دخل الإسلام، وتغاضينا عن هذه المعصية؛ إِلَّا أننا طالبناه بعدم الكذب.
فجاء إلى رسول الله ﷺ، وقد تعافى من هذا الذنب، وهذه المصيبة، وهذه المعصية، وقال: والله، يا رسول الله، كلما هممت بأن أفعل هذا: تذكرت أنك تسألني: هل فعلت هذا؟ وقد عاهدتك على الصدق، فأتركه؛ استحياءً من أن أصرح بهذا.
فالصدق سَبَّبَ نجاته، الصدق الذين نستهين به في كلامنا: أمرٌ عظيم، يحدث به الأمن المجتمعي، أمرٌ عظيم يحدث به الاستقامة في السياسة، يحدث به الرخاء في الاقتصاد، يحدث به الشفافية في الاجتماع.
الصدق: هو الذي سيمنعنا من شهادة الزور، ومن كتمان الشهادة.
الصدق: هو الذي ينجينا من المهالك.
وأخرج في «الزهد»: «الصدق منجاة؛ ولو ظننت فيه هلاكك، والكذب مهلكة؛ ولو ظننت فيه نجاتك».
وفي «إحياء علوم الدين» للإمام الغزالي، رضي الله تعالى عنه وأرضاه: أن خطيبًا كان يخطب الناس، فكان يخطبهم في الصدق؛ خطبةً بليغة، فجاء في الجمعة التي بعدها، وخطبهم نفس الخطبة في الصدق، وفي التي بعدها، والتي بعدها، حتى مَلَّ الناس، وقالوا له: هل لا تحفظ؛ إِلَّا هذه الخطبة في الصدق؟!
قال: وَهَلَّا تركتم الكذب، والدعوة إليه، حتى أدع أنا الدعوة إلى الصدق؟!
نعم، ندعو إلى الصدق، فلا يلتفت الناس، ويقول: هذا موضوعٌ قديم.
هذا موضوعٌ يَهُزُّ الإنسان، يغير حياته، يدخله في برنامجٍ نبويٍّ إلهيٍّ مستقيم، يجعله على الصراط المستقيم، تأتي له عرى الإسلام؛ عروةٌ، عروة، يعيش مع الله، في الطريق إلى الله...

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان