ماذا فعل عامر بن عبد الله بن الزبير وهو على فراش الموت؟
كتبت – سارة عبد الخالق:
"لقد كان على فراش الموت.. يعد أنفاس الحياة، وأهله حوله يبكون، فبينما هو يصارع الموت، سمع المؤذن ينادي لصلاة المغرب، ونفسه تحشرج في حلقه، وقد اشتد نزعه، وعظم كربه، فلما سمع النداء قال لمن حوله: خذوا بيدي..!!
قالوا: إلى أين: قال: إلى المسجد.. قالوا: وأنت على هذه الحال !! قال: سبحان الله..!! أسمع منادي الصلاة ولا أجيبه .. خذوا بيدي.. فحملوه بين رجلين.. فصلى ركعة مع الإمام.. ثم مات في سجوده".
هذا هو حاله وهو على فراش الموت ملبيا للنداء لم يتأخر أو يتكاسل إنه التابعي "عامر بن عبد الله بن الزبير"، ابن الصحابي الجليل "عبد الله بن الزبير".
وقد ذكر موقفه هذا وحرصه على الصلاة حتى وهو في النزع الأخير في أكثر من مرجع منها؛ فعن "مصعب بن عبد الله قال: سمع عامر بن عبد الله المؤذن وهو يجود بنفسه، ومنزله قريب من المسجد فقال: خذوا بيدي فقيل له: إنك عليل فقال : أسمع داعي الله فلا أجيبه؟ فأخذوا بيده فدخل في صلاة المغرب فركع مع الإمام ركعة ثم مات"، وفقا لما جاء في (صفة الصفوة) لابن الجوزي.
كان عامر بن عبد الله بن الزبير من رواة الحديث الشريف الثقات، قال الحافظ الذهبي عنه في كتابه (سير أعلام النبلاء): " مُجمع على ثقته"، وذكره ابن سعد في كتابه (الطبقات الكبرى) قائلا: "كان ثقة مأمونًا عابدًا".
وتحدث عنه الإمام أحمد بن حنبل قائلا: " ثقة من أوثق الناس"، فيما أثنى عليه العالم جمال الدين المزي بقوله: " كان عابدًا فاضلاً".
وقد عٌرف عن عامر بن عبد الله بن الزبير اجتهاده في العبادة والدعاء، فعن مالك قال: "ربما انصرف عامر من العتمة فيعرض له الدعاء فلا يزال يدعو إلى الفجر"، وفقا لما جاء في (سير أعلام النبلاء).
وعن مالك بن أنس قال: "كان عامر بن عبد الله بن الزبير يقف عند موضع الجنائز يدعو وعليه قطيفة، فربما سقطت عنه القطيفة وما يشعر بها".
وعن أبي مودود قال: "كان عامر بن عبد الله بن الزبير يتحين العباد وهم سجود: أبا حازم وصفوان بن سليم وسليمان بن شحم، وأشباههم فيأتيهم بالصرة فيها الدنانير والدراهم فيضعها عند نعالهم بحيث يحسون بها ولا يشعرون بمكانه، فيقال له: ما يمنعك أن ترسل بها إليهم؟ فيقول: أكره أن يتمعر – أي يتغير- وجه أحدهم إذا نظر إلى رسولي وإذا لقيني.
وعن عياش بن المغيرة قال: كان عامر بن عبد الله بن الزبير إذا شهد جنازة وقف على القبر فقال: ألا أراك ضيقا؟ ألا أراك دقعا ؟ ألا أراك مظلما ؟ إن سلمت لأتاهبن لك أهبتك. فأول شيء تراه عيناه من ماله يتقرب به إلى ربه وإن كان رقيقه ليتعرضون له عند انصرافه من الجنازة ليعتقهم.
فيديو قد يعجبك: