كيف تنظر مصر إلى انتخاب ميشال عون رئيسا للبنان؟
تقرير – محمد مكاوي:
تجاوزت لبنان أزمة الشغور الرئاسي الذي استمر عامين ونصف بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للبلاد، بعد أن حظي بدعم من الأطراف المحلية والإقليمية، فيما رحبت القاهرة بانتخاب عون رئيسا للبنان واعتبرته يمثل استقرارا لأمنها القومي من الجهة الشرقية الملتهبة بالقضية الفلسطينية والأزمة السورية.
انتخب عون، الاثنين، بـ86 صوتًا من الجولة الثانية التي أعيدت أربع مرات، ليدخل بهم إلى قصر بعبدا الرئاسي في جزء من صفقة سياسية من المتوقع أن يصبح بموجبها الزعيم السني سعد الحريري رئيسا للوزراء حسبما يقول متابعون.
وفشل عون في الفوز من الجولة الأولى بعد حصوله على 83 صوتا وهو أقل من النصاب القانوني (الثلثين + واحد) 86 صوتا، بعدما ترك 36 نائبا أوراقهم بيضاء الأولى بالإضافة إلى 6 أوراق أخرى ملغاة.
ولم يستطع مجلس النواب خلال 45 جلسة سابقة انتخاب رئيسا للبلاد لعدم اكتمال النصاب كان آخرها في 28 سبتمبر الماضي.
ويتمتع عون بخلفية عسكرية سياسية، إذ كان قائدًا للجيش اللبناني عام 1988، كما أنه ترأس الحكومة اللبنانية الانتقالية.
وأسس عون التيار الوطني الحر في 2005 عقب عودته من منفاه في فرنسا، وترشح للانتخابات النيابية اللبنانية فحصدت كتلته 20 مقعدا (أكبر كتلة مسيحية في مجلس النواب) من مجموع 128 مقعدا هم عدد مقاعد البرلمان اللبناني.
"القاهرة ترحب"
رحب نزيه النجاري، سفير مصر لدى لبنان، بانتخاب عون رئيساً للجمهورية اللبنانية ظهر اليوم، مؤكداً أن هذا التطور الهام تكتمل معه مجدداً بنية المؤسسات الدستورية اللبنانية بعد عامين ونصف العام من الشغور في منصب رئيس الجمهورية.
وقال النجاري في تصريحات له، الاثنين إن "الرئيس من شأنه أن يحمي لبنان من المخاطر والتداعيات المُحتملة عليه من وراء استمرار الفراغ في المنصب الرسمي الأول في هذا البلد العربي الشقيق والذي تربطه بمصر علاقات وأواصر اعتزاز تاريخية.
وكان السفير المصري قد التقى عون خلال قبل ثلاثة أيام، بحسب صحيفة الديار اللبنانية.
النجاري قال – بحسب الصحيفة - " أكدنا للعماد ميشال عون اهتمامنا بأن يظل لبنان بلد العروبة والتعددية السياسية والتنوع الثقافي الذي نعتز به كثيرا بحكمة المشاركة والتوافق والتفاهم الذي يراعي مصالح القوى السياسية المختلفة دون اقصاء لأي طرف وهو ما اكده لي بطبيعة الحال لا سيما عزمه ونيته العمل به".
يرى الدكتور محمود حيدر، رئيس مركز دلتا للأبحاث المعمقة في لبنان، أن "الاهتمام المصري بموضوع انتخاب رئيس لبنان يرجع إلى رؤية القاهرة للأمن القومي والاستراتيجي العربي خاصة وأن استقرار لبنان تمثل استقرارا للأمن القومي المصري".
وقال حيدر في اتصال هاتفي مع مصراوي من لبنان، إن "ميشال عون جاء بصناعة محلية إقليمية دولية، والموقف المصري من انتخاب عون سيكون إيجابيا بكل تأكيد لأن اللبنانيين استطاعوا إنجاز العقدة الرئاسية التي استمرت عامين ونصف خاصة مع حالات الإرهاب والتفكيك الذي يضرب كل أنحاء العالم العربي".
وزار وزير الخارجية سامح شكري، العاصمة اللبنانية بيروت، في أغسطس الفائت والتقى خلالها بأغلب القوى السياسية الفاعلة في لبنان من أجل إنهاء أزمة الفراغ الرئاسي.
أما الباحثة السياسية إيمان زهران فترى أنه لا توجد "تحفظات مصرية على ميشال عون خاصة وأنه حليف استراتيجي لمحور حزب الله، بالمقابل حزب الله شهد فترة انفراجة في العلاقات الدبلوماسية مع مصر فيما بعد يناير 2011 وكذلك رفض مصر تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية".
غير أن زهران تقول في تصريحاتها لمصراوي، إن "الوضع قد يزداد توترا مع الجانب السعودي الرافض لكيان حزب الله خاصة بعد ضعف تحالفه المدعوم بالداخل اللبناني".
فيما يقول الكاتب الصحفي اللبناني عمّار نعمة إن"شخصيات مصرية زارت العماد ميشال عون في الرابية، بعيداً من الإعلام، مثلت تلك الزيارات محاولة جسّ نبض حيال المواقف التي سيتخذها عون في حال وصوله الى الرئاسة".
ويضيف نعمة في مقال نشرته صحيفة السفير اللبنانية أن " الزوّار المصريين خرجوا من الرابية بـانطباع إيجابي عن العلاقة التي سينسجها عون مع الطائفة السنية، وكذلك أعلن الزوّار المصريون عن رغبتهم بتحصين رئاسة الحكومة اللبنانية".
وأشار الكاتب اللبناني إلى "تلقي المصريين تطمينات عونية حيال نقاط ثلاث: العلاقة بالسنة، تحصين رئاسة الحكومة والعلاقة مع العالم العربي".
"الأزمة السورية"
الموقف من الأزمة السورية هو أحد الملفات التي تهتم القاهرة بها، خاصة وأن لبنان تشترك مع سوريا بحدود برية فضلا عن استضافتها لأكبر عدد من اللاجئين السوريين والذي يقدر عددهم بنحو مليون سوري يعيش معظمهم في ظروف سيئة.
ويعد الرئيس اللبناني الجديد ميشال عون أحد أهم حلفاء حزب الله الذي يقاتل منذ العام 2013 الى جانب النظام السوري.
ويقول الدكتور محمود حيدر إن "الموقف المصري يتوافق متوقع إلى حد كبير مع الموقف الرسمي اللبناني الذي سيتخذه ميشال عون وهو وحدة التراب السوري".
وتتفق معه الباحثة إيمان زهران التي تقول إن "مصر ترى فكرة التهدئة بالداخل اللبناني بوجود رئيس متوافق عليه من كافة الأطياف تهدئةً للأوضاع وتجنبا لشبح الحرب الأهلية اللبنانية"، مشيرة إلى أن "المنطقة مشتعلة بالملف السوري واليمني والتوتر السني الشيعي ما بين السعودية وإيران".
وتعهد عون الاثنين في خطاب القسم الذي أدلى به بعد انتخابه امام مجلس النواب بان يبقي لبنان بعيدا عن نيران النزاعات المشتعلة في المنطقة.
وألقى الرئيس الجديد خطابا قال فيه إن "لبنان السالك بين الألغام لا يزال في منأى عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة. ويبقى في طليعة أولوياتنا عدم انتقال أي شرارة إليه".
وأضاف "من هنا ضرورة ابتعاده عن الصراعات الخارجية".
ووجهت انتقادات إلى حكومة تمام سلام التي تشكلت بمباركة قوى إقليمية متصارعة كإيران والسعودية وتضم الأحزاب اللبنانية الرئيسية بما فيها حركة المستقبل التي يقودها سنيون برئاسة سعد الحريري بالإضافة إلى حزب الله الشيعي والأحزاب المسيحية.
وخرجت تظاهرت كبيرة في العاصمة بيروت احتجاجا على تردي أوضاع النظافة وتراكم القمامة في الشوارع وعلى ما وصفه بالفساد السياسية للحكومة التي طالبوها بالاستقالة.
وحذر رئيس الوزراء من أن الحكومة المثقلة بالديون لن تكون قادرة على دفع الأجور، وإذا لم تتمكن من الاقتراض مجددا فسيكون لبنان معرضا للوقوع في تصنيف الدول الفاشلة.
فيديو قد يعجبك: