بعد زيادة "البنديرة".. مصراوي يصاحب "تاكسي" خلال جولة في العاصمة
كتب- محمد زكريا:
على ناصية حي حدائق القبة بالقاهرة، يقف أيمن محمد في انتظار إحدى سيارات الأجرة، يشير إلى أحدهم ويسأل "روكسي يا أسطى"، يأتي جواب السائق سؤالًا أخر "هتدفع كام"، يرد الشاب "زي ما العداد يقول"، فيما تشير يد السائق بالرفض؛ مبررًا عدم اعتماد عداده للتعريفة الجديدة المقررة، بعدها انطلق السائق سريعًا، بينما استقل صاحب الـ24 عامًا سيارة أخرى، دار بينه وصاحبها حوار طويل، لم يخلُ من تعاطف الشاب مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يحياها السائق المُسن.
مساء الأثنين الماضي، اعتمد عاطف عبد الحميد، محافظ القاهرة، التعريفة الجديدة المقررة للتاكسي الأبيض، بقيمة 4 جنيهات كبداية لفتح حساب عداد التاكسي؛ بزيادة جنيه واحد فقط عن التعريفة القديمة، وزيادة سعر الكيلو متر الواحد إلى 175 قرشًا بدلًا من 140 قرشًا، وزيادة سعر دقيقة الانتظار بـ14 قرشًا لتصبح 39 قرشًا بدلًا من 25 قرشًا في السابق.
يأتي قرار زيادة تعريفة التاكسي الأبيض، بعد أيام من رفع أسعار المحروقات، في الثالث من نوفمبر الجاري، ليلة تحرير سعر الصرف في البنوك وفقًا لأليات الطلب والعرض، وزيادة أسعار السلع والخدمات.
بعد أن استقر "أيمن" على كرسيه بجانب السائق-حسن-، تبادل الأحاديث معه عن التعريفة الجديدة، "أبسط يا سطى، الأجرة هتزيد" يقولها "أيمن"، يرد الأخير "ولا يعملوا حاجة، أنا كنت أتمنى البنزين ميزدش والأجرة متزدش، كان أحسن ليا، لكن زيادة البنزين دي دمرتني". قبل أن يستفيض السائق بكلمات عن ظروف معيشية صعبة تحاصره منذ سنوات، غير أن زيادة الأسعار في الأشهر الأخيرة أصابته بسوء متزايد.
بعد أن أتم "حسن" خدمته الطويلة في العمل بإحدى شركات القطاع الخاص، خُصص له معاش ضئيل، وصل إلى 750 جنيهًا فقط. لذلك كان على الأب لابنة تتقاضى مرتب ضئيل بعد إتمام دراستها بكلية العلوم، وابن لايزال طالبًا بأحد المعاهد الخاصة، البحث عن مصدر رزق يستطيع من خلاله تلبية احتياجات أسرته الصغيرة، رغم سوء أحواله الصحية "بشتغل على التاكسي 3 أو 4 ساعات في اليوم"، غير أن ارتفاع الأسعار في الفترة الأخيرة زاد من أعباء صاحب الـ65 عامًا "لولا أن مراتي موظفة كنا موتنا من الجوع".
رغم ما يعانيه "حسن" من سوء أحواله المادية، إلا أنه يواظب على ضبط عداد سيارته. الأمر يتعدى ذلك أحيانًا، إذ يتذكر موقف جمعه بأحد الزبائن، عندما استقلت سيدة أربعينية سيارته، طلبت منه أن يحملها إلى مكان يتكلف أجرته 50 جنيهًا، غير أن قصر يد "الزبونة" التي عبرت عن عجزها عن دفع الأجرة المطلوبة، دفعه السماح لها الرحيل دون أن يتقاضى أي مليم. أخر يتعلق برجل يحمل ولده المريض، فما كان من "حسن" إلا أن حصل على 25 جنيهًا فقط، رغم أنه يتقاضى على مثيله ما يصل إلى 40 جنيهًا "مش هبقى أنا والزمن عليه يعني".
قبل عامين، كان "حسن" يتحصل على وقود سيارته؛ بنزين فئة 80 بحوالي 90 قرشًا حتى وصل سعره الآن إلى ما يقارب 240 قرشا، نفس الأمر بالنسبة للغاز الطبيعي الذي وصل سعره إلى 160 قرشًا بدلًا من 40 قرشًا في السابق، بجانب زيادة أسعار كل ما يتعلق بسيارته الصغيرة من قطع غيار وصيانة، لذلك وجد ابن حدائق القبة أن الزيادات الحكومية المقررة لا تتناسب مع الزيادة في ارتفاع الأسعار.
وافقه "أيمن" على الفور، فيما خص تأثير ارتفاع أسعار الوقود على كل مناحي الحياة، فالشاب الذي اعتاد استقلال "الأتوبيسات والميكروباصات"، لم ينج من أضرار تلك الزيادات على مرتبه الضئيل الذي يصل في حده الأقصى إلى 1800 جنيهًا شهريًا، لذلك أصابت كلمات "حسن" تعاطف الشاب العشريني.
بعدها ودع الشاب السائق، بعد أن أتفق الطرفين على السعر الذي يتناسب مع حجم الخدمة المقدمة، خصوصًا أن "حسن" لم يتقدم حتى اللحظة لضبط عداده على التعريفة الحكومية الجديدة "بتحصل كتيير يبقى المشوار 8 جنيه ألاقي الزبون إداني 15، ويقولي عشان أنت لسة مزودتش ياسطى.. الناس الغلابة بتحس ببعضها".
فيديو قد يعجبك: