"اللي جاب مجموع ولا طالشي".. أين يذهب أصحاب الـ97% بعد ضياع حلم الطب؟
كتب - محمود عبد الرحمن:
مع بداية صباح اليوم المحدد لإعلان نتيجة المرحلة الأولى للتنسيق، ظلت أسرة محمود حسانين، طالب بالثانوية العامة في ترقب، للاطمئنان على مستقبل نجلها خريج شعبة علمي علوم، على أمل أن يلتحق بكلية طب الأسنان أو كلية الصيدلة بحد أدنى في حالة ارتفاع تنسيق كليات القمة، لكنه لم يلحق قطار أي منهم، ما شكل صدمة لهم "بيطري بس اللى قبلته" يقولها والد الشاب بغضب.
قبل أسبوعين، صدم محمود، الطالب بمدرسة التحرير، التابعة لإدارة الطود بمحافظة الأقصر، بحصوله على مجموع 97.7%، بالشهادة الثانوية، بعدما توقع لنفسه أكثر من ذلك. قرر والده التقدم بتظلم، رفض الشاب، كان على يقين أنه سيتمكن بهذا المجموع من الالتحاق بكلية طب الأسنان أو الصيدلة أو حتى العلاج الطبيعي.
"ولا حاجة من اللى كنت عاوزها جت.. الصيدلة فرقت معايا على درجة" قالها الشاب، قرر أن يرضخ لرغبة والده السابقة، تقدم بتظلم في مادتي العربي والجيولوجيا، على أمل الحصول على الدرجة التي تقف حائلا أمام أحلامه.
يبلغ عدد طلاب شعبة علمي علوم بالمرحلة الثانوية 55 ألف طالب، حصل 28% منهم على مجموع يفوق نسبته الـ 95%، وحصل 30152 طالبا وطالبة منهم على مجموع يفوق الـ 97%، و13146 طالبا وطالبة حصلوا على مجاميع تتراوح نسبتها بين 96 % و 97%، و11702 طالب وطالبة حصلوا على مجاميع بين الـ 95% و 96%.
في الوقت، الذي أصيب فيه بعض طلاب المرحلة الأولى بالصدمة من التنسيق بشعبة علمي علوم، كان طلاب تنسيق المرحلة الثانية بنفس الشعبة يأملون في بقاء بعض المقاعد لهم بكليات القمة، تقول رضوى جمال، الحاصلة على مجموع 97.1%، "كل سنة بيكون في أماكن في كليات القمة للمرحلة الثانية.. بس خلاص الحلم راح".
"اللى جايب 97.7% مرحلة أولى مدخلش صيدلة ولا أسنان هيكون لينا إحنا مكان" لم يعد أمام رضوى سوى أن تلتحق بكلية طب الأسنان بإحدى الجامعات الخاصة، حتى تحقق حلم أسرتها في البالطو الأبيض، بعدما خاب أملها في الالتحاق بها بالجامعات الحكومية، بدأت تسأل أقاربها ممن خاضوا تجربة الالتحاق بالكليات الخاصة، لمعرفة نظام الدراسة ومصاريف هذا العام "المصاريف صعبة بس هعمل ايه مفيش حل تاني".
"الكليات الخاصة أحسن من حرقة الدم والتنسيق"، تبنت ماريا ايليا، نفس وجهة نظر رضوى، بعدما حصلت على مجموع 96.8%، وفشلت في الالتحاق بتنسيق المرحلة الأولى.
وعلى الفور تقدمت أسرتها بأوراقها في إحدى الكليات الخاصة قبل ظهور نتيجة التنسيق، تقول ماريا "عمرها ما حصلت إن المرحلة الأولى تكون بحد أدنى 97.7 %".
يقول إيليا، والد ماريا: "دخول طب أسنان من المرحلة الثانية صعب علشان كده قدمت وقولت اختصر الطريق"، لكن القلق لا يزال يساور ماريا وأسرتها لما شهدته من زحام "ارتفاع التنسيق خلى الطلاب تلجأ للجامعات الخاصة لتحقيق أحلامهم".
بمجموع 97.4% بشعبة علمي علوم، اجتازت الطالبة "مريم حسن" المرحلة الثانوية العامة، انتابتها الفرحة بعد علمها المجموع، ظنًا منها بأنها ضمنت الالتحاق بكلية الصيدلة التي تحلم بها "كنت فاكرة إني هدخل صيدلة"، وعلى عكس ما توقعت خرجت من المرحلة الأولى.
"زعلت جدًا بس كان عندي أمل أني في أسوأ الحالات هدخل صيدلة أقاليم".. لكن أمل الفتاة أصبح محالا بعدما أعلنت كليات الصيدلة عدم وجود أماكن بها خلال المرحلة الأولى.
"مصاريف الكليات الخاصة صعبة جدًا عليا" لا تستطيع مريم - الأولى على مدرستها - الالتحاق بجامعة خاصة مثل السابقين، نظرًا لظروفها المادية بعدما عانته أسرتها من مصاريف المرحلة الثانوية، "واحدة صحبتى قدمت بتقول السنة في كلية الاسنان خاص بـ 63 ألف جنيه" فأصبحت مجبرة على انتظار تنسيق المرحلة الثانية وتسجيل رغباتها الجديدة "بفكرة في السن أو حاسبات ومعلومات الجديدة للقسم العلمي".
"كنت بحسب درجاتي في كل مادة" مع بداية امتحانات الثانوية العامة، اعتاد مؤمن صلاح عبدالقادر، طالب بمدرسة بنها الثانوية، على مراجعة درجاته أول بأول عقب نهاية كل امتحان، وتقدير درجات كل سؤال يقوم بالإجابة عليه لكي لا يفاجأ بالمجموع في النهاية "المفروض أني كنت جبت 98 ونص".. خاب تقديره، وحصل على 97.7% "قولت أقدم عادي في المرحلة الأولى، واعمل تظلم ولو جت درجات أدخل حاجة تانية."
قبل ظهور نتيجة التنسيق، اتفق مؤمن مع والدته على عدم السفر للقاهرة لإجراء عملية مطابقة الأجوبة في المواد التي تقدم بالتظلم بها، على أمل أن يلتحق بكلية طب الأسنان أو الصيدلة، لكن نتيجة التنسيق جاءت غير ما اشتهاه. فقرر مؤمن العودة إلى طريق التظلم من جديد، على أمل أن يحصل على درجة وحيدة تغير مجرى حياته القادمة، وتحقق أمنية والده المتوفي "بابا الله يرحمه كان عاوزني دكتور أسنان زي أخويا الكبير".
كلية الطب البيطري كانت أمنية زياد منتصر، طالب بمدرسة المنيا الثانوية، والذي حصل على مجموع 96.5%، "حلوة بيطري ويارب ادخلها" يقول الشاب.
كان حلم زياد الأول هو الالتحاق بكلية العلاج الطبيعي ولكن مع ارتفاع التنسيق، تراجعت أمنياته ووضع كلية الطب البيطري كرغبة أولى "أي كلية طبية وخلاص أحسن من مفيش خالص".. يختتم زياد بصوت يشوبه اليأس.
فيديو قد يعجبك: