لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أكراد سوريا يكافحون لإبعاد الجهاديين

04:41 ص الإثنين 17 مارس 2014

أكراد سوريا يكافحون لإبعاد الجهاديين

استولت عناصر تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على قرية تل معروف في ساعة مبكرة من الصباح، وذلك في هجوم باغت القرية التي لم تكن تحظى بحراسة قوية.

وقالت امرأة من أهل القرية رفضت الإفصاح عن اسمها مسلحي داعش جاءوا إلى منزلنا واقتحموا الباب.. انتابتنا حالة من الرعب.. كان الظلام مخيما وظل الأطفال يبكون ويصرخون.

وأضافت أن المسلحين أشهروا أسلحتهم في وجوهنا وقالوا لنا: تحركوا.. وإن تحدثتم إلى الأطفال بالكردية سنطلق عليكم الرصاص.. فصمتنا جميعا وتحركنا.

وتم نقل المرأة مع مجموعة صغيرة أخرى من الأهالي إلى قرية تل حميس القريبة التي مازالت خاضعة لسيطرة (داعش)، وهي جماعة من الجهاديين تتسم ممارساتهم بالتشدد، لدرجة أن تنظيم القاعدة تنصل منها.

وجرى استجواب النساء ثم أطلق سراحهن بعد ذلك مع أطفالهن. ومازال بعض الرجال رهن الاحتجاز.

احتلت (داعش) قرية تل معروف في أقل من 24 ساعة.

وتحركت وحدات الحماية الشعبية – وهي عناصر مسلحة كردية تدير هذه المنطقة المعروفة باسم الجزيرة – لشن هجوم مضاد، مما أفضى إلى انسحاب مقاتلي (داعش). وتقع الجزيرة في منطقة نائية شمال شرقي سوريا بمحاذاة الحدود التركية والعراقية.

وخلّف مقاتلو (داعش) آثارا من الدمار في قرية أصبحت مهجورة من أهلها باستثناء الدجاج والقطط والكلاب الضالة ومقاتلي وحدات الحماية الشعبية الكردية.

فقد نهبوا وأحرقوا كل المباني ذات الصلة بوحدات الحماية الشعبية الكردية.

وكان أشد الدمار من نصيب مسجدين تعرضا لعمليات هدم ممنهجة. لم يكن ذلك ضمن الأضرار المصاحبة لحرب، وإنما هو دمار متعمد.

كانت هناك كومة من الرماد وصفحات متفحمة من مصاحف أحرقت.

وتتبع المساجد والمعاهد الدينية المجاورة والمساكن - التي أحرقت أيضا - الطريقة النقشبندية، وهي واحدة من الطرق الصوفية السنية التي يعتبرها الأصوليون المتشددون أمثال (داعش) بمثابة هرطقة.

وهذا ما يفسر، على نحو افتراضي، حرق المصاحف، باعتبار أنها تعرضت للتدنيس على يد هذه الجماعة.

لكن الصراع هنا ليس بين الأكراد السوريين والعرب.

في مقبرة بحقل في قرية عين الخضرة، شاهدنا مراسم تشييع مؤثرة للغاية لشخص يدعى تحسين المشوّا من قبيلة الطائي، إحدى كبرى القبائل العربية.

تدفق الآلاف من الأكراد إلى المقبرة، حيث شاطروا أقارب تحسين، وهو مقاتل في وحدات الحماية الشعبية الكردية، الحزن على فقيدهم.

وقال جمال الخروف، ابن عم تحسين، غاضبا لا توجد مشاكل بيننا.

وأضاف أن المشكلة تكمن في هذه العصابات التكفيرية الإرهابية التي ترسلها السعودية وقطر وتركيا ، في إشارة إلى المتطرفين الذين يعتقدون أن المجتمع الإسلامي ارتد إلى حالة من الكفر وبناء عليه يضفون شرعية على تنفيذ هجمات تستهدف مسلمين آخرين.

ومضى جمال قائلا إن الغرب يرسل إلينا من ورائهم الإرهابيين وحثالة أوروبا. إنهم يطلقون لحاهم، غير أنهم لا يمتون إلى الإسلام بصلة. أي نوع من المسلمين يقدمون على تدمير مسجد وتدنيس قبر شيخ كان يعلّم أجيالا من التلاميذ؟

وتقر (داعش) بنفسها بأن اثنين من قتلاها في تل معروف من دولة الإمارات العربية المتحدة.

استطعنا زيارة أحد السجون حيث تحتجز قوة أمن كردية رئيسية سجناء إسلاميين قيل لنا إن وحدات الحماية الشعبية الكردية ألقت القبض عليهم خلال اشتباكات أو اعترضتهم أثناء إحباط عمليات تفجير انتحارية.

لكن لم يسمح لنا بالحديث إلى من شاهدناهم من السجناء، والذين يقال إنهم سوريون، من العرب والأكراد.

لكننا شاهدنا جوازات سفر ومستندات هوية، قالت وحدات الحماية الشعبية الكردية إنها عثرت عليها في ملابس تسعة مقاتلين ينتمون لداعش أو جماعة (جبهة النصرة) – فرع تنظيم القاعدة العامل في سوريا – بعد مقتلهم في اشتباكات في الآونة الأخيرة.

وكان هؤلاء ثلاثة أتراك وثلاثة عراقيين وتونسي وليبي وبحريني. وأظهرت الأختام على جوازات سفرهم أنهم عبروا من خلال تركيا.

احتل لواء النسور التابع لجبهة النصرة قرية كرهوك القريبة لمدة ستة أشهر.

وبالرغم من أن القرية، التي تقع على مقربة من حقل الرميلان النفطي، تسكنها غالبية عربية، إلى أن سكانها فروا منها وعادوا بعد أن طردت وحدات الحماية الشعبية عناصر جبهة النصرة.

وقال علي الصالح، رئيس جمعية المزارعين المحليين، إن (جبهة) النصرة كانت مهتمة بالنفط. لقد رحلوا الآن، وأصبحت الأمور مستقرة، وعدنا إلى منازلنا مرة أخرى. لكن النفط مازال مشكلة. هناك حالة من الفوضى.

ويقول قادة في ميليشيا وحدات الحماية الشعبية الكردية وحركتها السياسية، حزب الوحدة الديمقراطي، إنهم فقدوا ما يربو على 500 مقاتل أثناء طرد (داعش) وجبهة النصرة وجماعات إسلامية أخرى.

وقال ألدار خليل إنه قد تكون لدينا خلافات سياسية مع بقية المعارضة السورية، غير أن مشكلتنا الرئيسية هي مع جماعتي (داعش) وجبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة.

وأضاف خليل إنهم يسعون إلى التغلغل هنا وجعل سوريا مركزا وقاعدة لهم. لذا يتعين علينا أن نواجههم ونقاتلهم.

ومضى قائلا يبدو أن (داعش) اتخذت قرارا استراتيجيا بمحاربتنا. إنهم يرغبون في السيطرة على المنطقة. سيقاتلون أي قوة تقف في هذا الطريق.

وأعلن حزب الوحدة الديمقراطي وأفرعه في يناير/ كانون الثاني تأسيس إدارة ذاتية ديمقراطية في ثلاثة أقاليم يغلب عليها الأكراد – الجزيرة في الشمال الشرقي، وعين العرب في القطاع الأوسط، وحول إفرين في أقصى الشمال الغربي من سوريا.

وبالرغم من هذا الإجراء، نفى الحزب اتهامات بأنه يريد ضم هذه المناطق والسعي للحكم الذاتي الذي يبدو استقلالا ظاهريا، كما فعل الأكراد في العراق المجاور.

ويقول خليل نحن جزء من سوريا، بغض النظر عن النظام الحاكم. النظام شيء والدولة شيء آخر. ربما تكون هناك خلافات مع النظام الحاكم ونرغب في تغييره، لكن لا يصل الأمر إلى حد جغرافية سوريا. هذه الأقاليم مازالت جزءا من سوريا وتخضع لدولة مركزية.

هذا التناقض يظهر واضحا للعيان أثناء التجول في مدينة القامشلي، أكبر مدن إقليم الجزيرة.

تزين صورة كبيرة للرئيس السوري بشار الأسد مدخل أحد مكاتب البريد المزدحمة. كما يقف تمثال للرئيس السابق حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي بشار الأسد، في أحد الميادين التي تعج بالنشاط. وهو أحد التماثيل القليلة التي نجت من الانتفاضة التي عمت أرجاء البلاد.

وتوجد علامات كثيرة على تعايش فعلي بين قوات الدولة وقوات الأكراد.

كما أن حزب الوحدة الديمقراطي على صلة وثيقة بحزب العمال الكردستاني التركي، حيث تزين صور لزعيم الحزب المسجون، عبد الله أوجلان، مكاتب في شتى ربوع المناطق الكردية السورية.

ويذكر أن سوريا دعمت حزب العمال الكردستاني في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي وكانت تستضيف أوجلان حتى اضطرت دمشق بسبب الحشد العسكري التركي إلى طرده من أراضيها عام 1998، وهو ما أفضى إلى القبض عليه واعتقاله في كينيا في العام التالي.

لذا فإن الروابط التي تجمع بين النظام الحاكم وحزب العمال الكردستاني وأفرعه لها باع طويل.

يعتبر الكثير من سكان الأقاليم التي يغلب عليها الأكراد أنه من البديهي وجود تنسيق رفيع المستوى غير مرئي بين النظام الحاكم وحزب الوحدة الديمقراطي، حتى ولو كان غير معلوم على مستوى القاعدة الشعبية.

لكن هناك تصورا آخر، وإن كان متناقضا إلى حد كبير، مفاده أن النظام الحاكم يتعاون على نحو وثيق أيضا مع (داعش) والجماعات الإسلامية الأخرى التي يقاتلها الأكراد.

وترجع جذور مزاعم تواطؤ النظام الحاكم مع الشبكات الإسلامية المتشددة إلى عشر سنوات مضت أثناء الحرب في العراق. حينها اتهم مسؤولون عراقيون وأمريكيون وآخرون دمشق بتسهيل عمل الجهاديين وتشجيعهم على عبور الحدود والانضمام للتمرد.

وثمة العديد من القصص المتعلقة بعزوف قوات الحكومة عن قصف مواقع تابعة لداعش، لكنها تقصفها إذا استولت عليها جماعات معارضة أخرى.

وقال أحد الأكراد متحيرا يبدو أن النظام الحاكم له يد في كل شيء، ولا نعرف إن كان صديقا أم عدوا.

وفي أنحاء منطقة الجزيرة، مازالت الحكومة السورية تدفع رواتب المعلمين وأطقم العمل الطبي في المستشفيات والعاملين في البلديات وآخرين. كما أن التعامل مع الوثائق الرسمية ينبغي أن يتم في مكاتب الحكومة في الحسكة، عاصمة الأقليم.

ولا يحظى المسار الذي اتخذه حزب الوحدة الديمقراطي بالموافقة في الأقاليم، حيث يواجه انتقادات كثيرة من جانب الفصائل السياسية المتنافسة التي تتهمه بفرض نفسه من خلال أسلحة وحدات الحماية الشعبية الكردية.

ويبدو أن كثيرا من الأكراد يوافقون على أن الحزب الديمقراطي الكردي، المهيمن في إقليم كردستان العراقي، يحظى بشعبية أكبر من حزب الوحدة الديمقراطي بالرغم من السيطرة التي يتمتع بها الأخير على الأرض في سوريا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان