الأضرار الاقتصادية المحتملة للعقوبات على روسيا
من المتوقع أن تخسر روسيا، التي تقترب من حافة الركود، الكثير حال مواجهة عقوبات اقتصادية من جانب أوروبا والولايات المتحدة. ويُتوقع أيضًا أن تعاني أوروبا هي الأخرى من تلك العقوبات المحتملة على روسيا وفقًا لخبراء.
وقد أسفرت المواجهة المحتدمة بين روسيا وقوى الغرب فيما يتصل بالموقف من القرم وأوكرانيا عن عقوبات سوف تُفرض على النخبة الروسية من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ووقع باراك أوباما، الرئيس الأمريكي، أمرًا بتفعيل العقوبات الاقتصادية على قطاعات كبيرة من الاقتصاد الروسي في حين يجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل للتفكير في الخيارات المتاحة أمامهم بهذا الشأن.
قال الباحث الاقتصادي في بروكسل، بول إيفان قد تخرج روسيا بخسائر ضخمة جراء تلك العقوبات. وسوف يكون الضرر الواقع عليها أكبر بكثير مما سنلاقيه لأنها تعتمد على الاقتصاد الأوروبي أكثر مما نعتمد نحن عليها.
وأضاف إيفان أن أكثر من نصف الميزانية الروسية يعتمد على النفط والغاز الذي تصدره إلى دول أوروبا مما يجعلها أكثر عرضة للخطر حال فرض عقوبات على صادرات الوقود الحفري إلى أوروبا.
وعلى الجانب الآخر، يأتي حوالي 25 في المئة من الغاز الذي تستهلكه دول أوروبا من روسيا.
ولكن الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي تعتمد على إمدادات الغاز النرويجية مما يجعلها أقل عرضة للآثار السلبية التي قد تنتج عن نقص إمدادات الغاز الروسي.
وكان الجانبان قد تعرضا لموقف مشابه في 2009 عندما أوقفت روسيا الغاز عن أوكرانيا بسبب النزاع على سداد الأموال المستحقة، ولكن لا يُتوقع هذه المرة أن تتأثر دول أوروبا سلبًا بالعقوبات المحتملة على النفط والغاز الروسيين.
وقال هيرمان فان رومبوي، رئيس الاتحاد الأوروبي نفكر في التقليل من الاعتمادية على الغير في توفير منتجات الطاقة. فقد كانت أوروبا منذ نشأتها موطنًا للفحم والحديد. ولكن يبدو أننا، بعد 64 سنة، أصبحنا في حاجة إلى التحرك نحو اتحاد للطاقة الأوروبية.
وأثارت الأحداث في أوكرانيا وروسيا حالة من القلق لدى المستثمرين، خاصةً بعد تردد الحديث عن مناقشة الكرملين مصادرة الأصول والشركات الأجنبية حال فرض عقوبات دولية على روسيا.
وقال إيفان إذا سمعت عن تأميم الأصول، فلابد أن أبدأ على الفور في البحث عن سوق أكثر استقرارًا.
وأضاف أن المستثمرين الأوروبيين انتابتهم حالة من الفزع من تداعيات الموقف في أوكرانيا وبدأوا في ممارسة الضغط على وزراء الاتحاد الأوروبي في اتجاه عدم فرض عقوبات على روسيا.
وكانت الأسهم الروسية قد تراجعت يوم الجمعة الماضي متأثرةً بالعقوبات الاقتصادية المحتملة.
ومن المتوقع ألا يكون للعقوبات الاقتصادية على روسيا أثر كبير على الولايات المتحدة في حين تشير التوقعات إلى أنها سوف تؤثر سلبًا على أوروبا وفقًا لإيفان.
وأضاف أن الاقتصادات بينها علاقات متداخلة، ومن الواضح أن أوروبا سوف تتأثر سلبًا إلى حدٍ كبيرٍ بذلك.
وقالت شركة جيه إل تي للتأمين والاستشارات المالية التابعة لفوتسي البريطانية إن عقوبات مثل تلك المفروضة حاليًا على بنك روسيا الروسي من الممكن أن تشكل خطرًا على التعاملات النقدية في البنوك الأوروبية.
وقالت رئيسة قسم الائتمان وتحليل المخاطرة السياسية بالشركة، إليزابث ستيفنز، إن الشركات الأوروبية من الممكن أن تتلقى ضربة موجعة في وقت لا زالت فيه البنوك الأوروبية تعاني من الهشاشة.
وأضافت أن خطابات الضمان غير المدفوعة والقروض التي تعثر العملاء في سدادها، على سبيل المثال، سوف تزلزل أركان القطاع المصرفي الأوروبي.
ومن الممكن أن تتعرض أوكرانيا أيضًا لخسائر اقتصادية حال فرض العقوبات على روسيا إذا أوقف المستثمرون العمل بمشروعات الطاقة هناك.
وذكرت ستيفنز أن شركات مثل شيفرون وشل وبي بي لديها تعاقدات بملايين الدولارات هناك، ومن غيرالمعلوم في الوقت الحالي ما إذا كانت تلك الاستثمارات سوف تستمر في حقول الغاز الأوكرانية أم لا.
ويمكن أن تتعرض الدول الأوروبية على المستوى الفردي لأضرار اقتصادية حال فرض العقوبات على روسيا.
فمن الممكن أن تتعرض فرنسا، على سبيل المثال، لخسارة الصفقات المحتملة لبيع السفن الحربية لروسيا في حين تريد بريطانيا أن تشتري روسيا العقارات بها وفقًا لستيفنز.
وترى أيضًا أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يريدان المُضي قُدمًا في طريق الحلول الدبلوماسية للأزمة في أوكرانيا وأنهما لا يريدان الوصول إلى نقطة تؤدي بهم إلى الحظر الاقتصادي الكامل على روسيا.
على ذلك، من الممكن أن تؤدي العقوبات المحتملة إلى انكماش الاقتصاد الروسي، لكن تداعياتها قد تكون خطيرة على أوروبا كلها.
فيديو قد يعجبك: